د.ماجد عزت إسرائيل
الدار البطريركية هى المقر الرئيسى للمؤسسة الكنيسة، حيث مقر البطريرك،وتعرف أحيانا بـ«القلاية» أو «القلاية البطريركية»، وكان مقرها فى بداية الأمر فى مدينة الإسكندرية حيث بشر القديس مرقس الرسول بالمسيحية؛ وهو أول البطاركة (56-68م)، ومن هنا أخذ البابا لقب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.
ثم انتقلت الدار البطريركية بعد ذلك من الإسكندرية إلى كنيسة السيدة العذراء «المعلقة» بمنطقة مصر القديمة بعد الفتح العربى الإسلامى لمصر سنة (20هـ/640م).
ويرجع هذا الانتقال إلى تحول عاصمة البلاد إلى الفسطاط ثم ضواحيها العسكر والقطائع وحاجة البابا إلى إن يكون قريبا من ولاة الأمور ليرعى شعبه. ثم انتقلت الدار البطريركية بـعد ذلك إلى كنيسة مرقوريوس أو أبوسيفبن بمصر القديمة بالقرب من الفسطاط.
وبعد أن أمر المعز لدين الله الفاطمى (341-365هـ/952-975م) قائد جيوشه جوهر الصقلى (358-362هـ/968-972م) بإنشاء القاهرة تحولت الدار البطريركية إليها؛ واستقرت فى حارة زويلة بحى بين السورين منذ عام (703هـ/1303م).
وفى العصر العثمانى انتقلت الدار البطريركية إلى حارة الروم السفلى بمنطقة الغورية بالقاهرة، وظلت بها ما بين عام 1071هـ/1660-1214هـ/1799م.
ومع بداية القرن التاسع عشر انتقلت الدار البطريركية إلى حى الأزبكية بشارع كلوت بك الذى كان يعتبر من أكبر الأحياء القبطية آنذاك؛ وهى حاليا تعرف بالكنيسة المرقسية القديمة، ولا تزال تمارس بها الشعائر الدينية إلى حاليًا.
ويرجع الفضل إلى قداسة البابا «بطرس السابع» البطريرك رقم (109) (1809-1852م) إلى اتخاذه الكنيسة المرقسية مقرا بابويا؛ وهى الكنيسة التى كان المعلم إبراهيم الجوهرى الذى تنيح عام (1796م) قد حصل على فرمان عثمانى ببنائها من إحدى أميرات البيت السلطانى، وقد استمرت هذه الكنيسة مقرّا بابـويا حــتى ختام حياة البابا «كيرلس السادس» البطريرك رقم (116) (1959-1971م).
وفى الثلث الأخير من القرن العشرين الميلادي انتقلت الدار البطريركية إلى مقرها الحالى بمنطقة العباسية بدير الأنبا رويس بالقاهرة، بعد أن نجح قداسة البابا كيرلس السادس البطريرك (116) من الحصول على موافقة من الرئيس جمال عبدالناصر (1954-1970م)، الذى حضر بنفسه مشاركا البابا كيرلس السادس فى وضع حجر أساسها فى(24 يوليو 1965م)، كما أن رئيس الدولة أعلن مشاركة الدولة ماديا فى بنائها للمرة الأولى فى تاريخ مصر.
وفي صباح يوم الثلاثاء(25 يونية 1968)أحتفل رسمياً بافتتاح كاتدرائية مارمرقس الجديدة بدير الأنبا رويس، بحضور الرئيس جمال عبد الناصر والإمبراطور هيلاسلاسي وقداسة البابا كيرلس السادس،كما أذاع التلفزيون المصري الحفل على الهواء، وأُلْقِيَت العديد من الكلمات بهذه المناسبة منها كلمة قداسة البابا كيرلس السادس، وقداسة مارأغناطيوس يعقوب الثالث، ومن الكاردينال ديفال مندوب بابا روما، وغبطة الأنبا ثاؤفيس نائب بطريرك جاثليق أثيوبيا، ومن مندوب بطريركية موسكو الذي أعلن أن كنيسة موسكو قدمت للكاتدرائية الجديدة مذبحاً مُذْهَبًا.
ويرجع الفضل إلى المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث البطريرك رقم(117)01971-2012م)، فى الانتقال لدار البطريركية الجديد بدير الأنبا رويس واستكمال بناء وتشطيبات الكاتدرائية المرقسية، وإقامة العديد من المنشأت بداخلها خلال فترة حبريته.
وفي عهد قداسة البابا "تواضروس الثانى"البطريرك رقم (118) - منذ 4 نوفمبر2012 وحتى كتابة هذه السطور- احتفلت الدار البطريركية بالعباسية باليوبيل الذهبي أى مرور 50 عاماً على تشيدها، وقبل الاحتفال بنحو 3 سنوات تقريباً اصدر البابا أوامره بعمل الترميمات اللازمة للكاتدرائية،وتم رسم بعض الأيقونات وترميم البعض الآخر منها،كما تم تزين الكاتدرائية من الداخل والخارج بالدهانات الجديد وفى(18 نوفمبر 2018م) أقيم حفل كبير بهذه المناسبة السعيدة وحضره العديد من رموز الدولة والكنيسة.
وبعد افتتاح الرئيس"عبد الفتاح السيسى" كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة في(7 يناير 2019م) بحضور قداسة البابا " البابا "تواضروس الثانى" والدكتور "أحمد الطيب" شيخ الأزهر الشريف والرئيس الفلسطينى "محمود عباس أبومازن"، وعدد من وفود الدول العربية.هنا نطرح هذا السؤال:هل سوف تنتقل الدار البطريركية إلى كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة؟ أم ستبقى في مكانها الحالي بدير الأنبا رويس بالعباسية ؟ هذه الأسئلة سوف تجيب عنها الأيام القادمة.