بقلم : ماريانا جرجس
أعلنت السماء حلول المساء ذلك اليوم حتى وان لم يتواجد اهم بطل فى المشهد المعتاد فيختفى ليعود مرة اخرى ويعلن عن شهر جديد فى عمر الارض..ولكن ظلت جواهر السماء تلمع وتتلألأ
وترسل ضوئها ليغزو غرفة ابونا يوسف تلك الليلة السالمة ..
جلس ابونا يوسف ماسكا قلمه الحبرى وامامه مجموعة من الاوراق البيضاء التى تنتظر حركات قلمه المنمقة ولكنه ظل فترة ليست بقليلة يطوف بقلمه فى ذلك المحيط الابيض فى حركات دائرية
لم يستوقفها سوى مولد فكرة استحوذت على كل حواسه...
فبدأ يكتب:_ وها قد وصلت بى سفينة العمر الى المنتهى فبعد كل السنون التى قضيتها فى الخدمة وبجوار ابنائى لازلت قصص الامس البعيد تحيا فى وجدانى وكانى اعاصرها اليوم بل الان .اشكر الله لما ساعدنى فيه فى ايام غربتى ...فقد كانت رحلة صعبة على ولكن الفادى كان يعضدنى
وحين اذ اقطتع ابونا صوت رقيق قائلا:_ ابى ...لا ترهق يدك كثيرا دعنى اكتب لك ماتريد
فرد ابونا قائلا:_ اشكرك ابنتى ...اكملى انتى ...
فسالته :_ هل كتبت تلك القصة فى اوراقك يا ابى ؟ فابتسم لها وقال : ليس بعد..!
فاخذت القلم فى سرعة وبدات تكتب وتقرا ما تكتبه بصوت عال قائلة:_
وفى ذلك اليوم كان ابونا يوسف فى اخر القداس عندما علم بامر ابنته فى الكنيسة التى تركته ذلك اليوم وهى تصمم على الرحيل وتجرع الجميع دموع الحصرة والمرارة حينما علموا بامرها وتصميمها على الرحيل ..ألرحيل عن كل شئ الرحيل عن الذات بل الرحيل عن حياة الروح ولكن فى عيون ابونا يوسف لم تكن القصة هكذا فالتخلى عنها كانت الفكرة التى لم تخطر ابدا على عقله رغم كل المخاطر التى قابلها لاجل ذلك الهدف وحتى ان كانت سببا فى انه فقد...
وسكتت بعض الشئ واستكملت :_( فقد كان يقول لن اترك مريم ابدا فهى نفس نفيسه من اولاد الله
وكان ينتهر كل من يطلب منه التوقف عن محاولاته التى كلفته من جسده الكثير..وكان تصميمه عتى يفوق قوة الجبال ووحتى اخر لحظه كان يقول لها يلا يامريم بابا مستنينا ..
وتوقفت عن الكتابة واعطت ابونا القلم ليكمل ما لم تدركه هى ولكنه كان فى صمت وتامل ودموع واقتطعهما صوت ملائكى يجرى الى ابونا ويقول :_
ازيك ياابونااااااا النهاردة؟ .رد ابونا محتصنا مايكل طفله المدلل :_ انا بخير .. وساظل بخير ما انتم جميعا بخير؟؟
ونظر اليه وقال :_ اسمع كلام ماما يا مايكل على طول.... فضحك الطفل وقبل يده
ومسك بيد امه وقال لها : يلا يامريم بابا مستنينا .. ولازم نسيب ابونا دلوقتى..
فقبلا يد ابونا وودعته بنظرة مشبعة بالدموع واعطاهما هو سلامه
ولكن رجع الى وريقاته على كرسية المتحرك..
وكتب:_ فى كل كنيسة وفى كل زمن هناك مريم اخرى تحتاج منا الاهتمام والحب والامان
تحتاج الى اسرة محبه وكنيسة بها اب حنون وعلاقة حميمة طبية ممن حولها ؟؟
فى كل يوم هناك مريم يسعى ابليس ليقتنيها ونحن نساعده باهمالنا لبناتنا وباحتياجتهم النفسية والحبية ..فى كل مكان هناك مريم لابد ان نقدمها .. اهداء خاص الى السماء
ووضع راسه متكئا على وريقاته فى سلام وسكينة لا يستطيع احد ان ينزعهما الى ابد الابدين. د\ماريان جرجس