الأقباط متحدون - هلمّ نرجع ونأخذ معنا كلامًا.. ثم نقوم ونبني!!
أخر تحديث ٢٣:٤٠ | الثلاثاء ١١ اكتوبر ٢٠١١ | ٣٠ توت ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٤٣ السنة السابعة
إغلاق تصغير

هلمّ نرجع ونأخذ معنا كلامًا.. ثم نقوم ونبني!!

بقلم: أرنست أرجانوس جبران
(المقدمة)
"نِفْسِي في شيكولاته.. نفسي في لحمة.. نفسي أستحمى".. هذه نوعية من أمنيات بعض الأطفال المسيحيين الفقراء في "مصر"، والتي قيلت بألسنتهم وبطريقة حزينة عفوية عند لقاء عشوائي مع الكاميرا المتنقلّة الخاصة بإحدى القنوات التلفزيونية المسيحية بـ"مصر".. كم أثّرت فىّ هذه الكلمات.. وأستطيع أن أعترف وأصرِّح بأن بعض الدمعات الساخنات قد وجدتْ طريقها إلى إتجاه يتماشى مع قانون الجاذبية الأرضية.. لا أدري.. أوَ تبكي الرجال..!! .. أقول: نعم، قد شعرتُ بأنهم أبنائي وأنا مقصِّر تجاههم.. وقد يكون هذ الشعور ما هو إلا محصلة للأحوال المحزنة في مصرنا الغالية.. ومدى آلام أبنائنا وبناتنا هناك.. والذين يقاسون الأمرين من مختلف أنواع ونوعيات الاضطهادات المتكررة كل يوم لأقباط مصر.. آخرها وبالطبع ليس آخرها، ما كان في الأسبوع الأول من الشهر الجاري أكتوبر.. إنها حادثة حرق كنيسة مارجرجس بقرية "المريناب" بإدفو– أسوان- إضافة إلى حرق ثلاث منازل مجاورة، أصحابها من نفس عينة الأقباط الذين حُرقت كنيستهم.. ومما زاد الطينة بلة، تصريحات السيد محافظ "أسوان" الذي صرَّح بأن الكنيسة "مضيفة" أي بُنِيتْ بغير تصريح قانوني.. وهنا أندهش وأقول: على الرغم من قِدم بناء الكنيسة، والذى يرجع تاريخه إلى عام 1940، وعلى الرغم من وجود تصديق البناء- إلا أن تصلف سيادة المحافظ ومحاولته تحطيم الحقيقة، أقول لك يا سيادة المحافظ: لماذا تعاند الحق لتقف مع الباطل..؟؟.. ولنفترض جدلًا بأن الكنيسة بُنِيتْ على أنها "دار ضيافة" كما تزعمون، هل معنى هذا، أن بإمكان أي شخص أو أشخاص القيام بتدميرها وإحراقها؟؟!!.. عجبتُ لك يا زمن.. ما معنى هذا يا سيادة المحافظ؟.. أهذا ضوء أخضر لمن هبّ ودبّ، بأن يحرق ما يشاء ويدمر ما يشاء من دور العبادة أو محلات ومنازل النصارى الكفار؟؟!!.. وليكن هم نصارى وكفار أيضًا، هل هذا يعني أن تأكل حقهم يا سيادة المحافظ؟؟.. لماذا تودون إحراق "مصر"!!.. ولكن أرجو أن تتذكر المقولة التي تقول: "إذا دعتك قدرتك إلى ظلم الناس، فتذكر قدرة الله عليك".. بل تذكر من سبقوك كيف كانوا وأين هم الآن!!.. هم وراء القضبان، والدائرة ستدور يا سيادة المحافظ، فاعمل حسابك.. وتذكر دائمًا.. يا سيادة المحافظ..

والحادثة الأخرى، والتي كانت قبيل أحداث كنيسة "إدفو"، أيضًا كانت من نتاج التعصب الأعمى والفشل الإداري في المراحل التعليمية بوجه عام.. وفي مدرسة ثانوية بقرية الشيخ فضل بـ"بني مزار" بوجه خاص.. فهذا يظهر جليًا في حادثة تلك البنت القبطية الشجاعة "فريال سوريال حبيب"، الطالبة بالصف الأول الثانوي، طردتها المَدْرَسة لأنها لم ترتدِ حجابًا بحجة أن الزي المدرسي يلزمها بذلك، إلا أنها لم ترضخ لهذا القرار إلى أن سُمح لها بالدراسة بدون غطاء الرأس.. وكم .. وكم من أحداث.. وها هي مصرنا وأحداثها والتي تزاد ضراوة يومًا بعد يوم، حتى أصبحت تحت بند "على عينك يا تاجر"، وبعد ثورة 25 يناير 2011.. ومن هنا نقول: احذروا الحليم إذا غضب.. وأيضًا المظلوم إذا غضب..

وهنا، أرجو أن أتوقف قليلًا لأتساءل: لماذا كل هذا؟؟ لماذا أصبح المتأسلم يكره المسيحي إلى هذه الدرجة؟؟. وعندما أقول المتأسلم أو الوهابي أو السلفي.. هؤلاء هم بخلاف إخواننا المسلمين المعتدلين والذين أسميهم "مسلمي أيام الزمن الجميل".. مرة أخرى، هل تُعْزَى هذه الظاهرة إلى الظروف المحيطة من سوءٍ في إدارة وتخطيط لشئون البلاد؟.. أم سوءٍ في المناهج التعليمية؟.. أم هو تغلغل الخطاب الديني المتطرف؟.. أم هو نتيجة للإعلام المُسيس والذي يقوم بنشر معلومات خاطئة وكاذبة عن الأقباط بل وتهميشهم وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية وما دون الثانية؟.. أم هي الضمائر التي قد ماتت إلى غير رجعة؟!!.. أم هي تركيبة معقدة تحوي جميع المقومات السلبية التي تراكمت عبر الأزمان حتى طفح الكيل؟.. بالفعل قد طفح الكيل.. والكيل الذي أعنيه هنا، أشبهه بِـ"خلاط" كبير.. بحجم وطن منكوب.. جُمعت فيه كل المساوئ حتى طفحت، ثم أُدِيرَ هذا الخلاط ليعمل بسرعته القصوى.. وللأسف قام من قام بتشغيله يوم 31 ديسمبر من العام المنصرم 2010 يوم تفجير كنيسة القديسن بالإسكندرية.. فما كانت إلا أن تتطايرت وتقاذفت تلك العناصر القذرة إلى الخارج بعد أن امتزجت بمكونات أكثر سوءًا، محدثة طنينًا مزعجًا ورائحة غير مستحبة في جميع أنحاء الوطن.. من "القاهرة" إلى "أسوان"، منها حوادث حرق منازل ومحلات المسيحيين، واختطاف البنات، إلى آخره.. أما المتبقي في قاع هذا "الخلاط" الذي بحجم وطن، فقد احتفظوا به حتى "يتعتق" لإخراجه واظهاره في الوقت المناسب.. وها هم بدأوا يوزعون بعضًا من تلك المكونات مرة أخرى.. حيث قاموا بحرق كنيسة مارجرجس "المريناب".. وقيام رجال الجيش بضرب الأقباط المتظاهرين بـ"ماسبيرو" يوم الثلاثاء 4 أكتوبر، والذين كانوا ينادون بمطالبهم العادلة، ومنها إعادة بناء الكنيسة التي أحرقت بإدفو، وإقالة محافظ أسوان.. فما كان من فرقة من الجنود إلا الهجوم على الشباب المسيحي والاعتداء عليهم بالضرب المبرح.. نعم، قد قام الجنود البواسل بالضرب، مستخدمين هرواتهم على المتظاهرين الأقباط، وكانت كاميرا أحد المصورين من أعلى إحدى البنايات، تركِّز على شاب مسيحي، والذى كان يُضرب بلا رحمة.. وأنا واثق من أن مَن قام بمشاهدة هذا الفيديو سيشعر تمامًا بمدى الكراهية المتأصلة في قلوب هؤلاء الجنود، حيث كان الضرب ينهال بكل قسوة وكأنها عملية انتقام واضحة بغرض ترك عاهات مستديمة على جسم المضروب.. ولم يكتفوا بالضرب فقط، بل قاموا بسحله على الأرض.. يا سلام على النخوة!.. يا سلام على النخوة في هذه الغزوة..!!

ومن زاوية أخرى، وفي نفس اليوم والمكان، قام بعض الجنود بالاعتداء على أبينا جبار البأس "متياس نصر" حتى كُسرتْ نظارته.. وقد نجا أبونا "فلوباتير جميل" الجسور بأعجوبة.. وهكذا أثبتت هذه المادة الحاقدة فاعلية مدهشة، حيث أنها توضح مدى الحقد المتغلغل والذي يسرى في الدماء التي تضخها القلوب التي لا تعرف المحبة أو السلام أو الرحمة.. والدليل على ذلك ما جعل العشرات من جنودنا البواسل يضربون المسيحيين العزل بوحشية منقطعة النظير.. وكما قلت، أصبحت خلاصة تلك المساوئ تؤدي إلى أمراض اجتماعية مخيفة.. والويل- وكل الويل- لمن يتلامس معها؛ لأنها ستصبح معدية وقاتلة.. بل ستفتت وطنًا كان بالأمس مركزًا لجميع الحضارات.. واحسرتاه!.. ويا أسفاه! عليكِ يا بلد..

وهنا أود أن أشيد بأمثال هذين الراعيين، أبينا "متياس نصر" وأبينا "فلوباتير جميل".. اللذين جددا أمجاد "الكتيبة الطِيبية" القبطية التي سارت بجيش قبطي من مدينة طِيبة (الأقصر حاليًا) إلى أوربا في القرن الثالث الميلادي.. وغيرهما وغيرهما؛ لأننا وبكل صراحة قد تأخرنا كثيرًا للقيام بواجب الدفاع عن الكنيسة، مما أدى إلى استفحال الأمور حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن..

وإلى اللقاء الثاني مع بقية المقال.. والذي سيوضِّح مدى تقصيرنا نحن الأقباط في الفترة الماضية.. الشئ الذي جعل الأمور تستفحل وتصل إلى هذه الدرجة.. ولهذا اخترت العنوان والذي سيكون في لب الموضوع بإذن الله: "هلمّ.. نرجع ونأخذ معنا كلامًا.. ثم نقوم ونبنى!!" إذا شاء الرب وعشنا..
الرب يبارك حياتكم..


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع