الأقباط متحدون - الكعبة تحت القصف
أخر تحديث ٠٩:٣٨ | الاثنين ٣١ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ٢١ | العدد ٤٠٩٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

الكعبة تحت القصف

د. محمود خليل
د. محمود خليل

للحرمين الشريفين بمكة والمدينة مكانة خاصة عند كل المسلمين، وأى أذى يلحق بالبيت الحرام يهز المسلمين هزاً. وتحتشد كتب التراث بالعديد من الأخبار التى تشير إلى أن الكعبة كانت هدفاً للهجوم والتخريب، تحكى هذه الكتب كيف قصف الحجاج بن يوسف الثقفى الكعبة بالمنجنيق، ورماها بالنار حتى احترق جدار البيت. ويذكر التاريخ أيضاً أن قرامطة البحرين هاجموا مكة المكرمة فى موسم الحج، وأعملوا السيوف فى رقاب الحجيج، واستحلوا حرمة البيت الحرام، فخلعوا باب الكعبة، وسلبوا كسوتها الشريفة، واقتلعوا الحجر الأسود من مكانه، وقتلوا زهاء ثلاثين ألفاً من أهل البلد ومن الحجاج وسبوا النساء والأطفال. وخلال التاريخ المعاصر هاجم جهيمان العتيبى ومجموعته الكعبة واحتلوا المسجد الحرام عام 1979، وحوصر البيت الحرام لمدة أسبوعين من جانب السلطات السعودية حتى تمكنت من تحريره، وخلال عمليتَى الاحتلال والتحرير أريقت الدماء فى باحة المسجد الحرام. نحن إذن بصدد حدث متكرر ونحن نتناول موضوع الهجوم على البيت الحرام.

أقول ذلك بمناسبة الصاروخ الباليستى الذى أعلنت السلطات السعودية أن الحوثيين أطلقوه على مكة المكرمة، وأفلحت فى إسقاطه. فى وقت ذكر فيه الحوثيون أن الصاروخ كان موجهاً إلى مطار جدة وأنه سقط بالفعل، وتسبب فى خسائر لدى الجانب السعودى. اجتهدت المملكة على هامش هذه الواقعة فى حشد رموز العالم السُّنى، ومن بينهم مفتى مصر ومؤسسة الأزهر ومفتى القدس وغيرهم لشجب وإدانة الهجوم، وبان اجتهادها فى استثارة مشاعر المسلمين السنة -وهى مشاعر عميقة- نحو مكة والكعبة المشرفة بما تحملانه من رمزية. وبصورة مباشرة تم جر الموضوع إلى ملعب الصراع بين السنة والشيعة، وبدأ الكلام عن الشيعة الذين يريدون النيل من المسجد الحرام، وهو كلام تعوزه الوجاهة إلى حد ما، انطلاقاً من أن البيت الحرام له قداسته لدى سائر المسلمين على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم. فالشيعة يحجون مثل غيرهم من المسلمين إلى البيت الحرام، ويؤدون ما يؤديه السنة من مناسك.

واقعة قصف مكة بصاروخ باليستى مرت على المستوى الشعبى فى مصر مرور الكرام، ويبدو أن ثمة استيعاب أن الأمر لا يخلو من بعض الاستغلال من جانب المملكة لحشد المسلمين السنة لدعمها فى المواجهات المستعرة بينها وبين العلويين فى سوريا، وبينها وبين الحوثيين فى اليمن. بعض الرسميين المصريين فقط هم الذين علقوا على الواقعة، يضاف إليهم بعض رموز التيار السلفى فى مصر، والآخذون منذ عدة أسابيع فى لوم السلطة فى مصر، بسبب ما يرون أنه تقارب مع إيران. استمعت فى هذا السياق إلى فيديو للشيخ محمد حسان يحذر من أى تقارب مصرى مع شيعة إيران الذين يسبون صحابة النبى صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين عائشة رضى الله عنها، ولا خلاف أننا كمسلمين نرفض ذلك كل الرفض فأصحاب النبى عدول كلهم، مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم «أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»، وهو ما ينطبق على أمهات المؤمنين، لكن هذا أمر والحسابات السياسية أمر آخر، ومع احترامى لكلام الشيخ «حسان» لو كانت الأمور تؤخذ على هذا النحو لكان أولى به أن يحدثنا عن علاقة مصر بالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وروسيا وغيرها من الدول التى اختارت أدياناً أخرى غير الإسلام. العلاقات بين الدول أساسها الحسابات والمصالح السياسية، وأى حديث عن المسائل العقائدية فى هذا السياق يظل لغواً لا معنى له.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع