الأحد ١١ سبتمبر ٢٠١١ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
بقلم: ايهاب الهادى
كنت طفلا لم يتعدى الخامسة من عمره فى اسرة بها سبعة ابناء اربعة بنات وثلاثة اولاد وكنا ننتظر المولود الثامن ولم تكن وسائل التشخيص الحديثة قد ظهرت بعد فكنا نعرف جنس المولود بعد ولادته وكانت انتظاراتى ان يكون المولود ذكر حتى نصير متعادلين اربعة بنات مقابل اربعة اولاد وكانت شقيقتى الكبرى تستغل رغبتى وتلاعبنى بان المولود سيكون بنتا وسينتصرون علينا ويسحقوننا وسنكون اقلية غلابة لا حول ولا قوة لها ومرت شهور الانتظار لتأتى لحظة الحسم فتخرج عمتى من الحجرة التى تلد بها والدتى لتزف لنا وصول الاخت الخامسة لتنطلق زغرودة من شقيقتى الكبرى يتبعها احتفالات انتصار جنس الحريم على العبد لله .
ليمتلكنى غيظ شديد وغضب عارم كيف سأعيش عمرى معهم ذليلا وليس بمقدرتى تغير الواقع فقررت انهاء حياة اسرتى فى تلك اللحظة فالموت اهون من الذل وجلست فى غرفة السفرة على احد كراسيها وامسكت بيدى علبة ثقاب اخفيتها اسفلها حتى لا يرانى احد وقمت باشعال عود الثقاب ووضعته مشتعلا تحت طرف مفرش السفرة لتشتعل النيران من اشتعال غضبى وتبدأ النيران فى الانتشار بالحجرة . ليحتضنى بعد اخمادها والدى واخوتى ويهدئون من روعى ولم اتلقى عقابا على فعلتى تلك ولكن انتهى بلا رجعة الذل الذى تخيلته من شقيقاتى البنات اللاتى تحملن اللوم فيما اوصلونى اليه من غضب .
تذكرت هذا مع تنامى الغضب عند المسيحين بعد قفز التيارات الاسلامية على انجازات الثورة ومحاولتها السيطرة على الساحة السياسية والاعلامية بالبلطجة الفكرية والجسدية فهل آن الوقت للاعلان عن الغضب ؟
لكن ما هو الغضب ؟ فالغضب كما يوضحه القس صموئيل حبيب هو رد فعل طبيعى يقوم به الشخص مقابل مواقف واحداث تهدد امنه او سلامه او تحرمه اماله و طموحاته او تسئ الى كبريائة وكرامته , وحينما يكون جماعى يستحيل وقف جماحه . لذلك نجحت ثورة الغضب المصرية فى اسقاط النظام السابق .
ويخبرنا الكتاب المقدس عن غضب الهى فقد غضب على الشعب قديما لانهم ذهبوا وراء آلهه اخرى . كما غضب السيد المسيح عندما دخل الهيكل ووجد ان المسئولين عنه يستخدمونه فى مهام التجارة والكسب الغير مشروع حتى انه شبه الهيكل بمغارة لصوص فأمسك بسوط وقلب الموائد وكراسى الباعة والتجار .
ويظهر لنا الكتاب الغضب كقوة عظمى فعندما غضب داود عندما سمع تحدى جليات الجبار واستهزاءة بشعب الرب تحول غضبة الى قوة الانتصار, ونحميا حينما غضب فى السبى لسماعه اخبار اورشليم السيئة تحول غضبه الى صلاة قادته للعودة لبناء وترميم اسوار اورشليم , وبطرس حينما غضب لانهم شبهوا التلاميذ عند حلول الروح القدس بأنهم سكارى قاده الغضب الى القاء عظته الشهيرة والتى آمن من خلالها ثلاثة الاف نفس.
فالغضب له قيمة عظيمة ايجابية داخل مجتمعنا خصوصا عندما يكون موجها ضد الظلم والاستبداد وضياع الحقوق و ضد الضرر والألم والعنف , فالغضب هو القدرة الكامنة التى خلقها الله فى الانسان للدفاع عن النفس . وبذلك هو لا يتعارض مع الايمان الا اذا كان مرتبطا بالشر لذلك ينصح به الوحى المقدس فى رسالة بولس الرسول الى اهل افسس 4 : 26 ويقول اغضبوا ولا تخطئوا فآباء الكنيسة فى تفسيرهم لتلك الآية رأو ان الغضب الطبيعى المقدس موجود فى الانسان من اجل احقاق الحق .
فهل لنا ان نعلن عن غضبنا لقد عبرنا عنه مع شهداء كنيسة القديسين واستمر مع احداث كنيسة العمرانية وبلغ ذروته بعد هدم كنيسة قرية صول باطفيح التى كانت سببا فى ولادة اتحاد شباب ماسبيرواستمر مع حريق كنيسة امبابة وبعدها انتظرت مع كثيرين وتعلقت قلوبنا بحلول لمشاكلنا ولكنها تتلاشى مع الوقت فهل يعود لنا احساسنا بالخوف وتعود حياتنا الى السلبية ؟هل تبقى السلبية اقوى من الغضب المقدس لا اعتقد ذلك بل اثق ان الغضب المقدس آتى لذلك فتشت فى جيوب الطفولة فوجدت فى طياتها عود ثقاب, فانتشلته لكى استطيع ان اعبر عن غضبى ثانية .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع