كتب: محرر الأقباط متحدون
كتب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد أبو زيد، مقالًا له باللغة الإنجليزية، ورد فيه بحزم على مقال للمحلل ستيفن كوك يحمل انتقادات للسياسة الداخلية والخارجية لمصر ونشر بدورية فورين أفيرز "الشئون الدولية".
قائل: "إن محاولة تحليل وشرح السياسة الداخلية والخارجية لدولة بأسرها من زاوية ضيقة هو أمر شديد الصعوبة، بل قد يضحى عديم الجدوى، وينطبق هذا الأمر على المقال الأخير للمحلل المتخصص في شئون الشرق الأوسط ستيفن كوك"، حسبما أفادت أونا.
وأضاف "أبو زيد" في مقاله "الحقيقة الغائبة عن الواقع المصري"، الذي نشر باللغة الإنجليزية على المدونة الخاصة بوزارة الخارجية، "يهدف مقال كوك الذي جاء تحت عنوان "كابوس مصر: حرب السيسي الخطيرة على الإرهاب"، إلى التأكيد على أن الدافع الوحيد وراء كل سياسات مصر كدولة هو هوس الثأر من جماعة الإخوان المسلمين.
ومن المؤسف أن يتبنى كوك وهو كاتب يحظى باحترام كبير في مجال تحليل شؤون الشرق الأوسط، هذا النهج التبسيطي، والسطحي في تناوله لسياسات مصر”.
وتابع ودعمًا لحجته القائلة بأن الكراهية العمياء تجاه الإخوان المسلمين هي حجر الزاوية في سياسة مصر، يتغاضى المقال – سواء عن عمد أو غير ذلك، عن عناصر أساسية فيما يتعلق بكل من الوضع في مصر، والمنطقة ككل وكذلك تاريخ جماعة الإخوان المسلمين..إن السعي لتبرئة الإخوان المسلمين من تطرفهم، رغم وجود أدلة وافرة على هذا التطرف، هو منطق قد عفى عليه الزمن، ولكنه يظهر في هذا المقال مرة أخرى، والأدهى أن يواكبه خطاب مستهلك فيما يتعلق بالوضع السياسي والاقتصادي الصعب في مصر".
وأضاف "ما هو جدير بالملاحظة حقًا، هو تصوير مصر باعتبارها عامل عدم استقرار رئيسي في منطقة الشرق الأوسط، في تشويه صارخ للسياسة الخارجية المصرية، مع طمس تفاصيل مهمة بشأن الأزمات التي تعاني منها المنطقة، ويحاول المؤلف جاهدًا أن يرسم رابطًا ممكنًا بين انتقاده للشؤون الداخلية في مصر، وهجومه على سياسة مصر الخارجية، وجماعة الإخوان باعتبارها نقطة ارتكاز لحجته..على هذا النحو، يتأرجح المقال تحت وطأة هذا الأمر، ما أدى إلى خروجه على نحو ضعيف وغير متماسك”.
وأوضح "أبو زيد"،: "ورغم ذلك، سنحاول الرد على بعض المزاعم الواردة بالمقال لتدارك ما به من مغالطات، ويرتكز هذا الرد علي التصدي لاثنين من العناصر الرئيسية لهذا المقال وهما: التصوير غير الدقيق للشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مصر، فضلا عن التحليل الخاطئ للشئون الإقليمية ودور مصر فيها".
وتابع "إن مقال كوك يزعم أن الحكومة المصرية لا تركز سوى على شىء واحد تحسنه صنعا ألا وهو: "قمع المواطنين"، حيث يمضي في ذكر أرقام وإحصاءات قد تم اجترارها كثيرًا من قبل، كما فضح زيفها لاحقا، ومن بين هذه المزاعم هو الادعاء بأن مئات المصريين اختفوا قسرًا، وهو ادعاء لا يتسق والحجة الأصلية للمقال، ويبدو أنه قد حشر بهدف وحيد وهو الإساءة إلى حكومة المصرية، حيث ثبت أن هذا الادعاء ليس إلا محض خيال، فقد كشف تقرير صدر مؤخرًا عن المجلس القومي لحقوق الإنسان أنه من بين 267 حالة، فإن 238 حالة تضمنت إما متهمين في انتظار المحاكمة أو أفراد أفرج عنهم بالفعل، وفقًا لوزارة الداخلية”.
وأكمل "يشير المقال أيضًا إلى العدد الذي يتم الاستشهاد به كثيرا وهو وجود 40000 معتقل في مصر، دون وجود أية قائمة بأسماء هؤلاء الأفراد، ولا أي دليل عملي يدفع لتصديق هذا الرقم.. تلك الادعاءات التي يتم ترويجها نجحت للأسف جزئيا فى تحقيق هدف الترويج لكذبة حتى تصبح حقيقة".
وأشار إلى "يشجب الكاتب أيضًا السياسات الاقتصادية في مصر، ونتائجها المزعومة، حيث يرسم صورة قاتمة بشأن الأفق المتاح، فضلا عن الإشارة إلى تدهور البنية التحتية، والأنظمة الصحية، ومن هنا لا يتضح لنا كيف أن الهجوم على الأداء الاقتصادي للحكومة المصرية يخدم حجته حول هاجس الحكومة بالقضاء على جماعة الإخوان، وهو ما يجعله مجرد نقد انتقائي يتجاهل الكثير من الاعتبارات المهمة".
وأردف "صحيح أن مصر تواجه تحديات اقتصادية خطيرة، ولكن إلقاء اللوم بطريقة أو بأخرى على الحكومة الحالية هو بمثابة غض الطرف عما مرت به البلاد من تحديات اقتصادية على مدار ثلاثين عامًا، وزادت حدتها خلال السنوات الخمس الأخيرة من هزة سياسية، بالإضافة إلى السياق الاقتصادي الإقليمي والدولي المعقد".
وأستطرد "أبو زيد"، "لقد اتخذت الحكومة المصرية قراراً جريئاً بمعالجة المشكلات الهيكلية طويلة الأجل بالتوازي مع الإختلالات الاقتصادية قصيرة الأجل التي نتجت عن خمس سنوات من عدم الاستقرار والتحول السياسي..إن الرؤية الطموحة لمصر 2030 تشمل خططاً ومشروعات قطاعية من شأنها أن تسفر عن نتائج على المدى الطويل والقصير والمتوسط، كما يتم تطوير مشروعات ضخمة للتعامل مع الاحتياجات الهيكلية، وكذلك تعزيز الاقتصاد، وخلق فرص عمل مؤقتة ودائمة".
وأوضح "لم تختر الحكومة المصرية الطريق الأسهل بانتهاج إصلاحات تجميلية، بل إنها حشدت شعبها حول أجندة الإصلاح الأوسع نطاقاً التي من المتوقع أن تحقق نتائج مستدامة، كما أن الحكومة المصرية تدرك تماماً المشكلات الاقتصادية الملحة واحتياجات شعبها لإيجاد حلول فورية لهمومهم اليومية، فكما تعمل مصر على مواجهة التحديات الرئيسية مثل تراجع السياحة وأزمة العملة، فإنها نجحت في تحقيق عدد من الخطوات الجوهرية في عدة مجالات، فقد تم توسيع شبكة الطرق القومية، بزيادة 7000 كم وإضافة 200 نفق لتسهيل التجارة والنقل، كما استفادت 1.5 مليون أسرة فقيرة من مشروعات الإسكان الاقتصادي، بالإضافة إلى تصحيح العجز في الكهرباء إلى حد كبير بعد استثمار 400 مليار جنيه في هذا القطاع".
وبين "أن مصر وصلت إلى أعلى خمس دول في العالم في تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الأشهر السبعة الماضية، كذلك انخفضت البطالة التي اختصها المقال بالذكر باعتبارها مشكلة متنامية، من 13.5% إلى 12.5% خلال العامين الماضيين، كذلك فإن الالتهاب الكبدي سي، وهو تحد آخر أبرزه المقال، قد تم مواجهته بنجاح بعلاج 800،000 مصري مصابين بهذا المرض منذ يناير 2016 على نفقة الدولة، وهو ما كان محل إشادة من المدير العام لمنظمة الصحة العالمية".
وأكد أن كل هذه الحقائق قد تم تجاهلها عمدًا، واختار المقال بدلاً عن ذلك تضخيم التحديات التي تواجه مصر، مهاجمًا مشروعات وطنية عملاقة مثل قناة السويس الجديدة بحجة عدم تحقيقها نتائج فورية، غافلًا عن النتائج طويلة الأجل المتوقعة من هذه المشروعات والدوافع الحقيقية التي تقف وراءها".