«تظاهرات واحتجاجات ومطالبات بالقصاص».. هكذا هو الحال في المغرب، بعد اقبال عناصر الأمن هناك بدهس وفرم بائع للسمك الذي يُدعى محسن فكرى، ويبلغ من العمر 31 عامًا، بعد محاولته لمنعهم من مصادرة بضاعته، الجمعة الماضية.
جاء مقتل "فكري" بعد أن صادرت دورية للسلطات المحلية بمدينة الحسيمة شمال المغرب، كمية من السمك لكونها فاسدة، وألقت بها في شاحنة لجمع القمامة، وبعدها حاول محسن فكري استعادة بضاعته فقفز إلى داخل الشاحنة.
وفي تصرف غريب وسابقة تعد هي الأولى من نوعها، قام أحد عناصر الأمن المغربي بتشغيل محرك آلة الفرم في الشاحنة، التي ابتلعت البائع وسحقته داخلها، وهو ما تسبب في موجة غضب واحتجاجات واسعة في المغرب.
بالأمس، شيع الآلاف من المغاربة جثمان بائع السمك، ومعها تصاعدت الدعوات للتظاهر في معظم مدن المملكة المغربية تضامنًا مع عائلة محسن فكري، وللمطالبة بمحاكمة المتورطين بقتله عمدًا بطريقة وحشية.
تعيد هذه الواقعة للأذهان قصة الشاب التونسي، محمد بو عزيزي، الذي قام بإضرام النيران في نفسه في 17 ديسمبر2010، أمام مقر ولاية سيدي بوزيد احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية لعربتة التي كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه، الأمر الذي تسبب في اشتعال الثورة في تونس ومنها إلى بلدان العالم العربي.
وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، أمر ملك المغرب، محمد السادس، بفتح تحقيق في مقتل بائع السمك، وأعطي تعليماته لإجراء دقيق ومتابعة كل من ثبتت مسئوليته في هذا الحادث، وتطبيق القانون في حق الجميع، ليكونوا عبرة لكل من يخل أو يقصر خلال القيام بمهامه ومسئولياته.
وفي الوقت نفسه، أعرب عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية، عن أسفه الشديد لمقتل بائع السمك، محسن فكري، الذي وصفه بالمؤلم، مؤكدًا على تحرك الدولة لمعرفة الحقيقة.
وطالب شباب الأحزاب والمتعاطفين مع بائع السمك، بعدم المشاركة في الاحتجاجات القائمة، خاصة وأنه قد بدأ التحقيق في الحادث، قائلًا:«لذلك لا داعي للمشاركة في مسيرات لا نعرف تطوراتها».
وأكد وزير الداخلية المغربي، محمد حصاد، على عزمه على تحديد ملابسات مقتل بائع سمك في شاحنة لجمع النفايات ومعاقبة المسؤولين عن هذه المأساة.
وأضاف في تصريحات صحفية له، أنه لم يكن يحق لأحد معاملة بائع السمك بهذه الطريقة، قائلا:«لا يمكن أن نقبل أن يتصرف مسؤولون على عجل وبغضب، أو في ظروف تنتهك حقوق الناس».
ومع هذه التصريحات التي تدعو إلى التهدئة، إلا موجة الاحتجاجات والغضب في المغرب لم تهدأ بعد، وهو ما يطرح تساؤلًا حول هل يكون بائع السمك هو «بو عزيزي» المغرب؟، ذلك السؤال الذي تسفر الأيام القليلة المقبلة عن إجابته.