د. مينا ملاك عازر
مرة أخرى يثبت الجيش مصداقية، ما ذهبت إليه في سلسلة مقالات لي سابقة قلت فيها، أنه لا نجاح لثورة بدون رضا الجيوش، هذه المرة فيما وراء أعالي المحيطات حيث بوليفيا الدولة اللاتينية، إذ استقال الرئيس البوليفي خوان إيفو موراليس بعد تخلي الجيش عنه أمام الاحتجاجات الشعبية العاصفة والتي عصفت بحكمه فعلاً.
لم يكد يفرح بفوزه بالانتخابات التي أعلنت نتيجتها منذ ثلاث أسابيع ليتولى بوليفيا لولاية رابعة حتى وأعلنها أنه استقال، ويأتي ذلك بعد أن طالبه الجيش بضرورة استقالته للمساعدة في ضمان استقرار البلاد، مما يزيد الضغوط على الزعيم اليساري في مواجهة غضب الرأي العام من جراء الانتخابات الرئاسية التي يحتدم الصراع حولها.
وجاء إعلان موراليس بعد أن كشف تقرير أولي صادم من منظمة الدول الأمريكية وجود مخالفات بانتخابات العشرين من أكتوبر الرئاسية الماضية، في الوقت ذاته أعلن مكتب المدعي العام، الأحد أيضاً إنه سيحقق مع قضاة المحكمة العليا للانتخابات بتهمة الاحتيال المزعوم، وذلك عقب صدور تقرير منظمة الدول الأميركية سالف الإشارة إليه.
عزيزي القارئ، استقالة موراليس لا تعني لي الكثير، لكن تؤكد أنه متى رضت الجيوش وتوافق مع الشعب، نجحت ثورته، والدليل فنزويلا، وبقاء رئيسها للآن لأن الجيش لم يختار الخيار الشعبي بالرغم من كل التدخلات الخارجية من جانب أمريكا ومن اتفق معها على موقفها، كما أن الدليل يتجلى أكثر وأكثر في دول أخرى سبق لي أن أشرت لها في مقال كان مهتم بهذا الأمر.
لذا فأنقلكم أصدقائي القراء إلى أمر آخر ترصده لنا مثل هذه الأخبار، وهو المراقبة الخارجية، متى كانت محايدة تكشف فساد وتلاعب المزورين، وهو ما فعله تقرير منظمة الدول الأمريكية حيث جعل الحراك الشعبي يحتدم ويتخذ موقف عاصف ويجعل المؤولين عن العدالة في البلاد يتخذون مواقف حاسمة، وأكثر جدية ويحاكمون ويحققون مع قضاة المحكمة العليا، لذا تتخذ المراقبة الدولية على الانتخابات الجادة دور هام في صبغه بالصبغة الصادقة متى كانت الانتخابات جادة، وهذا شرط لا يتوافر في كثير من الدول التي تختار لرؤسائها منافسين على الانتخابات اتقاء لشر تقارير المراقبين الدوليين على الانتخابات، فلا يجدوا أنفسهم محتاجين للتزوير، وبالرغم من هذا يسعون بإعلامهم الفاشل والفاسد فاقد المصداقية في أغلب المرات دفع الشعب للوصول لأرقام غير مسبوقة من المشاركة والتأييد.
استقالة موراليس لم تجعله يكمل ولايته الرابعة التي استهلها منذ ثلاث ولايات، معنى هذا أنه مهما استمر الرئيس في الحكم فهو معرض لعصف شعبي متى تفشى فشل وطغى وبغى، فلا طول المدة ولا تعددها يعطي الفشلة الفرصة في النجاح، ولا مداواة جراح الشعوب.
المختصر المفيد حسناً، رأي الجيش مهم لكن الشعب يجب أن يريد.