الأقباط متحدون - داعش، بندقية للإيجار أنتهى دورها
أخر تحديث ٠٣:٤٢ | الثلاثاء ٢٥ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ١٥ | العدد ٤٠٩٣ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

داعش، بندقية للإيجار أنتهى دورها

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

د.عبدالخالق حسين
لقد بات واضحاً، أن "داعش" أو ما يسمى بالدولة الإسلامية (IS) أو (ISIS)، هي نتاج مؤامرة محلية وإقليمية ودولية، لغرض واحد في البداية، وهو منع السيد نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي السابق من ولاية ثالثة بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2014. وقد عقدوا الأمل في أول الأمر للتخلص منه على الانتخابات عسى أن يفشل، ولما خاب أملهم، استخدموا هراوة داعش، حيث تم تسليم محافظة نينوى (الموصل) ومن ثم محافظة صلاح الدين (تكريت) وقضاء الفلوجة بدون إطلاق رصاصة واحدة، إذ تمت عملية التسليم وفق مخطط أتفق عليه خصوم المالكي في الداخل والخارج للتخلص منه. وكان لهم ما أرادوا، وتم اختيار الدكتور حيدر العبادي بديلاً له، والذي لحسن الحظ، أثبت جدارته. وقد ذكرنا الأدلة على صحة ما نقول، في مقالنا الموسوم (تحية للجيش الذي أسقط "أسطورة" داعش)(1)، بمناسبة تحرير محافظة صلاح الدين (تكريت) في العام الماضي. ومن هذه الأدلة على سبيل المثال لا الحصر، نذكر أن الرئيس أوباما رفض مساعدة العراق في محاربة داعش، كما و رفض حتى تسليم الطائرات الحربية التي دفع العراق أثمانها مسبقاً، طالما بقي المالكي رئيساً للحكومة. ويشار إلى أن مسؤول إسرائيلي كبير، أنتقد الإدارة الأمريكية في حربها على داعش، قائلاً يجب عدم القضاء على داعش، بل تركها لإشغال العرب، فوجود داعش ضروري لضمان أمن إسرائيل.

فمن الأخطاء القاتلة التي ارتكبها السيد نوري المالكي، هو اذعانه لضغوط إيران برفض بقاء عدد من القطعات العسكرية الأمريكية في العراق ضمن اطار الاتفاق الاستراتيجي المعقود بين البلدين عام 2011، بذريعة أن بقاء هذه القوات يخل بالسيادة الوطنية. وبعد (خراب الموصل)، نحن إذ نسأل: أيهما أكثر إساءة للسيادة الوطنية، بقاء عدة آلاف من العسكريين الأمريكان لتدريب قواتنا العسكرية، ورفع قدراتها الدفاعية، ومنع تجاوزات دول الجوار على حدود بلادنا، أم احتلال ثلث مساحة العراق من قبل عصابات الدواعش، شذاذ الآفاق وحثالات البشرية، الذين دنسوا الأرض وهتكوا العرض؟ فأية سيادة هذه؟ إنها عقدة العناد والمكابرة، وسوء الفهم لمفهوم السيادة الوطنية في عصر العولمة، حيث تشابكت المصالح، والمشكلة الوطنية تعتبر مشكلة عالمية. فهاهي القوات الأمريكية تعود بطلب من الحكومة العراقية للمساعدة في تحرير المناطق المحتلة من الدواعش. والكل يعلم أن 80-90% من الدواعش هم من أبناء المنطقة، وأغلبهم من قوات الحرس الجمهوري الصدامي السابق.

لقد بالغ الإعلام العربي والغربي بقوة داعش، وجعلوا منها قوة أسطورية لا تقهر، التي "هزَّمت" الجيش العراقي المدجج بما قيمته عشرات المليارات الدولارات من السلاح الحديث. والغرض من كل هذا التهويل هو ابتزاز الحكومة (التي يهيمن عليها الشيعة، والموالية لإيران)، كما يزعم خصوم العراق الجديد، ولكسر هيبتها. هذا الكلام بالطبع سيضعنا في خانة (نظرية المؤامرة)، ... فليكن !.

وأخيراً، وكما هو المعهود دائماً، انقلب السحر على الساحر، فداعش انتقم حتى من أهل السنة الذين رحبوا بهم، فهتكوا الأعراض، وقتلوا منهم الألوف، وشردوا مئات الألوف، وأذاقوهم سوء العذاب، و وصل إرهابهم حتى إلى الدول التي خلقتها ودعمتها بالمال والسلاح، مثل تركيا والسعودية، كما وصل إرهابهم إلى أوربا وأمريكا وكندا. لذلك تم تشكيل التحالف الدولي لمساعدة العراق للتخلص من داعش التي انتهى دورها في تدمير العراق وسوريا.

فالجيش الذي حاولوا تدمير معنوياته، هو نفسه الذي قام بتحرير محافظة صلاح الدين، ومن ثم محافظة الأنبار بما فيها الفلوجة التي اعتبروها قلعة الدواعش "الثوار" كما كان يسميها بعض المشاركين في العملية السياسية، وهم في الحقيقة يمثلون الذراع السياسي لداعش في السلطة.

