الأقباط متحدون | الرياضة‮ ‬أصبحت‮ "‬نكد‮".. ‬لا‮ ‬صحة‮.. ‬ولا‮ ‬ترفيه‮.. ‬ولا‮ ‬أخلاق"!!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:٢١ | الأحد ١٠ ابريل ٢٠١١ | ٢ برمودة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٥٩ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الرياضة‮ ‬أصبحت‮ "‬نكد‮".. ‬لا‮ ‬صحة‮.. ‬ولا‮ ‬ترفيه‮.. ‬ولا‮ ‬أخلاق"!!

الأحد ١٠ ابريل ٢٠١١ - ٢١: ١٠ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

قراءة‮ ‬فى‭ ‬ملف‮ »‬الأمور‮ ‬المسكوت‮ ‬عنها‮« (٢٤٣)‬

بقلم‮: ‬يوسف‮ ‬سيدهم

مثلما كانت ثورة 25 يناير، بركان غضب انفجر احتجاجاً على واقعنا السياسى، أتصور أن فضيحة اقتحام الجماهير المنفلتة لملعب استاد القاهرة الأسبوع الماضى، قبل نهاية مباراة الزمالك مع الأفريقى التونسى، يجب أن تكون الشرارة التى تفجر بركان غضب واحتجاج على واقعنا الرياضى.. فالرياضة فى بلادنا المصرية وخاصة لعباتها الجماعية وعلى رأسها كرة القدم باتت وسيلة لـ»النكد«!!.. لا صحة.. ولا ترفيه.. ولا أخلاق.. واقع كئيب منفلت غابت عنه جميع المفاهيم الراقية المتحضرة وسيطرت عليه قيم الغاية تبرر الوسيلة مما أدى إلى سيادة الغوغائية والبلطجة‮ ‬والإرهاب‮ ‬سواء‮ ‬من‮ ‬جانب‮ ‬القائمين‮ ‬عليها‮ ‬الذين‮ ‬كان‮ ‬عليهم‮ ‬إعطاء‮ ‬النموذج‮ ‬الذى‮ ‬يحتذى‮ ‬أو‮ ‬من‮ ‬جانب‮ ‬جماهير‮ ‬منفلتة‮ ‬فاسدة‮ ‬شوهت‮ ‬الرياضة‮ ‬وأساءت‮ ‬لسمعة‮ ‬مصر‮.‬


ومثلما ننادى بإعلاء سيادة الدولة وهيبتها إزاء من سولت لهم أنفسهم القفز على ثورة 25 يناير وإفساد أهدافها السامية.. اليوم ننادى أيضاً بالضرب بيد من حديد على العابثين بكرامة الرياضة وأخلاقياتها، أولئك المرضى المتعصبون الذين لا يعرفون من الرياضة إلا الفوز بأى وسيلة - وحتى بلا استحقاق - أو إطلاق طوفان التسيب والانفلات والإرهاب والتدمير إذا استعصى عليهم الفوز.. إنهم مرضى لا يدركون سمو التنافس الشريف ولا متعة بذل كل الجهد من أجل الفوز ولا أخلاقيات تقبل الخسارة بروح رياضية والشد على يد الفائز لتهنئته... كل هذه المعايير ذهبت، لتتحول الرياضة إلى معارك للذود عن الكرامة بين المتنافسين، الفائز فيها يرث المجد والشرف، بينما الخاسر نصيبه الخزى والعار، فما بالنا لو كان التنافس على المستوى الدولى بين الشعوب؟.. هنا يتحول الأمر إلى معارك قومية للحياة أو الموت!!!


إننا نحتاج بشدة إلى مراجعة واقعنا الرياضى من أجل ترسيخ الأهداف التى نبغى إدراكها من خلال الرياضة، ولا يمكن أن يقتصر الأمر على قرارات عقابية صارمة مطلوبة لردع المنفلتين، بل يجب تعرية المجال الرياضى برمته لتقييم دوره وتصحيح مساره، فلم يعد يصلح مع مرحلة التغيير التى تمر بها مصر أن نتعامل مع الرياضة على أنها »أداة لإلهاء الشعب عن واقعه«!!.. وبالتالى نغمض عيوننا عن سائر التشوهات التى لصقت بها لسنين طويلة.. لم يعد يصلح الدفاع عن الإبقاء على الرياضة فى صورتها المريضة الحالية بذريعة أنها »وسيلة ترفيه عن الشعب المطحون‮«!!.. ‬أى‮ ‬ترفيه‮ ‬هذا‮ ‬الذى‮ ‬نتيحه‮ ‬للشعب‮ ‬فتذبح‮ ‬الأخلاق‮ ‬وتغيب‮ ‬القيم‮ ‬ويسود‮ »‬النكد‮«‬؟

يؤسفى أن أقول: بئس هذه النوعية من الرياضة، وبئس الانتصارات التى يفرزها مناخها المريض الإرهابى، وبئس البطولات التى يتم حصدها فى ظل سيادة النعرات المتعصبة الكريهة، تلك بطولات مذاقها مر وسجلاتها مهينة تستوى مع الهزائم.


