حمدي رزق | الاثنين ٢٤ اكتوبر ٢٠١٦ -
٥٧:
١٠ ص +02:00 EET
حمدي رزق
لم يرزق الشهيد عميد أركان حرب عادل رجائى بأولاد، لكنه رزق بالشهادة، هنيئاً للشهيد بالشهادة، والصبر والسلوان لزوجته، أختى الحبيبة سامية زين العابدين التى أحبت عادل حباً فى الجندية، وتزوجته عن حب جارف، كان نعم الزوج وكانت الزوجة الوفية التى برت جيشها بزوجها.
اغتالوا الزوج الطيب وحرقوا قلبها على رفيق دربها، وأنيسها، لكنها مثل كل الزوجات صابرة، محتسبة، متحدية، سامية كالفولاذ الصلب، لا تنكسر، ولم تلن عزيمتها، وحوّلت شهادة زوجها إلى أيقونة شهادة، عادل رجائى شهيد كل بيت مصرى.
إلى جنة الخلد يا عادل، طلبت الشهادة أمام الكعبة ونلتها، وإذ تركت زوجتك الطيبة فهى فى عيون الوطن، قر عيناً فسامية التى نذرت حياتها للدفاع عن خير أجناد الأرض ستظل على العهد، قوية، متحدية، صابرة، محتسبة، سامية عنوان عريض لزوجات الشهداء، كل زوجة فقدت الرفيق فى الطريق، يلهمها الله صبراً، وصبر جميل.
قصة عادل وسامية والحب الكبير يعرفها كل دفعة المراسلين العسكريين، يعرفها إخوتها، أسامة هيكل وياسر رزق وطاهر قابيل وجميل عفيفى ومحمد على السيد وعادل عبدالعزيز وفاطمة سيد أحمد وكاتب هذه السطور، قصة حب مصرية، سامية لم تدخر حباً لهذا الضابط الشجاع، وكان لها خير زوج وأخ وأب وابن، عوضها عن كل الفقد ولوّن حياتها بالفخر.
سامية زين العابدين قبل أن تكون زوجة كانت مواطنة مصرية مجندة طواعية هبت للدفاع عن الجيش المصرى، وخاضت معارك قاسية مع إرهابيى الإخوان يوم أن كانوا يمسكون بخناق مصر، بألف رجل مما تعدون.
تركت كل شىء وراءها، كان زوجها فى الصحراء يدافع عن الحدود، وهى مرابطة قبالة وزارة الدفاع، مكانها الذى لم تبارحه طوال عام الإخوان الأسود، وكم تعرضت لسفالات وقاذورات الإخوان، ولكن علم مصر فى يدها عالياً، وصوتها جهورى على الفضائيات، لا خافت يوما ولا خشيت انتقام الإخوان.
لم تهنأ يوماً بزوجها مثل كل الزوجات، سويعات، ثم تودعه على أمل اللقاء، وهى فى الطريق لمهمتها التى نذرت نفسها لها، ولم تشأ يوما أن تستريح، ظلت حتى ساعته وتاريخه مراسلة عسكرية جسوراً، كانت تسبقنا فى الصحراء، وتقتحم الصعب من المهمات الصحفية، سامية دوماً فى المواقع الأمامية بقبعتها الشهيرة، لم تخلعها يوماً وكأنها خوذة مقاتل، حتى يوم زفافها لم تخلع قبعة الميدان.
سامية نوعية من الزوجات المصريات التى جبلت على الصبر والاحتمال، وقاست وعانت، وفى قلب المحنة ودماء تغرق ثوبها، لم تضعف، هبّت من كسرتها وحرقة قلبها على زوجها قوية كالإعصار، تصرخ فى المصريين جميعا، تدق كل باب، أنا زوجة الشهيد، أنا التى أكرمها الله بالشهادة، عادل شهيد، وكل جندى مصرى مشروع شهيد، تبدل الحزن فداء، فليصبر قلبك ويعوضك الله خيراً، وصبر جميل.
العميد أركان حرب عادل رجائى لم يتاجر بالتضحية، لم يكن يوماً من الأثرياء، شقة صغيرة فى العبور تكفيه، كفاف العيش، لقيمات يقمن صلبه، مثل هؤلاء اشتروا بالحياة الدنيا الآخرة، ربحت تجارتهم، الشهيد الحى هو النموذج والمثال، وكم من قادة وصفّ وجنود، أبطال تعودوا شظف العيش، ونذروا أنفسهم لوجه الوطن من بعد وجه الله، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر الشهادة من الله.
عادل رجائى دخل قلوبنا، نحن إخوتها، يوم دخل قلب سامية، ودخل قلوب المصريين جميعا يوم استشهد دفاعاً عن الوطن المفدى، رجال يبذلون الدماء سخية يشقون طريق الوطن، وأشباه رجال يقطعون طريق الوطن، وإرهابيون يغتالون خير الرجال، والشعب شاهد وينتظر يوم القصاص العادل لـ«عادل». طوبى للشهداء، وإن كان فى أرضك مات شهيد.. فيه ألف غيره بيتولد
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع