نبيل المقدس
بعد متابعتي لأحداث وفاعليات المؤتمر الوطني للشباب الأول الذي تم عقده في مدينة شرم الشيخ من 25 – 27 اكتوبر – 2016 تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي .. تذكرت أغنية لعبد الحليم حافظ مقدمتها " ضحك ولعب وجد وحب " حيث جمع هذا الفيلم أجمل وأرقي الكلمات التي تشير إلي المشاعر الصافية للإنسان .. فالضحك يعني الشعور بالسعادة والفرح والرضا , مع الجد والكفاح في العمل .. يتخللهما وقت من اللعب لكي يجعل سريان الدم بين الشباب والرئيس متجددا و مستمرا بالحب .. بعيدا عن الحقد والغل بين فريق وفريق آخر وبين شاب وأخر يختلف معه في الفكر والرأي أو في العقيدة وبين شاب وشابة .. هذا ما إستطعت تطبيقه من هذه المشاعر الجميلة علي أحداث المؤتمر .. فقد سمعتُ عبر التليفزيون الضحكة المميزة للرئيس والمتبادلة مع ضحكات الشباب وكأنه صديق قديم لهم تقابل معهم بعد سنوات من التخرج من مرحلة التعليم .. إنها لحظات رائعة دلت علي عمق هوية المصري الحقيقي , وعلي وطنيتهم ومصريتهم الخالصة .!
يُعتبر هذا المؤتمر هو الأول من نوعه في تاريخ مصر , وربما هناك الكثير من الدول المتقدمة لم تقيم مثل هذا المؤتمرات الوطنية للشباب .. فقد إلتزم فيه الرئيس السيسي بوجوده ثلاثة أيام في وسط الشباب بدون كلل أو ملل .. مستقبلا المواجهات الشبابية بصدر رحب .. وتجاوب مع مختلف الطوائف والفكر في أحاديث و تحاورات كثيرة .. لم يرفض أو يتهرب من سؤال مُحرج أو مُخالف لسياسته .. تقبل الرأي والرأي الأخر بجدية وبحب الأب للإبن .. ترك حرية الكلام للمختلفين معه في السياسة , حتي الذين كانوا يهاجمونه في الميديا علنا بكلمات قاسية جارجة .. تركهم يتكلمون امامه علي المنصة وإعتبره حقا من حقوقهم , غير مبالي بما ألقوه من تصرفات غير لائقة , لأنه إستشعر بمقدار حبهم لمصر ومدي سمو درجة وطنيتهم , و لم يتهمهم بالخيانة كما فعل مَنْ سبقوه بالمعارضين لهم..
في منتهي البساطة , وبطبيعته الإنسانية نزل مع الشباب لممارسة رياضة الماريثون .. وكانت فعلا مفاجأة لجميع الشعب المصري أن يروا رئيسهم يجري بين أبنائهم الشباب والشابات .. في هذا الأثناء نسي الشباب الأفكار المتباينة بينهم وبين الرئيس , ونسوا فيما بعضهم من أي محافظة أتوا , أو بأي فكر يميلون له , أو بأي دين يعتقدون فيه .. شبهني منظر الرئيس وهو يجري ومعه الشباب والشابات , كأنه يقول لذويهم الكبار وللحاقدينوالمتشككين أنه بالجهد والعرق , وبالعلم والفكر المستير , وبالحب وعدم التخوين , وبقبول الآخر والحوار المثمر .. سوف نشق الطريق ونصل إلي الهدف المنشود الذي صمم عليه الشباب وهو تقدم مصر وإسترداد أمجادها المصري القديم المسلوب .
بالحب .. بالحوار المثمر .. بالمجادلات الهادئة .. إستطاع الشباب ولأول مرة في تاريخها أن يقتنصوا قرارا من الرئيس في إقامة لجنة وطنية تتكون من الشباب , لدراسة تحرير الشباب المحبوسين , ورفع توصية للرئيس فيها تفاصيل كاملة بعد 15 يوم لفك حبس كل مَنْ لم يرتكب جرائم .
كان حفل الختام يشير إلي نجاح هذا المؤتمر الوطني للشباب .. كما أظهر تصميم الشباب علي الرقي بالبلاد .. كما وجدوا وتأكدوا أن الدولة بحكومتها ورئيسها يؤمن بالشباب وبقدرتهم علي تسيير شئونها .. ففي المؤتمر تعلم الشباب كيفية التعامل مع الأخر في الفكر .. تعلم اسلوب الحوار المثمر .. تعلم كيف يواجه الصعوبات .. تعلم ان السياسة علم عليه أولا أن يُعلم نفسه بها .. ويدرس خبرات الأجيال السابقة , ويطور أسلوب معاملاتهم بالسياسة طبقا لتقدم البلاد والأحوال المستجدة دائما.
ومن واجبات الشباب تجاه الوطن عندما يتبوّؤون مناصب سيادية عدم الشعور بالاستعلاء والتكبر على كل المواطنين المخالفين سواء بالمعتقد أوالعِرق أو الفِكر أو المذهب، لأن هذا من شأنه يقلل من الوحدة الوطنية , وتقسيم البلاد إلي فئات متناحرة .. وعليهم أن لا يتعالوا علي الشباب الذين لم تكن لديهم فرص أماكن سيادية , بل عليهم أن يقوموا بنقل الخبرة لهم والإعتناء بالشباب الذين هم أصغر منهم سنا ووعيا .. وإعطاء الفرصة لهم لكي تستمر الحياة .
ولا ننسي أن من واجبات الشباب إتجاه الوطن الدفاع عنه ضد الأعداء الخارجيين له والأعداء الداخليين، فالأعداء الخارجيين هم من يسعون للسيطرة على البلد ونهب ثرواته ومقدراته وإذلال شعبه، أما الأعداء الداخليين فهم أصحاب المصالح والأجندات الخارجية وهم أخطر من الخارجيين بسبب عدم وضوحهم وتخفيهم وحياكتهم للمؤامرات بطرق سرية قذرة ، وحماية الوطن أيضاً من الفاسدين والطماعين والانانيين الذين يريدون زيادة ثرواتهم من مقدرات الامة والشعب بالنهب والسلب العلني وربما المقنن بقوانين فاسدة وضعت من قبل أناس فاسدين . كما عليهم أن يحافظوا علي مصر ويصيروها دولة مدنية خالصة , وليست مدنية مُطعمة بالدولة الدينية.
وإنتهي المؤتمر الوطني للشباب علي ان ينعقد مرة اخري في شهر ديسمبر 2016 .
وكما قال أحد الشباب أن المؤتمر لم يكن 3 أيام من عمري في العمل الشاق مع الرئيس في الورش .. بل كان " يوم من عمــري" أتمني ان يتكرر !!