الأقباط متحدون - أقباط ثورة 23 يوليو
  • ٠١:٣٨
  • الثلاثاء , ٢٤ يوليو ٢٠١٨
English version

أقباط ثورة 23 يوليو

مقالات مختارة | ميلاد حنا زكي

١٤: ٠٩ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٢٤ يوليو ٢٠١٨

ميلاد حنا زكي
ميلاد حنا زكي

(1)
حالة من التوجس غلبت على الأقباط خلال فترة ثورة 23 يوليو 1952، خاصة أن حركة الجيش لم تضم سوى قبطى واحد ينتمى إلى الصف الثانى فى الحركة، وهو اللواء أنور عبدالله، ثم تعاظم قلق الأقباط بعد أن استبعدت الثورة قادة الرأى من الصفوة القبطية، سواء فيما يخص قانون الإصلاح الزراعى أو التأميم، ويفسر ضآلة التواجد القبطى فى تنظيم الضباط الأحرار هو أن هذا التنظيم جاء على شاكلة المؤسسة التى انبثق منها وهو النفوذ التقليدى للملك، كما كثر بالتنظيم فى بدايته من ينتمون إلى جماعة الإخوان أو جماعة مصر الفتاة ذى الفلسفة المتشددة دينيا.

(2)
لخصت جريدة «المصرى»، عشية يوم ثورة 23 يوليو 1952، لسان حال الأقباط آنذاك، حيث نشرت مقالا تحت عنوان «الأقباط يطالبون بالمساواة والإنصاف عملاً لا قولاً» بدون توقيع لكاتب المقال، عن منظمات الشباب القبطى والحزب الديمقراطى المسيحى بقيادة رمسيس جبراوى، وجاء فى مضمون المقال مطالبة الأقباط بفصل الدين عن الدولة والسياسة ورفع القيود الصارمة المفروضة على بناء الكنائس والموجودة حتى الآن، وتمثيل الأقباط فى المجالس النيابية بعدد يتناسب مع تعدادهم الفعلى، وأن يصرح رسميا بإذاعة الشعائر الدينية يوم الأحد وعدم التفرقة فى الوظائف والترقيات والبعثات، إضافة إلى الجندية والبوليس، وأن تمنع الحكومة أى دعاية للتفرقة بين المسلمين والأقباط فى جميع الشؤون العامة.

(3)
خلال فترة ثورة يوليو 1952 كان هناك شبه عزوف من الأقباط عن المشاركة السياسية، نتيجة بعض القوانين والقرارات التى أصدرها النظام الجديد وأضرت بالأقباط، وفى مقدمتها تأميم مصانع وشركات القطاع الخاص وتأميم أراضى كبار الملاك والباشاوات، وتأميم أراضى وأوقاف الكنيسة لصالح الإصلاح الزراعى، مما أدى إلى خسائر فادحة للأقباط.

(4)
صرح أحد أعضاء قيادة الثورة، فى برنامج «كنت مسؤولا» سنة 2012، أن أعضاء قيادة الثورة وقيادة الجيش المصرى لم يكونوا متخوفين من موقف الملك فاروق بالتنازل عن السلطة والحكم بقدر ما كانوا متخوفين من موقف الأقباط بعد تنازل الملك عن الحكم لقيادة الثورة، التى كان معظم أعضائها من جماعة الإخوان، أن يطلب الأقباط الحماية من السفارات والقنصليات الأجنبية، خاصة البريطانية التى كان لها بعض فرق وجيش وقطع أسطول مرابض بجوار قناة السويس.

(5)
كنت أناقش صديقتى الصحفية- بجريدة وطنى- مريم مسعد، ابنة شيخ الصحفيين مسعد صادق، الذى اعتقل بعد الثورة وفصل من النقابة، وقالت: «والدى مسعد صادق أعتقل بسبب أراه عن ثورة يوليو، حيث طالب بوجود إجراءات إصلاحية شاملة دون تمييز أو إقصاء لحرية أحد»، وأضافت: كان والدى يكتب مقالات عديدة وجريئة ضد النظام وأصدر جريدة «الفداء»، وكانت تدعو إلى المساواة ونبذ العنف والتعصب، ونظراً لما أحدثته «الفداء» من صدى هائل جعل الرئيس الراحل أنور السادات، يصدر قرار اعتقال أكثر من كاتب منهم مسعد صادق.

(6)
رغم أن بعض المراجع التاريخية أكدت ترحيب الأقباط بقيام ثورة 23 يوليو 1952 فى الأيام الأولى، إلا أن هذا الترحيب لم يزد عن كونه ترحيبا بروتوكوليا، وليس تعبيرا عن تأييد واضح، ومن أشهر الشخصيات التى أيدت الثورة منذ بدايتها هو سلامة موسى، وكتب مقالات كثيرة موجهة إلى مجلس قيادة الثورة ترحب بالثورة، كما كان القمص سرجيوس ممن رحبوا بالثورة، وطالب وقتها بثورة مثلها داخل الكنيسة.

(7)
حركة الضباط الأحرار أدركت التخوف من قبل الأقباط وبدأوا بزيارات لمقار الأسقفية بالمحافظات للم الشمل بعد أيام من الثورة لبث خطاب الطمأنة وإثبات حسن النوايا تجاه الأقباط، كما أرسل اللواء محمد نجيب، رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت، بطاقة تهنئة بعيد الميلاد سنة 1953 وبها رمز لهذا التآخى، كما وافق مجلس قيادة الثورة على طلب البابا، فى ذكرى الثورة الأولى، على منح‏ ‏العاملين‏ ‏الأقباط‏ ‏فى ‏الدولة‏ ‏خمسة‏ ‏أيام‏ ‏إجازة‏ ‏خاصة‏ بأعيادهم، وهى: عيد‏ ‏الميلاد‏،‏ والقيامة‏، و‏الغطاس‏، ‏وأحد‏ ‏الشعانين‏،‏ وخميس‏ العهد، والسماح‏ ‏لهم‏ ‏بالتأخير‏ ‏ساعتين‏ ‏كل‏ ‏يوم‏ ‏أحد‏ ‏حتى‏ العاشرة‏ ‏صباحا‏ ‏لحضور‏ ‏القداس.

■ ■ ■

علاقة الأقباط برجال الثورة وخاصة عبدالناصر تغيرت تماما مع تولى البابا كيرلس السادس الكرازة المرقسية، ولم يشهد التاريخ الحديث علاقة محبة وترابط بين رئيس الدولة وبابا الكنيسة إلا فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، وكان له تأثير كبير على حال الأقباط وقتئذ.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع