د. مينا ملاك عازر
أعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء الماضي طرح فكرة قديمة جديدة في آن واحد، وهي فرض السيادة الإسرائيلية على الجزء الغربي من غور الأردن التابع للضفة الغربية المحتلة إضافة إلى منطقة شمال البحر الميت وذلك لأسباب أمنية.
وقبل أي شيء علينا أن نتعرف على ماهية غور الأردن؟ قبل ما نجزم إذا ما كانت حقا أسباب أمنية فحسب أم لا، وذلك من خلال بيانات مركز المعلومات الوطني الفلسطيني التابع للوكالة الفلسطينية الرسمية -وفا- فإن الأغوار تمتد من بيسان حتى صفد شمالاً، ومن عين جدي حتى النقب جنوباً، ومن منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غرباً.
وتبلغ مساحة الأغوار الفلسطينية في المنطقة التابعة للضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 نحو 2400 كيلومتر وتعادل نحو 30 في المئة من إجمالي مساحة الضفة أي قرابة الثلث.
وللأغوار أهمية كبيرة حسب وفا إذ إنها منطقة طبيعية دافئة يمكن استغلالها للزراعة طوال العام إضافة إلى خصوبة التربة، كما تتوفر فيها مصادر المياه فهي تتربع فوق أهم حوض مائي في فلسطين، وهي فوق ذلك كله بوابة فلسطين الشرقية وهذه الموارد ضرورية من أجل الدولة الفلسطينية المستقبلية بطريقة مباشرة هذه المنطقة تعتبر سلة غذاء فلسطين.
وتمتاز هذه المنطقة بالكثافة السكانية القليلة إذ يعيش فيها 56 ألف فلسطيني بما في ذلك سكان مدينة أريحا المدينة الوحيدة في الأغوار بحسب بيانات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني في عام 2017، وهو ما نسبته 2% من مجموع السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية مما يعني أنها منطقة مؤهلة لاستيعاب التوسع السكاني الفلسطيني في المستقبل بسبب مساحتها الشاسعة.
وفي المقابل يعيش هناك نحو 11 ألف مستوطن موزعين على 31 مستوطنة تعرف بـالمستوطنات الزراعية لتركيزها على أعمال الزراعة والتهمت هذه المستوطنات نحو 27 ألف دونم من أراضي الأغوار.
أما الكثافة السكانية الفلسطينية الكبيرة فتوجد في مناطق أخرى بالضفة الغربية مثل الخليل ونابلس فيما أقيمت أكبر المستوطنات الإسرائيلية في أقصى الغرب.
ويخضع غور الأردن في جانبه الغربي للسيطرة الإسرائيلية في معظم المناطق باستثناء مدينة أريحا الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية.
وبعد احتلال الضفة الغربية تبنت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة نظرية السياسي السابق ايجآل آلون بشأن إبقاء السيطرة على شريط غور الأردن شرقي الضفة الغربية، وتقول النظرية ذات البعد الأمني إنه من أجل تحقيق حلم سلامة البلاد وإبقاء الدولة يهودية يجب فرض نهر الأردن كحدود شرقية للدولة اليهودية، وأكد نتنياهو في خطابه الذي ألقاه الثلاثاء الماضي أن السيطرة على غور الأردن تمنع تحول الضفة الغربية لقطاع غزة.
وبحسب صحيفة جيروزليم بوست الإسرائيلية، فإن فكرة ضم غور الأردن ليست فكرة جديدة، مضيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي اليساري إسحاق رابين الذي أطلق عملية السلام مع الفلسطينيين في التسعينيات نفسه سبق وأن قال إن الحدود الأمنية للدفاع عن دولة إسرائيل ستكون في وادي الأردن.
ونظرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى السيطرة على غور الأردن باعتباره رصيداً استراتيجياً لإسرائيل إذ إنه يشكل حاجزاً أمنياً أمام الحدود الشرقية ويسمح للقوات الإسرائيلية بتطويق السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وبهذا نتبين، أن خطوة رئيس الوزراء الإسرائيلي التي يعتزم القيام بها لها شقين أحدهما أمني قديم وآخر اقتصادي ضروري في ظل تناقص موارد العالم من المياه وربما لتوقف عملية سد النهضة التي كانت تعول عليه إسرائيل لدعمها بالمياه في حالة نضوب نهر الأردن أو قلة المياه مع تنامي الكثافة السكانية التي يريدونها يهودية لتغيير ديموغرافية المكان، فلأول مرة نرى السعودية نفسها أكثر مهادن لإسرائيل ومقارب لها أو يحتمل أن يكون هذا تمثيلاً ترفع راية العصيان وتدعي المواجهة في مجالس وزراء الخارجية، المهم أن هذا كله لا يكون في إطار صفقة القرن وإلا ستكون حقا الكارثة.
المختصر المفيد القادم اسواء للجميع، وانتبهوا لإيران وحماس وتقاربهما، وتشرزم العرب وافترى الإسرائيليين والأمريكيين.