أقباط مذبحة دير أنبا صموئيل ما بين خيار إنكار المسيح أو الموت
نادر شكري
السبت ٢٧ مايو ٢٠١٧
يوم المذبحة وسط رمال دير الأنبا صموئيل تسقط 28 شهيدا و27 مصابا
9 مشاهد تصف " مذبحة الدير " بالتفصيل لاستهداف الأقباط على الهوية الدينية
بقلم / نادر شكري
فى الوقت الذي كنا نحاول فيه التقاط الأنفاس بعد عدة حوادث بعد البطرسية فى ديسمبر واسر العريش فى فبراير وتفجيرات طنطا ولإسكندرية وبعض الحوادث المتفرقة بالمنيا بشأن منع الأقباط من الصلاة ،نستيقظ على كارثة صباح يوم الجمعة 26 مايو 2017 ، عندما رن هاتفي يخبرنا بإطلاق نيران على الأقباط فى طريق دير أنبا صموئيل كنت أتمنى أن يكون الخبر كاذب أو أمر بسيط ولكن بسرعة تواصل مع رهبان الدير كانت الفاجعة بمذبحة جديدة " مذبحة الدير "
توجهت سريعا لموقع الحادث الذي كانت الدماء مازالت تسيل وكان رصد لمشاهد المذبحة كما عرفتها من الشهود والرهبان والمعايشة كالاتى :
الساعة التاسع صباحا ، أطفال ونساء ورجال داخل أتوبيس قادمين من عزبة حنا مركز الفشن ببني سويف يضحكون ويرتلون فارحين بزيارة أنبا صموئيل المعترف ومعهم بعض الأقارب من مركز أسرة من الجيزة ، فى سيرهم داخل " مدق " الدير بعد مسافة 15 كيلو متر ، وإذا بمشهد مروع بسيارات دفع رباعي به مجموعه من الملثمين يحملون الأسلحة يطلقون النيران على الأتوبيس الذي يحمل 30 قبطيا ويجبروه على التوقف بعد سير 100 متر وتهشيم زجاجه .
المشهد الثانى : يبدأ الارهاربيون فى إنزال الرجال من الأتوبيس الى حافة الطريق وسط الرمال بينما قام آخرون بإجبار النساء على خلع مصوغاتهم الذهبية ، واخذ النقود والمتعلقات ، ويعرض الإرهابيون على الأقباط " إنكار المسيح أو الموت " الرجال بكل بساطة قلب أقوياء يرفضون " نحن مش هننكر مسيحنا والموت أفضل لنا " ، ثم يبدأ إطلاق النيران على رؤؤس الرجال وصدورهم ليتساقطوا وسط صراخ النساء ثم يطلق الإرهابيون النيران على الباقية داخل الأتوبيس من نساء وأطفال ، بل وتعمدوا بترك بعضه أحياء ولكن مصابون .
المشهد الثالث " : تقف مجموعه أخرى من الارهابين تحسبا لاى سيارات أخرى قادمة وإذا خلال إطلاق النيران على الأتوبيس تأتى سيارة " ربع نقل " تحمل أقباط عمال من قرية دير الجرنوس مركز مغاغة بالمنيا ، وخلفهم "ميكروباص " قادما من كنيسة العذراء مركز بنى مزار ، ويسرع الإرهابيون بإطلاق النيران على السيارة والميكروباص فسقط 10شهداء من سيارة العمال منهم 7 من قرية "دير الجرنوس " بينما أطلقوا النيران على "ميكروباص" كان به عدد من الأطفال وأسرهم ببني مزار ، وكان ثلاثة آخرين من مركز ابوقرقاص بسيارة نقل أطلقوا النيران عليهم فاستشهدوا فى الحال
المشهد الرابع : أسرع الإرهابيون بعد سرقة كل متعلقات الشهداء " الغنائم " ، وقاموا بإلقاء منشور دينية " كتيب صغير " كتب عليه " صوما مقبولا وذنبا مغفورا كل عام وانتم بخير " وبداخل نبذة عن الإسلام وفوائد الصوم ، ثم أسرعوا بالهروب بالجانب القبلي وسط الرمال ولكن تعطلت إحدى سيارتهم داخل الرمال فقاموا بحرقها وبها بعض الأسلحة لإخفاء معالمها ثم استولوا على إحدى سيارات ربع نقل " دبابة " وأسرعوا بالهروب .
