طارق الشناوي
أصبح كل شىء من الممكن تزويره الذهب والنقود والعقود، والأفكار من الممكن نسخها وتدويرها، معالم التزوير عبرت المسافة من عالم الإنسان إلى الحيوان، مع الأخذ فى الاعتبار أن الحيوان لا يد له فى تلك اللعبة، التى يلجأ إليها البشر (يعملها الإنسان ويقع فيها الحيوان).
أتذكر قبل بضعة أعوام تم استبعاد 14 جملا من المشاركة فى مسابقة للهجن، تقام سنويا بالمملكة العربية السعودية، والجوائز قيمتها مغرية جدا تصل إلى 57 مليون دولار، ويشارك فيها 30 ألف جمل، هذه المسابقة القائمة على اختيار الجمل الأجمل، تجد بعضهم يستخدم نفس وسائل البشر الصناعية، للوصول إلى تحقيق أعلى درجات الجمال، وهكذا تنتشر حقن (البوتكس) من أجل تكبير الشفايف والوجنات لإضفاء ملامح جاذبة، بل وصل الأمر إلى إجراء عمليات جراحية لتصغير الأذنين، لإعادة حيوية الرقبة، وكأننا نشهد صراعا بشريا، مثلما نرى أغلب المطربات وقد تغيرت ملامحهن بين كل حفلة وأخرى، بل وأحيانا من وصلة إلى أخرى، وكما أن هناك عيونا ترصد تلاعبات البشر، فإن الخبراء فى لجنة تحكيم الهجن اكتشفوا بعد اختبارات معملية هذا التزوير، والغريب أن الجمل هو الذى يدفع الثمن، حيث إنه يحرم لمدة تصل إلى خمس سنوات من المشاركة فى المسابقة، رغم أنه ينطبق عليه فى هذه الحالة المثل الشهير (لا ناقة له ولا جمل). لعبة التزوير لا تتوقف، مثل هذا الشاب من (كازاخستان)، والذى وصل إلى مشارف التتويج بتاج ملكة الجمال، عندما قرر أن يلاعب أصدقاءه ويتحدى متخصصون فى لجان تحكيم، تخلص من شعر جسده الزائد ووضع على رأسه الباروكة، أراد أن يُثبت لهم أن الجمال لا يحتاج لكل تلك المعارك التى تخوضها النساء. الجمال هو الهدف فى عالم الإنسان والحيوان، ولكن كيف نصل إليه بدون إضافة مكسبات صناعية؟ عمليات التزوير فى الهجن، من الممكن أن نكتشف طبعا أنها انتقلت لمسابقات اختيار أجمل كلب أو قط، الإنسان هو الإنسان فى تلاعبه بكل ما هو ممكن أو حتى غير ممكن.
البوتكس أحال أغلب النساء إلى نموذج واحد، صار الأمر يشكل ظاهرة عالمية، دخل فيه أيضا الرجال، وكما أن هناك من يدمن المخدرات وخلافه صار لدينا من يدمن حقن البوتوكس وإجراء جراحات التجميل، عدة مرات فى العام، عندما ينظر فى المرآة صباحا، ويجد نفسه غير راضٍ عن ملامحه، يذهب فورا لجراح التجميل، بعض النجمات ابتعدن سنوات عن التصوير بسبب التشويه الذى أحدثته فى وجوهن تلك العمليات. هل الناس تصدق الفنانون باعتبارهم أكبر فئة تلجأ لتلك العمليات، أم هم لا شعوريا يتذكرون عمره؟، مثلا فاتن حمامة عاشت حتى تجاوزت الـ80، ولم تكن تخجل من الإفصاح عن سنوات عمرها، فهى تعلم أن الناس شاهدوها فى دور الطفلة (أنيسة) مع عبدالوهاب فى فيلم (يوم سعيد)، فكيف تهرب أو تنكر، الشاشة صارت وثيقة. لديكم عالميا مثلا ميرل استريب، ملكة جوائز الأوسكار والجولدن جلوب، هى من أشد الرافضات لسلاح البوتوكس وغيره، لأنها تغير فى الملامح، وتجعل الجميع أسرى لنمط شكلى واحد تذوب فيه الفروق البشرية.
الممثل رأس ماله التعبير بالوجه، وتلك الخدود المشدودة و(على سنجة عشرة)، وهذه الأنف التى تتغير من فيلم إلى آخر، على أصحابها أن يتعلموا الغوص فى أحواض أسماك الزينة الملونة، هذا هو مكانهم الطبيعى!!.
نقلا عن المصرى اليوم