الأقباط متحدون - الجماعات الدينية: عزف هاديء على أوتار ملغومة 1
أخر تحديث ٠٥:٣٨ | الأحد ١٩ يونيو ٢٠١١ | ١٢ بؤونة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٢٩ السنة السادسة
إغلاق تصغير

الجماعات الدينية: عزف هاديء على أوتار ملغومة "1"

بقلم: محمود الزهيري

1
بالرغم من أن الموسيقي من المحرمات عدا ماتعارف عليه غالبية الجماعات الدينية الإسلامية من أن المباح فقط هو " الدُف " والذي لايوجد به أي أجزاء معدنية تحدث صليل أو شخللة , وبقية أنواع المعازف , والألات الموسيقية من المحرمات التي تدخل من يعزف بها , أو يكتب النوت الموسيقية الخاصة بها , أوحتي من يستمع إليها , فحتماً حسب هذه المفاهيم الدينية الموروثة , سيكون مصير هؤلاء جميعاً نار جهنم خالدين مخلدين فيها , أو إلي أن يقضي الله في أمرهم قدراً مقدوراً ..

2
وإذا كان العزف أو تأليف النوت الموسيقية والإستماع إليها حراماً , فإن هناك عزف هاديء علي أوتار ملغومة , يتجلي هذا العزف في أبسط صوره الهادئة أحياناً في صورة من صورإدعاء ملكية المفاهيم التي تذهب إلي ترويج بعض الأفكار المبنية علي أساس من التحريم , والتكفير والتفسيق والتجهيل , وكذا صور عديدة من صور الحيازة الهادئة لهذه المفاهيم والتي تؤدي نفس الغرض النهائي من إدعاء ملكية تلك الأفكار , وهما في القصد سواء بسواء ..

3
هذه المفاهيم الداعية إلي التحريم والواصلة إلي التكفير عبر قنطرة هذه الأفكار والرؤي , هم يدعون ان لها أسانيد دينية , من القرآن الكريم , والسنة النبوية الصحيحة , ليصيرا في النهاية هما القنطرة الحاملة لهذه المفاهيم , مما يجعلها تحوز مصداقية لدي البسطاء والجهلاء من أبناء المجتمع المصري , من أقاربنا , وأهلنا , حتي الذين يعيشوا معنا تحت سقف واحد , مما يشكل خطورة بالغة علي البنيان الإجتماعي , ليصير في النهاية خادماً لبناء سياسي , يقوم بدور الخادم " الخام "المطيع والمنفذ لتلك الأوامر عبر سلطان تلك المفاهيم المبسوط علي عقول إعتادت علي السمع والطاعة , في المنشط والمكره , واليسر والعسر , والسراء والضراء , سواء بسواء !!

4
يقوم علي بسط سلطان هذه المفاهيم حالياً بعض الأفراد من بعض التيارات السلفية , وجماعة الإخوان المسلمين , وبقدر ما للجماعة الإسلامية , وتنظيم الجهاد من أعداد , وطاقات بشرية , ومالية , وبقدر القدرة التنظيمية العددية , والقاعدة الإقتصادية لجماعة الإخوان المسلمين , إلا أن التيارات السلفية هي التي تمتلك وتحوز عدد من الفضائيات , التي حُرم منها باقي التيارات والجماعات الدينية , ومن خلال المتشددين منهم من مدعي السلفية , تصيرللتيارات السلفية القدرة علي نشر وبسط تلك المفاهيم , بخلاف العديد من المواقع الإليكترونية علي الشبكة العنكبوتية الإنترنتية , وخلال التصريحات التي يتم إصدارها في الندوات والمؤتمرات العامة التي تحوز شعبية طاغية في أوساط البسطاء والفقراء والمأزومين , وماهذه الصنائع التي تفعلها التيارات السلفية , ليست بمنأي عن رفض باقي الجماعات الدينية , مثل جماعةالإخوان المسلمين , أو الجماعة الإسلامية أو تنظيم الجهاد , ولكن هذه الجماعات تظل بالقرب من هذه الأفكار , لأنها في نهاية المطاف تساعد في رسم جدارية دينية حافلة برسوم تظهر وجه المجتمع المصري , والدولة المصرية , بوجه ديني مزعوم أنه إسلامي , حسب مايرنو ويسعي إليه هذه الجماعات , من غير أي مشاركة من أي تيار آخر من التيارات السياسية العاملة في الحقل المصري الواسع والمتعدد بتياراته السياسية , وتنظيماته الإجتماعية الضعيفة , ونقاباته التي يسيطر عليها التيار الإسلامي ؛ هذا وإن كان يلقي رفض بعض من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين , إلا أن الإتجاه العام لقيادات الجماعة , سعيد أيما سعادة بما يبديه السلفيون من فتاوي , وتصريحات , هي في النهاية تسوء من وجه السلفيين , وتجمل من وجه جماعة الإخوان المسلمين , وهذا هو واقع الحال الحقيقي , لأن هذه الفتاوي , والتصريحات الممجوجة تطول جماعة الإخوان المسلمين , لانها جماعة تدعي في أدبياتها ومواريثها , أن لها توجه سياسي بمرجعية إسلامية , وأنها مؤمنة بالدولة المدنية , ولذلك سعت لتكوين وإنشاء حزب سياسي مدني بمرجعية إسلامية حسب زعم جماعة الإخوان المسلمين .. إلا أنهم جميعاً يشربوا من معين واحد , وإن تعددت روافده ..

5

التيارات السلفية فيما يبدو من فتاواها , وتصريحات قياداتها الدينية , لها أفكار ومفاهيم تبدو علي قدر كبير من الغرابة , والفظاظة والنكران , بل وخارجة في مؤداها اللفظي الصريح بلا مواربة أو إستعارة أو كناية , إلي حد يستوجب الوقوع تحت طائلة قانون العقوبات ؛ ومن هذه الألفاظ أن من يطالب بالديمقراطية , ويدعي أنه ديمقراطي , فهو " لوطي " أي يمارس الفحشاء , والمثلية الجنسية الذكورية , ويزني , ويزني به , وهي كفر بخالق السموات والأرض , وأن الديمقراطية فكر ظلامي رجعي متخلف , وأن من يتباهي بالديمقراطية , وأنها إكتشاف عصري , فهم لوطيون , وحرية المرأة والتملك والشذوذ الجنسي , وإختلاط وتبرج , وعلي هذا المنوال سارت تلك الأفكارالتي يتم صبغتها بصبغة دينية لم يقل بها القرآن , ولم ترد في السنة , ولا أدري علي أي أساس تصدر هذه الفتاوي , بالرغم من أن بعض رجالهم أنشأوا حزباً في ظل منظومة الديمقراطية وماينتجه الصندوق الإنتخابي !!؟؟

بل وذهب بعضهم في الإنتصار إلي أحد مرشحي التيار السلفي لرئاسة الجمهورية , بأن قال من لاينتخب هذا المرشح , فإنما آثم قلبه , ويحرم بالتالي عليه إنتخاب غيره , وكأن من يذهب لينتخب أحدأ غير هذا الرجل , فهو آثم قلبه , ويحرم عليه أن ينتخبه , حتي وإن كان من جماعة أخري خارج إطار هذه الجماعة السلفية , بل والأخطر من ذلك أن من يطالب بالدولة المدنية , فهو ممن ينطبق عليه مفاهيم الكفر والفسق والفجور , وأنه لايوجد إلا دولة دينية إسلامية , ومن يقع خارج هذا الإطار من يساريين , أو ليبراليين , أو علمانيين , فهم والكفر سواء !!

6
بل ومن خارج التيار السلفي يقول أحد المرشحين لرئاسة الجهورية والذي يوصف بالمفكرالإسلامي بأن : من يطالب بالدستور أولاً أو تأجيل الانتخابات بـ (شياطين الإنس) ، وذلك أثناء المؤتمر الذى عقده من مسجد رابعة العدوية بمناسبة إعلانه ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية , بل ويغازل المجلس العسكري واصفاً إياه بأنه : هو زهرة هذا البلد وحامي حماها ، وشياطين الإنس يحاولون إقناعهم بالدستور أولاً ، قائلاً بأن : رجال المجلس العسكري أكثر حرصاً على مصلحة البلد وأكثر ثقافة من السياسيين .
وكذلك المؤتمرات التي تعقدها جماعة الإخوان المسلمين بغالبية محافظات مصر , ومدنها , وقراها , بل وكفورها , ونجوعها , تحت مسمي " لماذا تخافون من الإسلام ؟!!" وكأن الإسلام مرعب , ومخيف , ومفزع , حتي لمن ينتمون إليه , ولكن ممن خالفهم الوجهة السياسية , ولم ينتمي إلي جماعتهم الدينية , وكان الأجدر أن يكون الشعار " لماذا تخافون من الإخوان المسلمين ؟؟!! " حتي يمكن إبداء الملاحظات وتوجيه سهام النقد أو النقض للأفكار والرؤي والتصورات التي يحملها أعضاء جماعة الإخوان المسلمين , ولكن كان هذا هو النهج علي الدوام , إنطلاقاً من الشعار الأجوف في معناه , وهو شعار " الإسلام هو الحل " الذي لايمكن معه نقد جماعة الإخوان المسلمين , لأن من ينتقد الجماعة , فقد إنتقد بالتبعية الدين الإسلامي , وهذا هو العزف الهاديء علي أوتار ملغومة .

كذلك لاننسي قول المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين حينما وجه تهديداً حاسماً جازماً بأن من ينتقد جماعة الإخوان المسلمين إذا وصلوا للحكم والسلطة , فسوف يكون جزاؤه الضرب بالحذاء !! ؛ ولاننسي المقولة الرائدة " طز " في مصر !!
ولا ننسي مؤخراً مقولة صبحي صالح " الفلوطة " !!

7
بل ويصف أحد أعضاء مجمع البحوث الإسلامية ويعمل رئيس للجمعية الشرعية ، الذين يهاجمون الإسلاميين خوفا من وصولهم للحكم بالكافرين، ويقول «هم ليسوا كفارا فحسب بل أتباع الشيطان وأئمة فى الكفر، أما الذين يهاجمون الإسلاميين دون أن تكون لهم مصلحة من ذلك فهم مضللون لا يعرفون حقيقة الإسلام ، وبالتالى يجب علينا أن نجلس معهم لنعرفهم حقيقة الدولة الدينية ».
وذهب إلي حد القول : الذين يهاجمون وصول الإسلاميين للحكم يريدون سرقة البلد ويسعون إلى الزنا وارتكاب الفحشاء ».


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع