بقلم :كابي يوسف
لقد قرعت باب بيتي مراراً، وغالباً لم أجب. لقد وضعتني في فكرك وقلبك، حفظتني في حدقة عينك، ولم أبالِ. لقد أعطيتني اسماً ومكانة، أحببتني منذ البدء، عرفتني وأنا في بطن أمي، ولم أهتم. نفخت فيً روحك، ومنحتني الحياة. نعم لقد أحييتني، أيقظتني من سباتي، ولم أنهض. وإن نهضتُ عدتُ وسقطتُ. سامحني سيدي على تقصيري عندما دخلتَ ذات يوم إلى حياتي. أعطيتها شبعاً وغنى. أقمت من الرماد نفسي وانتشلتني من الهاوية. سامحني سيدي على جحودي ونكراني، كبريائي ولا مبالاتي ، فقد اخترتُ الطريق الواسع وانحرفتُ عن الضيق. سامحني سيدي، فقد أوجدتني في عائلة، علّمتني، أعطيتني مهنة، أشبعتني، بل كل ما يلزم زدته لي، من مأكل ومشرب وملبس ومسكن.
حتى الأسود جاعت لكنك لم تجعلني أحتاج. سامحني سيدي مهما فعلتُ لا أفيك حقك، مهما خدمتك ورأيتك في أخي وقريبي أبقى مُقصراً، لم أقم بما هو مطلوب مني، من روح تلمذة وحب وبذل وإيثار وتنزه عن الدنيويات. سامحني سيدي على تقصيري، فقد فهمتُ خطأ أنك تحتاج إلى أعمالي، فروضي، أفكاري، خدماتي، وما أدركت عمق احتياجك لقلبي وحياتي، لتوبتي، حتى تجعل مني إنساناً جديداً مولوداً من روحك. سامحني سيدي فقد دخلت منزلي، وكان مهيئاً، نظيفاً، وكنتُ مُرتدياً لباس العرس، ففرِحت بي وجلستَ على مائدتي المتواضعة التي كسرتُ فيها خبزي وقلبي، وسكبتُ فيها نفسي، ساجداً أمامك، أمسحُ قدميك بشعري، مُصغياً إلى كلماتك المُحيية التي أنعشتني وطهّرتني، وجعلت مني ينبوع ماء يسير نحو الحياة الأبدية. لكني فجأة أنكرتك، نسيتك، لم تعد أنت الأول والأساس في حياتي، لم يعُد كياني كله بين يديك، فصرت أكثر ظلاماً وضبابية. تاهت نفسي، وضاعت قوتي مني. لذلك آت إليك اليوم سيدي، أطلب عفوك، غفرانك، أطلب حضورك لتملأني فرحاً وسلاماً وخلاصاً. آتي إليك مع المتعبين والثقيلي الأحمال، أطلب رحمتك لأني خاطئ، وبالخطيئة قد حبلت بي أمي، وأثق أن راحتي فيك، وأنه ستكون لي حياة معك، وسيكون لي أفضل.