الأقباط متحدون - غزوة الديمقراطية وجمهورية طظ
أخر تحديث ٠١:٤٢ | الاربعاء ٣٠ نوفمبر ٢٠١١ | ١٩ هاتور ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٩٤ السنة السابعة
إغلاق تصغير

غزوة الديمقراطية وجمهورية طظ

بقلم : عزت بولس 
 
دفعني شعور وطنى قوى لأن أكون متواجدًا داخل مصر بفترة الإنتخابات – ذلك لأن المُشاركة عن قرب تمنح صاحبها أبعادًا لفهم طبيعة التجربة والمرحلة بشكل لايمكن بأي حال من الأحوال أن يصل له الفرد من خلال متابعة البث المباشر للفضائيات وهو بعيد عن الحدث- لهذا تركت بلاد الصقيع والثلوج وأتيت للقاهرة وأنا أعيش بخيالي أفكارًا ترسم لي أن إنتخابات برلمان بعد الثورة ،وإنتخابات نقابة المهندسين" التي أنتمي لها مهنيًا" بعد الثورة وإلغاء الحراسة عليها ستكون نزيهة وحرة كما عايشت الحرية والنزاهة بإنتخابات الغرب.
 
ما جعل تلك الأفكار- الخاصة بنزاهة الإنتخابات- تدور برأسي هو تأكيدات المجلس العسكري المستمرة بأنه سيكفل كل الضمانات والإلتزامات التي تكفل النزاهة والتأمين اللازم للإنتخابات.
 
إحقاقًا للحق يمكنني القول بأن المجلس نجح في تأمين الإنتخابات حيث لم نري جرائم جنائية كتلك التي كانت تحدث بعهد مبارك، حيث فجأة هرب البلطجية والقلة المندسة تلك الجماعات التي تخرج بأحداث بعينها لتقتل وتحرق وتدمر – والإعلام الرسمي المصري هو من يعلن دائمًا عن خروجها ويقنعنا في إستهزاء صارخ بعقلنا بأن تلك القلة المندسة والبلطجية هم وحدهم المسؤلين بشكل كامل عن أزمات نعرف جيدًا من هو المتورط الحقيقي بها- لكن النزاهة والعدالة بين الجميع في تطبيق الشروط الواجب تنفيذها بيوم الإنتخاب لم تتحق ولو حتى بأقل مستوى لها.
ففي إنتخابات نقابة المهندسين – التي أكتسح الأصوات بها جماعة الأخوان المسلمين- شاهدت بعيني التلاعب في أجهزة الكمبيوتر المُعدة لطباعة الإستمارات الإنتخابية،خاصة وأن مالك الشركة التي قدم تلك الأجهزة هو"إخواني" التوجه والهوى فهل نتوقع منه غير ماحدث؟! ولكم أن تتخيلوا معي شكل ماحدث حيث "هنجت" جميع أجهزة الكمبيوتر فجأة وبشكل جماعي،ليتعطل بعدها سير صفوف الإنتظار للإدلاء بالصوت لساعات طويلة جدًا،مما دفع بالطبع كبار السن والنساء وغيرهم من المُرتبطين بأعمال مُلحة للإنصراف عن الإدلاء بالصوت ليذهب لصالح من يعلمون جيدًا ماذا يريدوا وكيف يحققونه،وبالفعل كان لهم ما أرادوا بنقابة المهندسين. 
 
أنتهيت من إنتخابات المهندسين لأبدأ معركة إنتخابات مجلس الشعب أو برلمان الثورة كما يحب البعض أن يُطلق عليه،ليتأكد لي من جديد أن " النزاهة" مفردة غير موجودة بالقاموس المصري للتعامل مع الإنتخابات،حيث ذهبت غي اليوم الإنتخابي الأول مبكرًا جدًا وبعد مرور نحو خمس ساعات في الطابور أو الصف الإنتخابي أكتشفت وبقدرة قادرة أن الإستمارات الإنتخابية لم تصل للجنة الإنتخاب،كما أن أسمي ذاته غير موجود باللجنة التي أستعلمت عنها كغيري من خلال الأنترنت، مما دفعني للذهاب لقسم البوليس لتحرير محضر بالواقعة وإثبات حالة لما وقع في حقي كمواطن مصري من إنتهاك.
 
في اليوم الثاني للإنتخابات قررت إعادة خوض مغامرة الإدلاء بالصوت وكان لدي إصرار كبير على ممارسة حقي في الإدلاء بصوتي وذهبت لرئيس اللجنة طالبًا منه تحديد مكان الإدلاء بصوتي من جديد، وبالفعل قد كان ذلك وذهبت للإدلاء بصوتي بلجنة أخري غير الأولى بأحد عشوائيات مدينة حلوان. 
العجيب والمثير للشعور بأن النزاهة وتطبيق القانون الإنتخابي أنتهى من القاموس المصري لصالح تيار بعينه ديني الطابع،كان متمثلاً في إستمرار الدعاية الإنتخابية حول اللجان لكل من حزبي الحرية والعدالة الإخوانى والنور السلفي،فقد كان لهم يا سادة مكاتب أمام اللجان لإرشاد النساء والرجال الغير عارفين بالقراءة والكتابة لمكان لجنتهم وبالطبع إعطاء الصوت لرموز أحزابهم " الميزان ،الفانوس" وموضح بأخر المقال صورة لتأكيد حقيقة ما أقول. 
 
هالنى مشهد " الحشد الاخوانى السلفي" هذا للبسطاء من شعب مصر والذين منحوا أصواتهم لمُرشحين تيارات بعينها تدفع بمصر لدولة دينية من العصور الوسطى،هؤلاء البسطاء بعد التلاعب بهم يبدفعون بنا لمن لا بعبأ بأحلام شباب الثورة الذين فقدوا نور عيونهم وأرواحهم من أجل مصر المدنية.
ما شاهدته خلال يومى الإنتخابات من حشد لأصوات البسطاء – من قبل التيارات الدينية تحديدًا- عبر الرشاوى المادية والتلاعب بالمشاعر الدينية بشكل يدفع للإعتقاد بأن هناك صراع ما بين الدولة المدنية والإسلام،ينبيء بدخول مصر على شفا مرحلة دولة دينية على غرار أفغانستان أو السودان حيث الضياع الكامل لحقوق الأقليات والإنحدار لمستنقع الجهل والتخلف والغيبيات. 

 
 صندوق الإنتخاب هو  العنصر الأخير لإكتمال الديمقراطية وليس الأول والأخير خاصة فى بلد نسبة الأمية فيها اكتر من 50% ،بلد لم يعرف أغلبية مواطنيها معنى أو  قيمة حرية التعبير خلال ستين عامًا كاملة قام فيها الحكام بالسيطرة الكاملة على مقدرات المصريين بإبعداهم عن الحياة السياسة والإنشغال بأحداث طائفية ومباريات كروية.
مع خالص شعوري بالأسف يمكنني القول أن القائمين على قيادة مصر الأن قاموا بإالهاءنا عن مستقبل مصر المدني بالعزف على أنغام الماضي الديني دون الإلتفاف لأي تحذير من مثقفي مصر بخطورة المد الديني على المستقبل، لقد ذكرت فى مقالة سابقة أن المجلس العسكرى يمتلك فرصة ذهبية ليدخل التاريخ بإعتباره أول من أرسي قواعد الديموقراطية على أساس سليم ينقلنا من هوه التخلف وبؤرة الفساد لمستقبل المدنية،ولكن للأسف محصلة قراراته أوصلتنا لما رأيناه وسنراه في المراحل التالية بلجان الإنتخابات البرلمانية،إضافة لحمامات الدم التي راح ضحيتها أناس من خيرة شباب مصر سواء بماسبيرو أو بميدان التحرير في ثورته الثانية. 
المضحك أن جميع القنوات التلفزيونية تتحدث عن عرس "الديمقراطية" و"عظمة مصر" بإنتخابنتها اللبرلمانية غير عابئين أو مدركين أن نتائج هذه الإنتخابات سوف تقودنا لبرلمان ذات أغلبية دينية متخلفة الفكر وستدفع مصر الى مستنقع التطرف وأحادية الفكر .
كم أنت مبليه يا مصر بحكامك؟ وإلى متى نطمح فى حكام يعملون لرفعه ونهضة هذا البلد العظيم وليس لرفع أرقام حساباتهم فى البنوك العالمية؟

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter