الاثنين ١٧ يناير ٢٠١١ -
٣٩:
٠٤ م +02:00 EET
كتابات الأسواني بها حس إنساني عال وعدم تكلف أو تقعر اللغة
يطرح الأسواني أسئلة عن قيمة الإنسان المصري الذي فقد الكثير من مكتسباته
ويطرح قضايا التدين البديل والمسألة القبطية، كما يتأمل فى معنى الديمقراطية
كتب: محمد بربر
حين يكتب "علاء الأسواني" إحدى قصصه أو رواياته، يبعث في نفس القارىء الشجن، الذي يحمل غالبًا أفكارًا مغايرة، وكأنه يحاول أن يشرك القراء في أحداث مجتمعاتهم، يصفقون، أو يتظاهرون، يقفون مع المواقف الإنسانية، ويرفضون تصرفات الظلم والاستبداد والتمييز، وهو الذي دائمًا ما يردد "أثق بذائقة القارئ العادي وأكتب له وعنه أصلاً"، غير أن الدكتور "علاء الأسواني" -الحائز على جائزة "برونو كرايسكي"- والتى سبق أن نالها المناضل الجنوب إفريقي "نيلسون مانديللا"- قدم هذه المرة كتابًا مختلفًا، يحتل الهم الوطني فيه الجزء الأكبر مما كتبه، ويختار لكتابه السؤال الذي طالما طرحناه على أنفسنا "هل نستحق الديمقراطية؟" فيضعه عنوانًا للكتاب، وكأنه يريد أن يبحث القارىء معه عن إجابة معبرة عن هذا السؤال المحير.
يضم الكتاب مجموعة من المقالات التي أراد بها الأسواني أن يبث شجون الوطن فى نفوس كل المصريين، وأن يشارك هموم وشواغل الإنسان المصري، الذي يمر بواحدة من مراحله التاريخية الحرجة، ولم يناقش المؤلف في كتابه الموضوعات الاجتماعية الخطيرة والمستفحلة فعليًا في مجتمعنا المصري مثل النفاق الإجتماعي والتطرّف الديني فحسب، بل إنّه صوّر أيضًا بواقعية شديدة التناقضات الهائلة في المجتمع والتي تتمثّل بالانتماء إلى الطبقات الراقية والمقتدرة ماديًا، والانحلال الأخلاقي الذي يدفع ببعضهم إلى الحضيض، وكذلك بين التشدّد الديني من جهة واقتراف الفاحشة من جهة أخرى.
ويطرح الأسواني في كتابه أسئلة عن قيمة الإنسان المصري الذي فقد الكثير من مكتسباته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، كذلك يتحدث عن حقوق الأقباط ومفهوم الدولة المدنية، ويؤكد على مبدأ المواطنة، لكنه يعود ويؤكد أن المواطنة والديمقراطية عاملان أساسيان في تطور أي دولة، ويتكأ الأسواني –في ثبات– على مدى حرفيته الأدبية ليطرح تساؤلات ربما يخشى العديد من الكتاب من طرحها في ظل ثقافة المجتمع الضيقة.
فالأسواني الذي دائمًا ما يشير إلى أن الديمقراطية هي الحل، ولا بد من إصلاح ديمقراطي، يتساءل لماذا يكره الغرب الإسلام، وهل تصلح الديمقراطية لحكم المسلمين، ويمضي في كتاباته، إلى حيث أنه هناك قضيتين رئيسيتين بمصر، تتعلق كل منهما بالأخرى، الأولى هي الديموقراطية والعدالة، أما الثانية فهي الصراع بين ثقافة التسامح والوهابية، وعندما يتحدث عن الثورة التي يتلازم الحديث عنها مع الحديث عن الاستبداد، سواء قديمًا أو حديثًا.. وهو يستجلي بمشرط جراح أسباب عدم الثورة حتى الآن، والتي ترجع جذوره إلى تاريخ القمع المصري المديد القديم المتغلغل في صفحات التاريخ المصري.. وكذلك كأي حالم بالعدل يستمد حلمه من ظلم الواقع، وكأي واقعي يدرك أن الشعوب تستطيع إذا أرادت.. يتساءل هل نستحق الديمقراطية؟!
وتبقى الإشارة إلى ما كتبه الأسواني قبل شهور، وها هي كلماته تفرض نفسها وبقوة لتحكي عن قضايا المصريين، وتعكس غياب العدالة وسيطرة التطرف وتصديره لتكون النتيجة جرائم طائقية، وأحداث يندى لها الجبين، وليست جريمة الإسكندرية عنا ببعيد، فقد كتب الأسوانى يقول "عندما يزول نظام الاستبداد وينتزع المصريون جميعا حقهم الطبيعي في اختيار حكامهم بحرية.. عندما ينتهي قانون الطوارئ وتزوير الانتخابات والقمع والتعذيب.. عندئذ فقط سيحصل المصريون جميعا، المسلمون والأقباط، على حقوقهم المهدورة"، ثم يختار الدكتور علاء الأسواني خلاصة فكره ونتاج كتاباته لينهي كتابه بالجملة التي اشتهر بها "الديمقراطية هي الحل".