وأخيراً جاء اليوم المشهود، يوم تحرير الموصل "عاصمة الخلافة" لأبي بكر البغدادي، بعد تحضيرات دامت طويلاً، بصبر وحكمة، فانطلقت الشرارة في فجر يوم الإثنين، 17/10/2016، وإذا بالجيش يزحف نحو الموصل بأسرع مما كانوا يتوقعون، بشهادة القادة العسكريين العراقيين والأمريكان، وهذا يستحق الثناء والتحية لقواتنا المشتركة الباسلة.

لا أحد يدعي أن تحرير الأرض والعرض من رجس الأشرار الأنجاس عملية سهلة، وبدون تضحيات، إلا إننا استبشرنا بانتصارات القوات المشتركة الرائعة على جحافل الظلام. فبشهادة الديلي تلغراف اللندنية "إنها علمت من سكان مدينة الموصل إن أعداداً من مسلحي التنظيم تفر ليلا، أنهم يذهبون إلى سوريا أو تركيا.(2)

ولكن يجب التحذير، أن داعش لها خلايا نائمة في كل المناطق التي فيها متعاطفون معها بدوافع طائفية، ينتظرون اللحظة المناسبة ليقوموا بدورهم التخريبي، وآخر هذه العمليات الإرهابية هي أحداث كركوك يوم 21 تشرين الأول الجاري، وبالتأكيد ستتكرر هذه العمليات الجبانة في مناطق أخرى كما حصل في الرطبة، وهي علامة يأس واستماتة لحرف الأنظار عن هزائمهم في جبهة الموصل.

إن قواتنا الباسلة تستحق كل الدعم والإسناد من الشعب، وعدم السماح للإنتهازيين الذين يزايدون على غيرهم بغطاء محاربة الفساد، كلعبة مقتدى الصدر الذي قاد المظاهرات بحجة محاربة الفساد عندما كانت القوات العراقية المشتركة تحارب الإرهابيين في الفلوجة. وحاول مقتدى أن يقوم بنفس الدور القذر مجدداً عند بدء عمليات تحرير الموصل، حيث دعى أنصاره للتظاهر بحجة الاحتجاج على فساد السلطة القضائية لأنها أصدرت حكماً في صالح نواب رئيس الجمهورية، عملاً بالدستور. وهذا يعني أن رغبات مقتدى وأتباعه (الجهلة، الجهلة) هم فوق الدستور. وحسناً فعل الدكتور حيدر العبادي، بتوجيه إنذار إلى الصدر بأنه سيعاقب إذا ما اعتدى أتباعه على مؤسسات الدولة وخاصة السلطة القضائية(3). ويبدو أن مقتدى افتهم الرسالة وألغى التظاهرة خوفاً من العقاب.

كذلك من الإنصاف القول أن الدكتور حيدر العبادي، لحد الآن تصرف بكل صبر وهدوء وحكمة، يستحق عليها الدعم والثناء والمساندة من الجميع، إذ كما كتب أحد الأخوان بحق: (العبادي حاكم متوازن ورصين حتى الآن، فكفوا يا اولاد شوارع الثقافة والصحافة عن الطعن بأدائه الهاديء).

الدرس البليغ
موصل سيتم تحريرها قريباً بجهود القوات العراقية الباسلة، ودعم التحالف الدولي، ولكن بعد أن دفع العراق كل هذا الثمن الباهظ من أرواح أبنائه، وما تعرض له جميع مكونات الشعب من قتل وتخريب وهتك الأعراض، وتدمير المعالم التاريخية الحضارية للبلاد... وعليه هناك درس بليغ للجميع، وبالأخص لقادة التحالف السني، والسيد مسعود بارزاني، أن التحالف السري مع الإرهاب، وتسليم المحافظات الغربية لـ(داعش)، نكاية بالمالكي، ولتشويه صورة العراق الجديد وإضعافه، لن تزيدكم إلا وبالاً، إنها لعبة خطيرة قذرة أشبه بلعبة شمشون الذي هدم المعبد على رأسه قائلاً: (عليَّ وعلى أعدائي يارب.. وليكن من بعدي الطوفان).

فالعراق بلد غني بإمكانه أن يجعل جميع أبنائه يعيشون برفاه لو تمسك الجميع بالوحدة الوطنية، والنظام الديمقراطي الذي لا بديل له، ولا يمكن التنازل عنه. وليعلم الجميع أن انتصار الديمقراطية أمر حتمي لا بد منه. وأية معارضة منكم للعراق الديمقراطي يعني جلب المزيد من الآلام والبلاء والكوارث على سكان مناطقكم. وأن السعودية وقطر وتركيا يستخدمونكم كدمى ضد مصلحة شعبكم، لذلك وللتقليل من آلام شعبنا، بجميع مكوناته، لا مفر لكم غير القبول بالنظام الديمقراطي ودعمه، والمشاركة الفعالة بالسلطة بصدق وحسن نية، بلا خبث وتآمر. فمن يزرع الشوك لا يحصد إلا الشوك، ويا أهل السنة والجماعة، أهينوا لئامكم تُكرموا.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع