الأقباط متحدون - الجماعات الدينية : عزف هاديء علي أوتار ملغومة 2
أخر تحديث ١١:١٤ | الثلاثاء ٢١ يونيو ٢٠١١ | ١٤ بؤونة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٣١ السنة السادسة
إغلاق تصغير

الجماعات الدينية : عزف هاديء علي أوتار ملغومة "2"

بقلم  : محمود الزهيري
mahmoudelzohery@yahoo.com
8
في ظل هذه الأجواء أصبح شاغراً لجميع الجماعات الدينية علي السواء , والتي حولت المساجد إلي مقار حزبية , تنطلق منها الندوات والمؤتمرات , والإعلان عن مرشحي الرئاسة , وكأن من يعمل بالسياسة من هذه الجماعات الدينية سوف يحكمنا من السماء , وليس من الأرض , خاصة وأن الأحزاب السياسية أصبحت غثاءاً غثاء السيل , لاتسمن بنضالات سياسية , ولاتغني عن مستقبل محفوف بالمخاطر والصراعات الإجتماعية والسياسية بخلفيات دينية , كلها تعتمد نصوص من القرآن والسنة , لتجد شرعية دينية مقدسة في ميدان السياسة والمجتمع , وكأن قيادات هذه الجماعات الدينية , اصبحوا وكلاء حصريين عن الله رب العالمين في وجوب طاعتهم , لأنها حسب مفهومهم , مستمدة من طاعة الله سبحانه وتعالي , وهنا مكمن الخطورة , لأن غالبية الجماعات الدينية ستدعي أنها صاحبة العصمة من الخطأ والزلل , وانها هي والفرقة الناجية سواء بسواء , وبقية الجماعات الدينية في النار , وكلهم بذلك يصيروا ممثلين للفرقة الناجية بجدارة وامتياز , وكلهم يصيروا كذلك بجدارة وامتياز ممثلين للفرقة الكافرة , وتبدأ مسلسلات التنابز , والتراشق بالكفر والفسوق , والخروج عن طاعة الله , ومحاددة الله ورسوله , وهذا ليس بين هذه الجماعات والمجتمع , ولكن بين هذه الجماعات وبعضها البعض , والذين هم في النهاية أعضاء في هذا المجتمع , لننتظر الكوارث والمصائب , ويصبح الصراع ويصير محتوماً , ولكن ليس من أجل المشتركات الإنسانية الحياتية , وتحسين ظروف وأحوال ومعيشة الإنسان , ولكن ليكون من أجل هويات مجانية صادمة لكل من هو غير منتمي لهوية الآخر , ويكون الصراع بزعمهم من أجل رضاء السماء , وليس من أجل سعادة الإنسان الذي هو خلق الله رب الأرض ورب السماء !!

9
من حق كل إنسان أن يتساءل عن الحاضر المعاش , وعن تأزماته , وعن المستقبل الذي يبدو محفوفاً بالمخاطر الحقيقية , في ظل غياب متعمد لمنظومة الأمن , وفي ظل تقاعس يبدو وكأنه مقصود من أجل الحفاظ علي تلك المنظومة التي من واجباتها الأساسية أن تحفظ الأمن , وتعمل علي إستعادته , وعلي السعي قدماً في طريق وضع الأسس العصرية لبناء الدولة , علي اساس من منظومة الحقوق والواجبات , وتوسيع دوائر المشاركات السياسية لصناعة مستقبل نود ونطمح أن يكون باهراً بتطلاعاتنا إلي دولة مدنية تسع الجميع , في ظل إطار عام يحترم الإنسان , ويعمل علي الحفاظ علي المباديء العامة للأديان التي جاءت من السماء للإرض من أجل خدمة الإنسان , والعمل علي سعادته , ورفاهيته , والحفاظ علي كرامته , وصون حريته , بما لايتعارض مع حريات الآخرين , وصولاً إلي التوافق عملياً علي كل مايؤدي إلي إعلاء من شأن المشتركات الإنسانية العامة التي تؤدي إلي تحقيق هذه الأهداف المنشودة , مع الإحتفاظ بالهويات في إطار الدستور والقانون ..