كتبت وكتب الكثيرون من أجل إعادة النظر فى الرياضة ومراجعة أولوياتها على المستوى القومى، هل الرياضة من أجل الصحة تأتى أولاً أم الرياضة من أجل البطولة؟.. كيف نزهو بأية أمجاد حققتها الرياضة المصرية إذا لم تكن هذه الأمجاد انعكاساً حقيقياً لشعب يؤمن بالرياضة ويمارسها كأسلوب حياة من أجل الصحة قبل أن تكون مجرد وسيلة للبطولة؟.. ألا ندرك أن اتساع قاعدة ممارسة الرياضة للشعب كله بجميع مراحله العمرية هو الأصل ومن خلال ذلك تتعدد فرص واحتمالات إفراز المتميزين والموهوبين الذين يتم بعد ذلك رعايتهم وصقل قدراتهم لتوجيههم للبطولة؟‮.. ‬لماذا‮ ‬لا‮ ‬نعى‮ ‬أنه‮ ‬دون‮ ‬ذلك‮ ‬يكون‮ ‬نصيبنا‮ ‬الشح‮ ‬فى‮ ‬تفريخ‮ ‬الأبطال‮ ‬والكساد‮ ‬فى‮ ‬ضخ‮ ‬الموهوبين؟


إذا كنا نشارك هذه الأيام فى حوارات وطنية من أجل تشكيل القناعات والثوابت التى سترسم صورة مصر فى المرحلة المقبلة، أرجو ألا نهمل مصير الرياضة أو نزيحها جانباً من قائمة الأولويات الواجب مراجعتها.. الرياضة ليست أنشطة كمالية بل أساسية.. ليست أنشطة ترفيهية لقضاء وقت‮ ‬الفراغ‮ ‬بل‮ ‬حيوية‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬تكون‮ ‬لها‮ ‬مساحة‮ ‬جادة‮ ‬محترمة‮ ‬فى‮ ‬حياة‮ ‬المواطن‮.‬

إن سائر المتخصصين فى العملية التعليمية والتربوية ينظرون إلى الرياضة كمنهج دراسى مهم لا يقل أبداً عن المناهج التعليمية ومقرراتها، ويفسحون له المجال الذى يليق به من أجل خلق جسم سليم مع العقل السليم ومن أجل غرس مفاهيم تربوية وأخلاقية تؤصل فكر الصحة والمتعة والكفاح‮ ‬مع‮ ‬احترام‮ ‬الآخر‮ ‬وتقديره‮ ‬وتقبل‮ ‬استحقاقه‮ ‬للفوز‮ ‬إذا‮ ‬تميز‮.‬

إن أقسى ما يؤلم النفس أن نتأمل المشاهد الكارثية التى تحدث فى واقعنا الرياضى الهزيل المريض ونكتشف أننا ننتجها كل يوم ونصدرها إلى أطفالنا وشبابنا الذين يراقبوننا ويتخذون القدوة والمثل من كل ما نفعل.. يا للعار وياللفضيحة أن نشوه جمال الرياضة ونفسد حلاوتها بكيفية‮ ‬تفاعلنا‮ ‬مع‮ ‬منافساتها‮ ‬وبالأدوات‮ ‬التى‮ ‬نستحل‮ ‬توظيفها‮ ‬فى‮ ‬هذا‮ ‬الإطار،‮ ‬التراشق‮ ‬اللفظى‮ ‬والبدنى‮ ‬والسلوك‮ ‬العدوانى‮.. ‬ثم‮ ‬نلوم‮ ‬شبابنا‮ ‬إذا‮ ‬ورث‮ ‬ذلك‮ ‬الانفلات‮ ‬ونتساءل‮ ‬من‮ ‬أين‮ ‬أتى‮ ‬به؟‮!!‬

إذا أردنا أن نطهر مجال الرياضة مما اعتراه يلزم تطهيره من الغوغاء والمنفلتين بكل حزم وصرامة، كما يلزم أن نفعل كل شىء من أجل تحويل شعبنا من »متفرج على الرياضة« إلى »ممارس للرياضة«.. بذلك نزيح »النكد« ونغرس الصحة والترفيه والأخلاق.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :