الأقباط متحدون - حنين الأمومة
أخر تحديث ٠٧:٤٦ | الثلاثاء ٢٢ مارس ٢٠١١ | ١٣ برمهات ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٤٠ السنة السادسة
إغلاق تصغير

حنين الأمومة


بقلم: تريزة سمير
نظرت إلى المرآة وإذ بتجاعيد الزمن على وجهي.. نظرت وكأنني أول مرة أرى نفسي، رأيت ما لم أراه من قبل أو لم أحاول رؤيته ,, تجاعيد الوجه،  والشعر الأبيض ,, وعيني الضعيفة .. كم مر الوقت وأنا أعانى وجود طفل في حياتي.
 صرخت كثيرًا إلى الله عسى أن يعطيني طفلاً صغيرًا لأعطيه ما املك من حنان ، اشعر بأن قلبي ممتلئ حنان .
كان بحاجه أن أضعه في كائن يخرج من أحشائي ,,مضى العمر وذهبت كل الآمال أن أصبح أم ..
مشاعر الأمومة تمزقني وتحرق قلبي وما به .. أحاول إخفاء ذلك على زوجي حتى لا يتمزق هو أيضًا، اعلم انه يتمزق كثيرًا ولكن لا يظهر هذا مطلقًا ..

 غداً عيد الأم وكم عيدًا مضى ؟؟
تمنيت أن يكون لدى طفل أبث له كل ذلك الحب .. تمنيت كثيرًا ذلك، ولكن فقدت الأمل فتجاعيد الزمن واضحة على وجهي، وعيني الضعيفة وجسدي الهزيل يأخذون هذا الحلم بعيدًا ... ابتعد عن المرآة كثيرًا وكأنها عدوًا لي يذلني على عدم كوني أم، فتتشابه نظرات المرآة مع نظرات الجيران والأقارب وكلامهم القاتل  أمامي وخلفي وكأن الأمر بيدي .. لم استطع أن أكون أم لم املك ذلك ..

 أتعذب كثيرًا بهذا القدر ولكن عذابي يتضاعف بالاحتفال بعيد الأم، أتمنى ألا يتم هذا الاحتفال . حتى لا يُحطم كل من يعانون مثلى وكل الأطفال الذين بلا أم ترعاهم .. ورغم هذا ما ذنب الأمهات والأبناء الذين ينتظرون ويسعدون بهذه المناسبة .. سمعت طرقات على باب منزلي ذهبت لأرى من يتذكرني وجاء يأخذ بيدي وأنا في اشد الأوقات آلمًا، فإذ بصديقتي تعانقني بشدة لتنسيني ما كان يؤلمني، نظرت إلى عيني وسألتني ما سر هذا الحزن الدائم ؟؟ والدموع المتلاحقة التي تترك أثرًا بالغًا على الوجه، تغيرت نبرت الصوت المنطلق من جوفي ثم صمت ولم أجاوبها، وإذ بها تقول أعلم أنك تتعذبين الآن كثيرًا، وما استطيع أن أقوله لكي:" هو أن ترفعي صوتك وقلبك إلى الله"، ثم نظرت إليَّ والابتسامة على جبهتها وقالت : جهزي نفسك حالاً، فالوقت مناسب لنذهب إلى الحفلة المقامة ,,سألتها أي حفل هذه وهل ترين أن هذا الوقت مناسب للاحتفال؟؟ نظرت إلي بنفس  تلك الابتسامة الغامضة،  قائلة نعم فالوقت مناسب جدًا لنذهب للاحتفال مع أصدقائي الجدد، ولابد أن أعرفك على إياهم .. وأي أصدقاء هؤلاء، فأنت مثلى لا يوجد لكي أي أصدقاء .. لي أصدقاء تعرفت عليهن، وإن لم تأتى معي سيكون هذا حاجز بينا!! 
أطعتها في طلبها هذا .. وارتديت ملابس الخروج وذهبنا سويًا ..دقت جرس المنزل وفتحت لها سيدة عانقتها وكأنها تعرفها منذ حين، ثم جلسنا ودق جرس الباب مرة أخرى وإذ بسيدات كثيرات جاءوا ومعهم هدايا متعددة .. وكانت الأولى تضع الجاتوه، والمكان مهيأ لإقامة احتفال كبير ,,سألت صديقتي ما الذي يحدث ؟ أجابت بنفس الابتسامة اليوم الاحتفال بعيد الأم ..صمت ولم أتكلم إلا أن بدأت أحدى الحاضرات أن تتحدث عن تجربتها بأنها كانت أم لطفلين كبرا معًا، وتفتحت  زهرتين في غاية الجمال كبرا أمامي يومًا بعد الآخر إلا أن وصلوا إلى المرحلة الجامعية، وإثناء ذهابنا إلى النزهة الصيفية .. حدث ما لم أفكر فيه مطلقًا .. حادثة كبيرة راح ضحيتها زهرتي عمري، وبقيت أنا بدونهم جميعًا ,, أبنائي وزوجي ذهبوا وتركوني أتعذب وأعانى وأتألم .....
تمنيت الموت معهم أفضل من المعاناة بدونهم، ولكن لا نملك أن نأخذ من أعمارنا ونعطيهم إياها,, لا نملك حياتنا ولم ندرك أن لكل منا  عمره لا نستطيع أن نزيد عليه أو حتى ننقصه ...

رأيت دموعها وشعرت بأن هناك من يتألم أكثر منى .. صمت . وبدأت سيدة أخرى تروى قصة ابنها الوحيد الذي تركها وهاجر بعيدًا عنها بحثًا عن المال، وبمجرد سفره لم يتذكرها، وكأنه لا يعرفها وخاصة عندما تزوج، ولم أرى فرحته في هذا اليوم الذي تمنيته طوال حياتي  ...

نظرت إليهن جميعًا وعندئذ عرفت أن كل منا يتألم ,, فـ"الألم" جزء لا يتجزأ من ذات الإنسان . وعرفت أن الله وضع الأمومة في داخلي لا لكي أتعذب بها، ولكن لأهداف أسمى ومعاني أعمق، وضعها بداخلي حتى أصبح أم لكل طفل أراه، أم لكل المتألمين، أم لمن يبحث عن حنان أمه.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter