بقلم :إ يهاب شاكر
أول جلسة من جلسات المجلس"اللي المفروض إنه موقر" كانت جلسة كلها تخبط، وفوضى، وملل في ممارسة الإجراءات. وكانت الإجراءات هي أول أزمة وربما أتفه أزمة بالمقارنة بما هو آت بسبب عدم التزام بعض النواب باليمين الدستورية، إذ أصر عدد من نواب التيار السلفي على إضافة عبارة «فيما لا يتعارض مع شرع الله» إلى اليمين، ومنهم ممدوح إسماعيل النائب عن حزب الأصالة، فطلب منه الدكتور محمود السقا، رئيس الجلسة، الالتزام بالقسم، فرد عليه إسماعيل قائلاً، «أنت ذكرت في أول الجلسة جملة العشرة المبشرين بالبرلمان، وليس المعينين ولم تلتزم بالنص»، وأصر عدد من النواب الليبراليين على إضافة عبارة «وأن أعمل على استكمال مطالب ثورة ٢٥ يناير، وعدم إضاعة حق شهداء الثورة»، عندا منهم فيما فعل الإسلاميون، ومنهم نائب حزب التجمع خالد عبد
العزيز، فطلب منه السقا الالتزام باللائحة.
في الحقيقة، وفي وجهة نظري، لم يوفق الدكتور، محمود السقا، في إدارة هذه الجلسة، رغم أني أكن له كل احترام، فقد كان أستاذي في كلية الحقوق جامعة القاهرة، ففي وجهة نظري لم يكن مسيطرا تماما على سير الجلسة، وربما لعدم خبرته في تبعات هذا المقعد ومسئولياته، وهذا ليس تقليلا من شأنه بالطبع، فمثلا كان الموظف الذي يقف بجانبه، هو من يقلب له الأوراق، وهو من يدق الجرس لتهدئة القاعة، وأعتقد أن هذه الأمور من اختصاص رئيس المجلس.
وشهدت الجلسة مشاجرة بين نواب الحرية والعدالة، التابع لجماعة الإخوان المسلمين، وعصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط، وكان المنظر مقززا عندما بدأ إعلان الترشح لمنصب رئيس المجلس، وتقدم ٤ نواب، هم الدكتور محمد سعد الكتاتنى عن حزب الحرية والعدالة، و المستقل يوسف البدري عبد الفتاح، والدكتور مجدي صبري عبد الرحيم، عن تحالف الكتلة المصرية، وعصام سلطان عن الوسط،، قبل أن يتنازل مرشح الكتلة لصالح سلطان.
كان سبب المشاجرة هي ربما زلة لسان أعلنها الدكتور محمود السقا، أنه لكل مرشح دقيقتان يتحدث فيها، وبالطبع رفض التيار الإسلامي، بزعامة الحرية والعدالة هذا الرأي، وطالب باحترام اللائحة، تلك التي لم يحترمونها في القسم، وهنا هاجت القاعة، بين الحزب الوطني، ..... عفوا... حزب الحرية والعدالة، حزب
الأغلبية، وبين من يريدون التحدث والتعريف بأنفسهم.
هذا المشهد اعتقد أنه مكرر، ولكن، سبحان الله المعز المذل، والمغير والذي لا يعتريه تغيير ولا ظل دوران، كان الإخوان هم في موقف الأضعف، ودائما المعترضون، وكان الشجار بينهم وبين حزب الأغلبية، الحزب الوطني المنحل الغير مأسوف عليه، لكن وبعد الثورة، هم كانوا أول المستفيدين منها، وربما كانوا الوحيدين. فمصر كلها تشهد على مواقفهم الانتهازية (التيار الإسلامي عموما والإخواني خاصة) فدائما كانوا يحسبون حسبتهم قبل أي قرار يتخذونه، وهل سيستفيدون منه أم لا، بغض النظر عن مصلحة الوطن والثورة وشهدائها ومصابيها منه.
أعتقد أننا بصدد وجود حزب أغلبية آخر مسيطر منفرد لا يهمه غير مصلحته، وتاريخهم يشهد بذلك، فقد سيطروا على المجلس من خلال رئاسته، ورئاسة أغلب إن لم يكن كل لجانه، وأعتقد أنهم سيسعون لتشكيل الحكومة، وربما رئاسة الجمهورية، رغم أنهم قالوا من قبل أنهم لن يرشحوا أحدا للرئاسة، ولكن أي مما قالوه
التزموا به من قبل؟!
بالطبع، لم تكن نتيجة التصويت على رئاسة المجلس، لم تكن غير متوقعة، بل معروفة مسبقا، حتى أن الدكتور الكتاتني، كان جاهزا بخطابه كرئيس المجلس، فأسفرت عملية التصويت عن فوز «الكتاتنى» برئاسة المجلس، وحصل على ٣٩٩ صوتاً مقابل ٨٧ صوتاً لـ«سلطان» و١٠ أصوات لـ«البدرى» و٧ أصوات باطلة.
ها، ما رأيكم جل شأنكم يا شعب مصر العظيم؟!! هل أنتم فرحين باختياركم؟ وإن كنت أعتقد أنهم وصلوا أيضا بالتزوير المعنوي والحرفي لإرادة الشعب.
هذه هي أول جلسة للمجلس الذي يدعونه "موقر" بعد ثورة عظيمة مجيدة شهد لها العالم أجمع، ومات فيها واستشهد خير شباب هذا الوطن، ومازال يتألم مما حدث فيها شباب كثيرون أمثال أحمد حرارة الذي فقد بصره تماما، فاسألوه، ما رأيك أيها الثائر في مجلس شعب الثورة؟! أعتقد أنه سيجيب، "المجلس باين من عنوانه، وأول القصيدة فوضى".