سليمان شفيق
فتحت صباح اليوم الثلاثاء ، مكاتب الاقتراع أبوابها في إسرائيل أمام 6,3 مليون ناخب في انتخابات تشريعية مبكرة يتقرر على إثرها مستقبل رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتانياهو. وينافس نتانياهو الجنرال العسكري السابق حديث العهد بالسياسة، بيني غانتس، زعيم تحالف أزرق أبيض، ألوان العلم الإسرائيلي، الوسطي الذي يضم ثلاثة أحزاب
الانتخابات التشريعية الاسرائيلية تنطوي على رهانات كبيرة، وسيقرر الناخبون فيها سواء الإبقاء على رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو رغم مزاعم الفساد التي تُحيط به، أو استبداله بقائد عسكري سابق، ليس لدية خبرة سياسية .
وستكون الانتخابات بمثابة استفتاء على نتانياهو البالغ من العمر 69 عاما والذي اكتسب سمعة ضامن الأمن والنمو الاقتصادي في البلاد، غير أن شعبويته ومزاعم الفساد التي تحيط به جعلت الكثيرين على استعداد للتغيير. وانخرط نتانياهو في خطاب سياسي شعبوي طوال حملته اللاذعة التي يقول مراقبون إنها بلغت حد شيطنة العرب الإسرائيليين وغيرهم
لكن قائد الجيش الإسرائيلي السابق بيني غانتس يشكل خصما لا يُستهان به في وجه رئيس الوزراء المخضرم، نظرا إلى سجله العسكري وتعهده بإصلاح الأضرار التي أحدثها نتانياهو
ويتوقع أن تكون النتيجة متقاربة بين الطرفين، والأرجح أن تؤدي بعد صدورها رسميا إلى مفاوضات محمومة لتشكيل حكومة ائتلافية.
منحت استطلاعات الرأي حزب نتانياهو "الليكود" وتحالف "أزرق أبيض" نفس عدد المقاعد في البرلمان المؤلف من 120 مقعدا. وبحسب هذه الاستطلاعات التي تُعطي كل طرف ثلاثين مقعدا، لن يكون بإمكان أي منهما تحقيق الغالبية المطلوبة لتشكيل حكومة، وسيحتاجان إلى تشكيل ائتلاف حكومي. لكن كانت هناك تحذيرات متكررة من عدم موثوقية الاستطلاعات التي لا يُمكن الاعتماد عليها تبعا لتجارب تاريخية، كما أن ناخبين كثيرين لا يزالون مترددين.
وكان نتانياهو قد أصدر تعهدا مثيرا للجدل قبل ثلاثة أيام فقط من الانتخابات حول اعتزامه ضم مستوطنات في الضفة الغربية في حال فوزه، ويمكن لتوسيع السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية أن يكون بمثابة رصاصة الرحمة على ما تبقى من آمال متلاشية بحل الدولتين مع الفلسطينيين. ولطالما سعى اليمين المتشدد في إسرائيل إلى خطوة كهذه
وسعى نتنياهو أيضا إلى تقديم نفسه على أنه رجل الدولة الأساسي في إسرائيل، والتقى خلال فترة الحملات الانتخابية حليفه المقرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إضافة إلى الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والبرازيلي جاير بولسونارو.
وسلط نتانياهو الضوء على اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، واعترافه بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وقال إن الرئيس الأمريكي كان على دراية بمخططاته لضم الأراضي. وقال نتانياهو في مقابلة الأحد مع موقع "آروتز شيفا" الإخباري المحلي "بصراحة، مَن غيري يستطيع فعل ذلك؟ من يمكنه فعل ذلك؟". وأضاف "من يستطيع الوقوف في مواجهة العالم؟ من يستطيع مواجهة الكونغرس الأمريكي؟ من يستطيع تحريك الرأي العام في هذا الاتجاه؟".
وفي الوقت نفسه، استخدم نتانياهو تكتيكات مشابهة لتلك التي يستخدمها ترامب، واصفا تحقيقات الفساد بحقه بأنها "حملة مطاردة شعواء"، ومنددا بالصحافيين الذين يقومون بتغطيتها
أما غانتس، المظلي السابق البالغ 59 عاما والذي شكل تحالفا وسطيا لتحدي نتانياهو، فاستند إلى مزاعم الفساد ضد رئيس الوزراء لإثبات أن أوان رحيله قد آن. ووصف تعهد نتانياهو بضم المستوطنات بأنه محاولة "غير مسؤولة" للحصول على أصوات الجناح اليميني.
وبالنسبة إلى موقفه من هذه القضية، يقول غانتس إنه يفضل "اتفاق سلام مدعوما دوليا" يمرر احتفاظ إسرائيل بكتل استيطانيّة كبيرة في الضفة الغربية وبالسيطرة الأمنية على المنطقة، لافتا إلى معارضته أي خطوات أحادية. وقال غانتس لإذاعة الجيش الإسرائيلي الاثنين "هناك حاجة إلى التغيير، وهناك فرصة لهذا التغيير". وأضاف "إسرائيل تحتاج إلى اختيار اتجاه الوحدة والترابط والأمل... أو التطرف".
وسعى غانتس إلى تخطي خبرة نتانياهو وإنجازاته، عبر التحالف مع رئيسي أركان سابقين للجيش إضافة إلى وزير المال السابق يائير لابيد لتشكيل تحالف "أزرق أبيض".
وإذا فاز نتانياهو، سيكون أول رئيس وزراء يتجاوز الفترة التي أمضاها الأب المؤسس للدولة ديفيد بن غوريون في المنصب. وشغل نتانياهو هذا المنصب لأكثر من 13 عاما مرسخا نفسه بقوة في قمة العمل السياسي في إسرائيل، إلى درجة أن البعض أطلقوا عليه لقب "الملك بيبي""
وفي حال فوزه، سيواجه أيضا احتمال أن يكون أول رئيس وزراء في منصبه يتم توجيه الاتهام إليه.
وأعلن المدعي العام الإسرائيلي أنه ينوي توجيه لائحة اتهام إلى نتانياهو بتلقي رشى والاحتيال وسوء الأمانة بانتظار استكماله استجوابات معلقة. لكن اتهامه لا يُلزمه بالاستقالة، إلا في حال الإدانة وبعد استنفاده كل الاستئنافات.
ولازالت استطلاعات الراي ترجح تقارب النتائج لانقسام اليمين .