بقلم : زكريا رمزى زكى
ما يقارب الشهرين هى الفترة التى استغرقتها الانتخابات البرلمانية لاختيار نواب الشعب ، الذين سيمثلونه أمام الحكومة . الشعب الذى اصبح فى حالة من التشتت مابين تأييد الثورة أو لعنها ، ومابين استكمال الثورة أو التوقف الى هذا الحد ويكفى ما فعلناه ، وفى هذا يغيب عنهم المقولة الشهيرة " أنصاف الثورات هى مقبرة للشعوب " ، التشتت الذى لم يغيب لحظة عن هذا الشعب الذى يقبع وسط الامية والفقر والمرض ، فهو يقيس كل الامور بناء على استكمال يومه بسلام برغم المعاناة التى تحملها له الايام فهو تدرب على هذه المعاناه ولا يستطيع التفريط فيها من أجل أمل بعيد أو غائب ، فنزل ليختار نوابه خوفا من غرامة خادعة أقرتها الجهات السيادية فلن تتحمل ميزانيته المرهقة الخمسمائة جنيها الغرامة فآثر تحمل مشقة الإنتظار فى طوابير الانتخابات
وهو لا يحمل فى مخيلته أهمية دوره فى بناء حياة ستحدد مصير دولة فلم يفكر فى الأمر ولم يعنيه من قريب أو بعيد ولم يكن له من يقتنع به ليختاره فى الإنتخابات ، فوجد من يقول له إنتخب كذا لتنصر كذا أو إنتخب كذا لتدخل كذا فإنتخب من حرك داخله نزعة روحية دينية يحبها ويجلها ويتحرك بها دون أن يعى من هؤلاء ولماذا أعطاهم صوته ، لكنه إعتقد أنه أراح ضميره وجيوبه بهذا العمل ، فأفرزت لنا هذه الانتخابات مجلس برلمانى منتخب بطريقة ديمقراطية شرقية أو ديمقراطية روحية . أطلق عليه البعض مجلس الشيوخ المصرى نظرا لما رآوه أو سمعوه من أعضاء البرلمان المنتمين إلى التيارات الدينية .
برلمان كل مايهمه هو إضفاء النزعة الدينية فى أحاديث أعضاؤه حتى يوصلوا رسائل إلى منتخبيهم أنهم على الطريق سائرون . طريق الجنة طريق التقوى والفضيلة وإن هذه الاشياء من المفترض أن لا تكون ظاهرية بل خفية تظهر عن طريق أفعال على الأرض . بدأ مجلس الشيوخ (الشعب) جلساته وكلنا أمل فى تعددية نيابية تبعد عن مارأيناه من هزل مسبقا فقوة مجلس الشعب تكون بقوة المعارضة التى فيه . هذا وتدور رحى جلسات مجلس الشعب بداخل القاعات وتدور رحى الاعتصامات التى لم تنتهى على مدار عام كامل خارج المجلس ومن شباب الثورة فمازالت الثورة تحيا داخل عقولهم وقلوبهم ولم ينسوا حلمهم الذى تحركوا من اجله حتى وان نسى هؤلاء الذين جلسوا على مقاعد البرلمان ،
فهؤلاء الشباب مصممون على المضى قدما الى الامام مهما كلفهم هذا فهم يملكون تصميم وارادة فولازية لا يستطيع اى احد كسرها تتحدى الظلم والبهتان واللف والدوران ولن تلين الا عندما تصل بمصر الى دولة ديمقراطية حقيقية . الثورة حتى الان لم تحقق اى هدف من اهدافها وان كان هناك اناس ركبوا على الثورة وحققوا اهدافهم هم وارادوا احباط الثورة بعد ذلك أعتقد أن هذا واضح وجلى والمتابع للامور يستطيع ان يشاهد هذا بكل وضوح . مصر الان فى احلك فترات تاريخها تحتاج الى منقذين حقيقين لها مما هى فيه فهناك بوادر صفقات مشبوهه تتم فى الخفاء لتقسيم الكعكة بعيدا عن الشعب الذى يستطيع أى داعية تغير وجهته الى مايريدون .
صفقات الليل التى تدار الان فى الغرف المغلقة ستتحول غدا وبعد غد الى واقع مرير سيحياه الشعب المصرى وقد ياتى اليوم الذى يندم فيه على انه قام بثورة وفقد اعز ابنائه ( أتمنى أن لا ياتى هذا اليوم ) لكننا الان أمام طريق ملبد بالغيوم غيوم قهر وديكتاتورية جديدة ديكتاتورية تختبىء تحت ستار الدين بحيث لا يستطيع أحد انتقادها أتت بها الى المشهد اصوات الجماهير ( ديكتاتورية الاغلبية ) وهذا ما شاهدناه فى أول جلسات مجلس الشعب عندما تحبط الاغلبية كل مشروع للاقلية بدون وعى او فهم لكنه تطبيق لمبادىء وانتماءات بعينها ، ياليت شبابنا الواعى ينتبه الى هذه الامور فانا ارى انه عندما نختار خطأ فهذا ليس نهاية الدنيا لكننا المهم أن نكون دائما قادرين على التغيير فهل سنصير فى مصر دائما قادرين على التغيير أم أننا بصدد مشروع حزب وطنى جديد