بقلم: هانى عزيز الجزيري
شهداء ماسبيرو هم أبناءنا وإخوتنا . استشهدوا وهم يهتفون لأجل الحق والعدل . ليست لهم مطالب شخصية أو مادية . بل كانوا يطالبون بمطالب عادلة .بحياه كريمة لكل مواطن مصرى . كانوا يهتفون من أجل الحق فى الحياه والصلاه . فكان جزاؤهم الإستشهاد . وهو جزاء إيجابى وليس سلبى . فالقاتل الذى دهسهم بالمركبة المدرعة أو الذى وجه لهم الرصاص الحى والقائد الذى أصدر له الأمر . ربما لايعرفان أن الذين قتلوهم عشوائياً هم مختارون بعناية فائقة من السماء التى سمحت بهذه التجربة . ليظهر الطغاة على حقيقتهم . وليزف هؤلاء إلى السماء التى لن تترك الطغاة ينعمون بغيهم طويلا . بل سترد عليهم العناية الإلهية رداً سريعا وقويا يخرس كل الألسنة . ويطيب القلوب التى يعتصرها الحزن .
ولكن علينا أن نواصل مسيرتنا من أجل رفع الظلم والمعاناة عن كل مواطن مصرى .
وإذا كان كل الشهداء هم أبناءنا وإخوتنا فمنهم من إرتبط بمركز المليون لحقوق الإنسان . وكان عضوا به . ومنهم من شارك فى أنشطة حركة أقباط من أجل مصر وكان شريكاً فى كل فعاليتها
ونذكر منهم
الشهيد مينا إبراهيم دانيال
إشترك فى مركز المليون منذ منتصف عام 2009 .
كان مسئولا عن الإشتراكات عن منطقة عزبة النخل
كان مداوماً على حضور الإجتماع الإسبوعى لفترة طويلة
شارك فى كل الأنشطة التى أقامها المركز
شارك فى كل الفعاليات التى نظمتها حركة أقباط من أجل مصر وكان عنصراً فعالا وفى المقدمة دائماً .
بدأيشارك فى كل الحركات السياسية التى تفتحت قبل الثورة. كان يشارك يوميا فى إجتماع مختلف . مرة مع حركة 6إبريل. ومرة أخرى مع التجديد الإشتراكى . تارة مع الليبراليين . وتارة أخرى مع الشيوعيين . وهكذا تعرف مينا على كل التيارات الموجودة وكون صداقات مع الجميع . ولكنه كان يحن دائما إلى مركز المليون وحركة أقباط من أجل مصر وإجتماعاتها .وكنت دائماً أناقشه . واداعبه عليك أن تحدد إتجاهك . لقد إكتسبت خبرة من تنقلك بين التيارات المختلفة . والآن حان وقت الإختيار والإستقرار.
وكان دائما على لسانه كلمه واحدة وفى ذهنه سؤال يتردد . وبعدين ؟؟
وحينما قامت الثورة كان مينا مواظبا منذ اليوم الأول فى ميدان التحرير . وربما يكون الوحيد فى مصر الذى لم يغادر الميدان أيام الثورة الأولى وحتى سقوط مبارك. وإستمر مينا دانيال فى ميدان التحرير مشاركاً ومتميزاً بالمواظبه وكأنه وجد نفسه فى الميدان . مثلما كثيرون
لم ترهبة طلقات الرصاص ولا ركلات الخيول فى موقعة الجمل .
حتى حينما فض الجيش بالقوه إعتصام التحرير كان مينا متواجدا وحزينا.
إستشهد مينا فى موقعة ماسبيرو برصاص الجيش المصرى الذى صفقنا له فى التحرير حينما كان يحمى الثوار.
أستشهد مينا بعد أن أخرج أخته الصغيرة التى صاحبته فى المسيرة . من منطقة الخطر بعد بداية الضرب بدقائق وعاد ليساعد زملاؤه فباغتته رصاصة الذل والعار لتخترق صدرة وتخرج من جنبه الأيمن لتمزق أحشاؤه ولكنها لم تستطع أن تهتك أفكاره أو مبادئه ووقع على الأرض جرى عليه أحد زملائه فأوصاه. أن تكون جنازته من التحرير . وهنا لابد أن نتوقف لنجد سؤالاً يطرح نفسه لماذا من التحرير وليس من ماسبيرو؟
فنجد العبقرية المصرية فى هذا الشهيد الصغير. العفوى . الفطرى . البسيط . فقضية مينا إبراهيم دانيال قضية وطن بأكمله وليس قضية طائفية . ومشاكل الأقباط جزء من هموم هذا الوطن الحزين على أبناءه
ولمن لايعرف فمينا كان قارئاً جيدا . ويريد أن يثقف نفسه بنفسه فربما يتصور البعض من كلماتى أن شهيدنا كان سطحياً أوكما تقال بالعامية (هايص فى الهيصة )لا . ولقد وجدت بالصدفة فى فهرس مركز الإستعارة اسم مينا دانيال، والكتب التى إستعارها تبين كيف كان يحاول أن يفهم وتدل أيضاً على تنوع ثقافته ففى المرة الأولى وبتاريخ 20/8/2010 إستعار مينا كتابين هما أعلام الفلسفة السياسية المعاصرة ،الأسطورة والوجه الآخر . وفى المرة الثانية بتاريخ 3/11/2010 إستعار التجربة الحزبية فى مصر ، التحليل السياسى الحديث . وفى المرة الأخيرة بتاريخ 10/1/2011 وبعد حادثة القديسين إستعار مينا المسيحية والتاريخ ، قصة الكنيسة القبطية .
إستشهد مينا الشخص العادى فى حياته . وبكت عليه مصر كلها مسلميها قبل مسيحييها . وكتب عنه أحد أصدقائه المسلمين سلام ياصاحبى . وهى كلمة فى قاموسنا الشعبى تدل على عمق الصداقة والمحبة . لم يكن يعرف ولم نكن نعرف أن له هذا القدر من المحبة فى قلوبنا . رصاصة غادرة أنهت حياة جيفارا المصرى . ولكنها لم تمنع إبتسامته المعهودة من على شفتيه . وإكتشفنا أنه أستشهد يوم وفاة جيفارا 9/10/1967 وأستشهد مينا يوم 9/10/2011 والفارق 44 سنه . ناهيك عن وجه الشبه فى اللحية والشعر الطويل . جاء شى جيفارا من أدغال أمريكا اللاتينية ليكون شهيد القرن العشرين .
وجاء مينا من أسفلت الشارع ليكون أمير شهداء الأحد الدامى
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع