ندين لبكي تغيظ حزب الله بجائزتها في "كان"
فن | إيلاف
الثلاثاء ٢٢ مايو ٢٠١٨
ثقافة حرب لا ترى مجدًا إلا بالموت
من دون أي مبرر، هاجم حزب الله إنجاز ندين لبكي التي فاز فيلمها "كفرناحوم" بجائة لجنة التحكيم في "كان"، إذ رأى أن لا مجد للبنان إلا بسلاح حزب الله وشهدائه في سورية!
انشغل لبنان واللبنانيون بالتهليل لفوز المخرجة اللبنانية ندين لبكي بجائزة لجنة التحكيم في الدورة 71 من مهرجان كانّ السينمائي عن فيلمها "كفرناحوم"، فيما انشغل حزب الله، نوابه وإعلاميوه، بالتصويب على هذا التهليل وتسخيفه، من منطلق أن مجد لبنان أعطي فحسب لشهداء حزب الله، أو لـ "قديسيه الشهداء" كما غردت منار صباع الصحافية ومقدمة البرامج في قناة "المنار" الناطقة بلسان هذا الحزب.
استهدافان
ففي صفحتها على تويتر، فردت صباغ: "بمناسبة الإفراط بالحديث عن الشخصيات التي ترفع رأس لبنان عاليًا لجائزة أو مسابقة أو تحدٍ ما.. يا معشر المثقفين، أبناء فينيقيا منهم تحديدًا، هذه الصور لشهداء اليوم الأول من معركة القصير 2013. قبلهم وبعدهم ارتقى كثر من قديسينا الشهداء... باعتقادي لبنان يكفيه هذا المجد لقرون"، مرفقة تغريدتها بصور لقتلى سقطوا في صفوف الحزب في معركة القصير السورية في مايو 2013.
وإذا أثارت صباغ حفيظة الناشطين على تويتر، عادت فغردت ثانية موضحةً موقفها: "اعترف أن التكفير الثقافي أخطر شي. كل يوم يرجم شهداؤنا وتنزع عنهم لبنانيتهم ووطنيتهم. يشتموا. اوقات بدي عبر برأي عن مخرج رسمي رح سمي وما رح اخجل. قدمت بتغريدة مقاربة اعترف انها مستفزة لكنها تعبر عن استفزاز يومي نعيشه. لم أكن بوارد تقييم نجاح فلان أو فلانة لهم التقدير على ما يقومون به".
على الرغم من هذا التراجع، أسعفها نواف الموسوي، أحد نواب حزب الله في البرلمان اللبناني، بتغريدة أكثر استهدافًا. قال: "بلا لبكي، بلا وجع راس: وقت الجدّ ما فيه غير سلاحك بيحميك". فصباغ لم تذكر لبكي بالاسم، بينما استهدفها الموسوي مستجلبًا سلاح حزبه من دون ما يدعو إلى ذلك.
ردات فعل
أثار هذا الهجوم الـ "حزباللهي" على لبكي وإنجازها المشهود الكثير من التعليقات الساخرة والشاجبة والمستهجنة. فموقع القوات اللبنانية كتب: "الموسوي لا يحب التغريد عاليًا إلا في الحالات القصوى فقط، أي حين تكون البلاد في حال الخطر الشديد مثلًا، والعدو صار هنا "فشخة ع البواب"! إذ إن تسجيل لبنان لنجاح ثقافي عالمي هو من عدّة العدو، ولعله أيضًا من أعمال الشيطان الرجيم، فاستحق من بعض الممانعين تغريدات من كعب الدست، علّ التغريد يستبق الخطر الكبير على سيادة الوطن وامنه ويرد عنه ’صهاينة‘ الثقافة هؤلاء!".
وغردت عليا منصور قائلة: "ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تثير بها الإعلامية منار الصباغ مشكلات بسبب تعليقات مستفزة ومليئة بالكراهية، هي تعلم جيدًا أن المنار لن تصنع منها إعلامية ولن تحقق لها أي شهرة كغيرها من الإعلاميات في محطات أخرى، لا سبيل لها كي يتردد اسمها سوى نشر السموم".
اما فواز الشمري فنشر صورة لمخيم اليرموك في دمشق الذي دمرته آلة حرب حزب الله، وغرد معيدًا تغريدة لارا صقر: "مجد حزب الله الذي تريدنا ان نفتخر به منار الصباغ، قوى الممانعة وجحافل مرتزقة حزب الله مرت من هنا!".
وغرد الناشط جاد الاخوي: "هيدا أكبر دليل إنو المشكل ثقافي بحت. هو صراع بين ثقافة الموت وثقافة الحياة. وسنبقى مع ثقافة الحياة رغم كل الضغوطات".
صرخة ضمير
المثير في هذا الموضوع، والمستهجن أيضًا، أن لا علاقة لقصة الفيلم بأي أمر متصل بالمقاومة والممانعة وأخواتهما. فالقصة التي نسجت منها لبكي فيلها "كفرناحوم" تدور حول الصبي السوري زين الذي هجرته الحرب من درعا السورية ليعيش في أحياء بيروت الفقيرة، ويعترض على تزويج شقيقته القاصرة محاولًا منع زواجها، حتى أنه يقرر مقاضاة والديه بسبب الظروف الصعبة التي يعيشها. وتتناول لبكي في الفيلم قضايا إجتماعية شائكة في لبنان مثل أطفال الشوارع واللجوء والعنف الأسري وزواج القاصرات.
بعدما نال الفيلم جائزة لجنة التحكيم في "كان"، صفقت نخبة الثقافة العالمية للبكي أكثر من 15 دقيقة متواصلة، ووصف رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري هذا الفوز بـ"فخر لبنان". ربما هذا هو الوصف الذي أغاظ "بيت" الممانعة في لبنان.
وعلى منصة "كان"، وقفت لبكي وقالت: "بينما أحتفل معكم بفوز الفيلم السينمائي أتذكر فتاة صغيرة تدعى سيدرا لعبت دور سحر شقيقة زين بالفيلم. وهي اليوم على الأرجح قضت يومها واقفة تحت الشمس تواجه مصيرها ووجهها ملتصق بشبابيك السيارات، وهي تحاول الدفاع عن نفسها بوجه الشتائم والإهانات من هنا وهناك. وعلى الارجح، حاولت الاستعانة بحكمتها كطفلة بسن 12 سنة تعلمت في الشارع، أو ربما عادت إلى منزلها لتجلي وتغسل ملابس العائلة كلها، ولتُحضِّر الطعام لكل أخوتها وأخواتها، ثم ذهبت للنوم وهي تحلم بالذهاب للمدرسة في يوم من الأيام ككل أطفال العالم".
وأضافت: "بكل ما ملكته من إرادة لم أتمكن من إنقاذ سيدرا من الشارع. ولا أعلم ماذا سيكون مصير زين عندما يعود الى منزله، ولا مصير أخوته وأخواته، ولا مصير السورية الصغيرة في الفيلم التي تدعى ميسون، لكنني أدعوكم للتفكير لأن الأطفال الذين لا يتلقون الحب هم أساس تعاسة هذا العالم. لذلك، أتمنى ان نفكر معًا لإيجاد الحل".