خالد منتصر
لا أعرف من الذى قال «فى السفر سبع فوائد»، ولكنى متأكد من أنه مخطئ، ففى السفر سبعون فائدة، دائماً تتعلم فى السفر دروساً لا تنتهى ولا سقف لها، لذلك أعتبر عدم السفر والعراقيل التى يضعونها أمام الشباب المصرى فى استخراج الفيزا من أهم أسباب التطرف، لأن عالم هؤلاء سيصبح ضيقاً محدوداً، يتصورون الكون متآمراً عليهم، ويتخيلون أفكارهم المحنطة هى شفرة المستقبل، لذلك أعشق السفر وأعتبر أن كل رحلة هى بمثابة سبعين كتاباً، وفى رحلتى الأخيرة لكندا زرت تورنتو ومسيساجا، وأحببت أن أنقل لكم بعض المشاهدات والدروس:
· أثناء الزيارة فاز فريق السلة التابع لتورنتو على واحد من أقوى فرق أمريكا، وكانت موقعة خرجت فيها تورنتو عن بكرة أبيها احتفالاً بهذا الانتصار الرائع، لكن الأجمل هو الصفحة التى هنأ فيها الفريق الأمريكى المهزوم فريق الرابتورز الكندى الفائز فى أشهر الصحف الكندية.
· حكى لى صديق مصرى يعيش هناك أنه أثناء مشاهدة مباراة السلة، حمد الله بعفوية على إصابة نجم الفريق المنافس، فوجه إليه ابنه الصغير المولود فى كندا اللوم الشديد على هذا الكلام وتلك الفرحة، قائلاً له: ألم يحزنك الألم الذى على وجه اللاعب، ألم تسمع صوت «طقطقة» العظام، كان يتحدث بغضب وحزن، وأعطى له درساً بليغاً.
· أثناء رحلتى من تورنتو إلى مسيساجا توقفت السيارات على الهاى واى، وكان السبب انتظار سرب بط يمر متبختراً فى عرض الطريق، أخبرنى الصديق أن هذا السرب لو استغرق ساعة عليهم الالتزام والانتظار، سألته: ألا ترى هذا مبالغة، كان رده: من يخاف على الحيوان حتماً سيخاف على الإنسان ويحميه.
· رأيت أحدهم يستعد للذهاب إلى المحكمة، وعندما سألته عن السبب قال إنها مخالفة طريق بدولارات زهيدة وهو قد اختصم الضابط وسيقفان معاً أمام القاضى للفصل فى تلك المخالفة، ولما قلت له إنه مبلغ تافه وأليس هذا تضييعاً لوقت المحكمة، قال: هذا حقى وهم هنا يعلموننا أن نحافظ على حقوقنا ما دمنا نؤدى واجباتنا.
· أكبر مخالفة هناك فى قيمتها، والتى تصل إلى السجن، هى الركن فى مكان ذوى الاحتياجات الخاصة، لا تسامح فيها.
· الاعتزاز بكل ما هو كندى سمة مميزة لهذا الشعب برغم قرب أمريكا وإبهار النموذج الأمريكى، على سبيل المثال هناك قهوة ستار بكس التى تسيطر على العالم كله، إلا فى كندا فهم مهووسون بقهوتهم الكندية التى تبيعها محلات «توم هورتونز» التى كان يملكها لاعب هوكى كندى شهير، ويعتبرونها مشروبهم الوطنى الذى يميزهم.
· إلقاء ورقة فى الشارع أو البصق فيه جريمة يعاقب عليها القانون بشدة وصرامة، فالشارع ملكنا جميعاً لا يحق لك استباحته.
· أبوتك لابنك لا تعنى أنه عبد عندك تضربه وتعنفه وتقسو عليه، عندما ستفعل ذلك سيأخذون هذا الابن وينقذونه من جحيمك ويقومون بتربيته، لأنهم يراهنون على مواطنين أسوياء، والأوطان لا يبنيها المرضى.
نقلا عن الوطن