إذا كنت صاحب ضمير ومازال لديك بعض العقل فلابد أن تدين بشدة عملية الاغتيال التى حدثت فى القاهرة بحى العبور للعميد عادل رجائى قائد الفرقة التاسعة مدرعات بالجيش المصرى، ولا يمكن أن تصفها إلا بالإرهاب الغادر الذى يهدد الوطن ويشكل خطرا على المستقبل.
هذه العملية تعتبر تطورا نوعيا خطيرا للإرهاب فى مصر، ولا يمكن التعامل معها كحادث إرهابى عادى فقد خطط المنفذون بعناية واختاروا شخصا له تاريخ عسكرى يمكن تسييسه ورصدوا تحركاته وقنصوه أمام بيته، ثم أصدروا بيانا فى نفس يوم الاغتيال شرحوا فيه مبررات استهدافه، ووعدوا بإصدار مرئى يصور عملية الاغتيال بالكامل.
من المؤسف أن تنسب هذه المجموعة الإرهابية نفسها للثورة وتسمى نفسها (لواء الثورة) والحقيقة أنها لواء للإرهاب والإجرام، الثورة فعل إنسانى متحضر يهدف لإحياء الإنسان وليس قتله، الثورة تبنى الحياة ولا تهدمها، الاغتيالات مهما كانت دوافعها فهى جرم وخسة لا يمكن تبريرها.
المنطق الذى يبرر به البعض الجريمة بالقول بأن السلطة تصفى خصومها خارج نطاق القانون وما حدث رد فعل هو أيضا منطق معلول، فإذا كنت ثوريا ومناضلا من أجل دولة القانون فلا تسمح لنفسك بممارسة ما يفعله خصمك وتدينه، تسقط كل المبررات التى تدعو لعسكرة المجتمع وحمل السلاح وإشعال حرب أهلية بين المصريين.
اتفق مع السلطة أو اختلف معها، قم بتأييدها أو تحرك من أجل تغييرها، كل ذلك مقبول طالما كانت السلمية هى المنهج والإطار الذى تتحرك داخل حدوده، لكن أن تنظر لحمل السلاح وتبرر القتل والاغتيالات وتصف هذا بالعمل الثورى فهذا تدليس وتشويه للثورة.
لا يمكن السكوت على انحراف الفكر وخلط المفاهيم، لا يمكن مباركة أجواء الانتقام والثأر والكراهية التى يدشنها هؤلاء وهؤلاء، نحن أمام إرهابيين قتلة يقابلهم إعلاميون إرهابيون يدعون لسفك الدماء والانتقام وتجاوز القانون تحت مسمى الوطنية.
من باركوا القتل بالأمس يدعون لمزيد من القتل اليوم ليمنحوا لهؤلاء القتلة مبررات وأعذارا فيما يفعلونه، وفيما يقودون إليه البلاد من عنف واضطراب، البؤس كل البؤس لمن يباركون القتل خارج إطار القانون أيا كان القتيل خصما لهم أو لا يحبونه أو لا ينتمى لدائرتهم.
إدانة الإرهاب وحدها لا تكفى ولا تبرئ الذمة أمام الله وأمام التاريخ، علينا مراجعة أنفسنا وأفكارنا وممارساتنا، الكلمة قد تقتل، والتحريض قد يقتل، والشيطنة قد تقتل، والإقصاء وزرع اليأس قد يقتل، توالى المظالم وغياب العدالة قد يقتل، القتل ليس فقط بالرصاص بل بالصمت وبالكلام والتشجيع والمباركة والتحريض وبث الكراهية.
لا تتعاطف مع قاتل أيا كان مبرره وأيا كان معسكره، الرصاص الذى يقتل من لا تحبهم اليوم سيقتلك غدا ويقتل أبناءك وأهلك، الوطنية الصادقة أن تناضل من أجل بناء دولة القانون حتى لا تسود شريعة الغاب، رحم الله كل ضحية للإرهاب، ولعن الله كل محرض وداع للكراهية باسم الدين أو باسم الوطن، لن نعرف طريق المستقبل والدماء تخضب طرقات الوطن، هذا ناقوس خطر يدق للمرة الألف وينذرنا أن نعود للعقل والحكمة، انحازوا للوطن والضمير والعقل، إنا لله وإنا إليه راجعون.
نقلا عن المصري اليوم