د. مينا ملاك عازر
مع بداية التصريحات الإيرانية، بخصوص معاقبة المشتركين في المظاهرات التي خرجت ضد النظام الخوميني والرافضة للغلاء والبلاء والتورط في مساعدات أطراف خارجية فيما وراء الحدود، في الوقت الذي تعاني فيه ذات الأطراف لثورات داخلية تهز عرشها أو لعدوان خارجي يزيد من تكلفة الدعم الإيراني لها تستشعر بأن انقشعت أتربة الثورة التي ثارت جراء الرفض الشعبي والتمرد، لا أتحدث عن الخسائر المادية من حرق مقرات لجهات سياسية أو أمنية، ولا حتى عن حرق محطات الوقود، أتحدث عن أتربة تنقشع بفعل تلاشي قطع الإنترنت عن البلاد، الإنترنت الذي بالمناسبة يعاني من تشديد القبضة الأمنية وإبطاءه بحسب مزاج البلاد, وقيود على الكثير من المواقع، لكن كل هذا أبداً لم يمنع الشعب الإيراني من الثورة والتمرد، صحيح هو أتاح للنظام الباطش الجاحد بشعبه الفاجر في خصومته بأن يبطش ويبطش دون حسيب ولا رقيب ولا معاقب على جرائمهم، صحيح هو أتاح للنظام الفاشي أن يقترف كل الجرائم المتاحة والغير المتاحة بعيد عن أنظار الجميع كما يظن، لكن أبداً، أبداً لن تمحى الدماء المراقة، فهناك منظمات دولية تضع رقم مئة قبل لفظة قتيل، ما يعني أن الإيرانيون سقط من بين صفوفهم مئة قتيل في حين أن الحكومة تضع رقم تسعة، ولأني لا أصدق القتلى، أميل لتصديق المنظمة الدولية، وأميل أن أفهم أن التمرد كان كاسح والقمع كان فاضح، والدماء كانت للركب، ورحم الله قتلى الحرية في كل البلاد، وعتق الله معتقلي الحرية من كل الأنظمة في كل مكان في الأرض.
إجابة سؤال، عنوان المقال، ببساطة نعم قمعوها، قمعوا ثورة جديدة وتتجدد كل يوم ضد نظام يعتمد الدين ستار، ويتخذ من التوسع أسلوب وحلماً لكي يحقق ما يفشل ويأبى أن يحققه لشعبه، لا يرى في شعبه أهل لأن ينال شيء من تلك النجاحات ويضن بها على الشعب ويعطيها لنفسه بنجاحات شخصية أو محاولة لفرض أمر واقع خارجي.
يعتصرني الحزن على من ماتوا قتلاً بيد نظام باطش طاغي لكن كلي أمل أن يأتي اليوم الذي لا يضيع فيه دم هدر وسفك لأجل البحث عن الحرية لشعبه، ولكي ينالها هو أو أبناءه أو إخوانه أو حتى أحفاده، فيبقى صوت الحق عالي مهما كتموه وسيبقى صوت الحرية قوي مهما أهانوه واستباحوه.
آخر القول، وإن خمدت الثورة بفعل البطش والقمع فسيبقى الدم يصرخ وهو يجعل الصدور تغلي بالثورة، وتردد صداها في كل وقت وأوان.
المختصر المفيد الثورة قوية في الصدور.