المشهد الخامس : صراخ وهلع بين النساء والأطفال المصابين وصدمة والدماء تملئ وجوه الجميع وتغرق ملابسهم ، وإذا بسيارة لأحد الأقباط قادمة لدير ليروا مشهد الشهداء والمصابين فأسرعوا الى الدير الذي يبعد 17 كم عن موقع المذبحة ليخبرهم ، فأسرع الرهبان ، ليروا مشهد الجثث ملقاة فى مناطق متفرقة على الرمال وصرخات النساء وبعض المصابين غارفين فى دمائهم ، وتتوافد سيارات الإسعاف لنقل المصابين وتصل الشرطة بعد الحادث ما بين ساعة ونصف وساعتين حسب شهادة الشهود .
المشهد السادس : الأمن يغلق مداخل " مدق الدير " وتبدأ عمليات تمشيط ويصل رجال البحث الجنائي فى تمام الثانية ظهرا ويصل مساعد وزير الداخلية فى الثالثة ليتفقد موقع الحادث ، وكنت أشاهد دماء الشهداء لم تجف وبعض الأطعمة والمتعلقات ملقاة قام الرهبان بجمعها ووضعها بسيارة ربع نقل ، كان مشهد الدماء على مقاعد " الأتوبيس " وأرضيته مؤلم وبعض المتعلقات وحقائب تلونت باللون الأحمر ، وإذا نظرت الى موقع الحادث فتجد نفسك وسط مساحة شاسعة ووادي كبير من الرمال وحتى إذا نظرت من بعيد للأتوبيس يظهر وكأنه صغير والسيارة التي حرقت على بعد كيلو من " مدق الطريق " .
المشهد السابع : دوى سيارات الإسعاف يطلق فى مراكز العدوة ومغاغة ومطاى وبني مزار لنقل المصابين لمستشفيات هذه المراكز ، ودماء تملئ كل مكان والجميع يسرع لإنقاذ المصابين لاسيما الأطفال بعضهم فى عمر الخامسة والسابعة من عمرهم ، وإذا يتجمهر الأقباط أمام مستشفى العدوة مرددين هتافات لإدانة والاستعداد للاستشهاد " بروح بالدم نفديك يا صليب " حاولوا التعبير عن غضبهم بقطع خط السكة الحديد ولكن كهنة الكنيسة وبعض النواب تدخلوا لاحتواء غضبهم ، ولكن ظلت الهتافات لا تنقطع عنوانها الدموع والغضب .
المشهد الثامن : رحلة التفكير فى كيفية الصلاة على الجثامين وموقع دفنهم ، فكانت بعض الأقباط يطالبون بدفنهم جميعا فى مقبرة جماعية داخل دير أنبا صموئيل المعترف لأنهم كانوا فى الطريق إليه ، وهنا أبدى نيافة ابنا باسليوس رئيس الدير الاستعداد الكامل ووجود مقبرة معده ولكن بعض الأسر والأساقفة فضلوا دفنهم فى قروهم ، فتم الصلاة على 7 جثامين فى كنيسة العذراء بالفشن ودفنهم معا ، و7 بقرية دير الجرنوس بمغاغة ودفنهم بمقابر العائلة واثنين بمركز مغاغة وواحد بقرية الشيخ زياد مركز العدوة ، وثلاثة بمركز ابوقرقاص ، و8 بمركز بني مزار حيث تم دفنهم داخل دير الانبا صموئيل المعترف وكانت مسيرات وتجمعات قبطية انطلقت بعد الجنازات تندد بالحادث وسط صرخات النساء وهم يرتدن ملابسهم السوداء .
المشهد التاسع : قرار بفتح مستشفيات معهد ناصر والمستشفيات العسكرية بالقاهرة حيث تم نقل جميع المصابين بمستشفيات المنيا الى القاهرة لتلقى العلاج .
وقالت إحدى المصابات " طلعوا علينا الأوتوبيس وسألونا انتم مسيحيين قلنا ايوة مسيحيين . هو احنا هاننكر ايماننا يعني قالوا لنا هاتوا الفلوس وهاتوا الذهب ... طلعنا لهم اللي في جيوبنا والحريم قلعت الدهب اللي لابساه قالوا لنا قولوا الشهادة والا نقتلكم قلنا لأ الا اننا ننكر ايماننا احنا اتولدنا مسيحيين ونموت علي اسم المسيح ففتحوا علينا النار واللي مات مات واللي اتصاب اتصاب واللي نجي ياريته ما نجي .. هايعيش ازاي بعد اللي شافه
قال كمال جرجس إنه كان فى رحلة من قرية نزلة حنا إلى الدير، ودائما ما تخرج رحلات لأقباط لزيارة الدير أيام الجمعة والأحد وهو شئ متعارف عليه من قبل الجميع.
وأوضح كمال أنه أثناء دخولهم فى الطريق الرملى كان يسير الأتوبيس بطريقة بطيئة مما ساعد الإرهابيين إلى توقيفه وإنزال جميع الركاب وأطلقوا النيران بصور عشوائية كبيرة علينا حتى سقط من سقط.