10
فهل قامت الثورة المصرية , لتتيح الفرصة لمناخات من الحرية أن تكون علي هذا النحو الإقصائي , المبني علي الترعيب والتخويف بالتكفير والتفسيق , والتخويف تحت دعاوي محاربة الله ورسوله , ومحاربة الإسلام , والعمل علي تعطيل أحكامه وتطبيق شريعته , وليس هذه الإدعاءات علي ما أعتقد , ولكنها من أجل صراعات سياسية تنطوي عليها مفاهيم دينية مزعومة ويوظفون لها بعض الآيات من القرآن , وأحاديث السنة , حتي لايستطيع أي فريق سياسي آخر من إستعمال حقه في النقد والنقض لبعض الرؤي والتصورات والمفاهيم التي تبسط سيطرتها تلك الجماعات الدينية .
11
أري ان هناك من هم خارج الإطار الوطني المصري ممن هم أصحاب المصلحة في هزيمة الثورة المصرية , والإرتداد بها إلي مرحلة ماقبل 25 يناير 2011 , لتكون هذه الدول التي تخشي الثورة المصرية في مأمن من عدوي الثورات وخاصة المصرية , وعلي الرأس منها المملكة العربية السعودية , والكويت , ولاننسي أحدث الفتاوي التي أفتي بها الشيخ صالح بن محمد اللحيدان , عضو هيئة كبار علماء المسلمين بالممكلة العربية السعودية, والذي أفتي بضلالة "الاشتراكيين " "والحوثيين "و "الاخوان المسلمين " في اليمن، وحرّم عليهم تولي مقاليد الحكم في اليمن

وقال في معرض رده على سؤال حول اليمن ، أن هؤلاء ليسوا أهل لأن تكون لهم الولاية في بلد إسلامي لأنهم لايهتمون بالعقيدة ولأنهم ليسوا أهل أن تكون الولاية لهم في البلد الأسلامي اليمن , سائلاً الله أن يعجل بالقضاء على هذه الفتنة في اليمن, وهذه الفتوي بمثابة صك لإعمال التقتيل والتذبيح في الإشتراكيين , والإخوان المسلمين , والحوثيين في اليمن , أو غيرها من البلدان التي يتواجد فيها الإشتراكيين , أو الإخوان المسلمين , والحوثيين , وإلا فما معني الدعاء والتبتل إلي الله بأن يعجل بالقضاء علي هذه الفتنة !! أليست هذه المفاهيم عدائية للثورات سواء كانت ثورة تونس , أو مصر أو اليمن أو الثورة السورية , وبوادر ثورة البحرين , وسلطنة عمان , وفي القريب العاجل ستطول الثورة مملكة آل سعود !!


وأذكر إذ اذكر مافعلته إمارة عجمان من طباعة العلم المصري علي الأحذية التي يتم إستخدامها في المراحيض , في الإعلان عن حالة نفسية عدائية للوطن والمواطن , ولاننسي حجم التمويلات التي من الممكن أن تساعد علي السير في هذا المنحي حتي تكون مصر في زيل الأمم المتخلفة , وتبتعد عن دورها الريادي والحضاري بمناخات الحرية والديمقراطية علي أسس وقواعد الدولة المدنية , المحافظة علي مباديء الهويات الدينية , كلُ حسب دينه ومعتقده ..
وكذلك حسب نظرية المؤامرة التي لاتخلو حدتها علي الدوام في أن مصر دولة محورية ولها خصوصية في المنطقة العربية الإسلامية , ومنطقة الشرق الأوسط , والعالم , وكل القوي المناوئة لمصر تلعب علي نفس الأوتاربمعزوفاتها الهادئة , ولكن علي نفس الأوتار الملغومة ..

12
أري أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو مرحلياً صاحب الدور الرئيس حصرياً , في وقف هذا النزف للقوي الإجتماعية , والسياسية , وأنه هو المنوط به الإنتقال بالوطن والمواطنين إلي بر الأمن والأمان , بمشاركات المواطنين , وتفعيل دوره كراع للدستور والقانون , والديمقراطية والحريات , في هذه المرحلة الإنتقالية , أما مايحدث علي الساحة , فإنه يعتبر إخلالاً بواجبات المجلس الأعلي للقوات المسلحة , وهذا ما لانرجوه أن يكون علي الإطلاق , لأنه بمثابة عزف هاديء علي أوتار ملغومة !!
أم أن الجماعات الدينية تحرم كل أنواع المعازف , وتستأثر وحدها بالعزف علي أوتار المحرمات الإجتماعية والسياسية بجسد موسيقي ملغوم , قابل للإنفجار عند إرتفاع نغمات العزف الحماسية !!؟


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع