محمد حسين يونس
استعادت هدى شعرواي مكانتَها مع تظاهرات يناير 2011 حيث رفعت صورها الأنسات المشاركات بكثافة غطت الميادين،وبدى كما لو كانت قد عادت الجمعيات التي تمثل هذا النهج إلى نشاطها
يقول البعض أنه أثناء إنتفاضة 25 يناير كانت بنات القاهرة النشطات في الميدان يهدفن إلي طرح تيار جديد بعيدا عن الحركة النسائية الرسمية المتجمدة تحت رئاسة سوزان مبارك ..وإدارة مشيرة خطاب التي ((تفخر بتغيراتها في قوانين الأحوال الشخصية و جعل سن الزواج لا يقل عن 18 سنة و رفع سن الحضانة و السماح للزوجة بالسفر دون إذن زوجها بالأضافة لمنح الجنسية لأبناء الأم المصرية .. و إتاحة الخلع للزوجة التي تفشل في زواجها ..
ويقال أن جمعيات مثل ( المرأة الجديدة ).. و (المرأة و الذاكرة ) .. و ( نهوض و تنمية المرأة ) .. كانت متواجدة في كل مراحل الأنتفاضة و أن هناك جمعيات أخرى ظهرت بعد يناير .. مثل (نظرة ) .. ( حريتي هي كرامتي ) ..بسبب الرغبة في إستكمال مسيرة التحرر التي صاحبت أحداث يناير 2011
و رغم أن أكثر من عاني من تواجدة في الميدان كانت السيدات و الأنسات بسبب مليشيات الحكومة التي كانت تتحرش بهن قصدا لبث الرعب في قلوبهن ..إلا أن حضور النساء الكثيف ومشاركتهن الفعّالة أثناء الثورة كان لافتاً للانتباه في مجتمع ذكوري، تقليدي، يهمّش دور المرأة ويحرمها الكثير من حقوقها.
على الطرف الآخر، عاد نشاط الجناح النسائي لجماعة الإخوان المسلمين بشكل لافت أثناء و بعد هبة يناير حيث تابعوا نشاطهم السياسيّ من خلال حزب (الحريّة والعدالة ) وخاض الحزب انتخابات لمجلس الشعب في يناير 2012 فحصد غالبية المقاعد و كونت عضواته أغلبية بين النساء .
كان نجاح الإخوان المسلمين السياسي ...إيذاناً ببدء الإرتداد علي كل مكتسبات القرن التي حققتها المرأة المصرية في رحلة نضالها فقد طالبت عضوات مجلس النواب من جماعة الإخوان إجراء تعديلات على بعض قوانين الأحوال الشخصية التي تخص المرأة كتحديد سن زواج الفتاة وحق الخلع وقانون حظر الختان، و بإختصار كل ما منحتها السلطة إياه بشكل علوى.
فبالنسبة لهن (نواب حزب الحرية و العدالة ) لا يوجد ظلم واقع على النساء بل على العكس إنّ حقوقهن محفوظة لمجرد انتمائهن للتيار الإسلامي ...وهن لا يعترضن على الأحكام الفقهيّة والشرعيّة؛ لأنها تصب في مصلحة النساء.
فلنستمع إلي أمينة المرأة في الحزب..هدى عبد المنعم، المحامية في النقض والدستورية والادارية العليا
(( لكي تأخذ ناشطات الحركة النسويّة حقوقهن يجب عليهن أن يكن موضوعيّات ويُقْرِرْنَ أن الله قد أعطانا حقوقاً ينظرُ إليها الغرب الآن بعين الحسود، فالرجل ملزم أن ينفق على المرأة في الإسلام، حتى قارورة العطر الذي تضعه المرأة ملزم أن يشتريها لها، وللمرأة أن تحتفظ بمالها لنفسها، فذمة المرأة المالية منفصلة، مكاسب كبيرة يحققها فيها الإسلام للمرأة، ونحن نصر على الحفاظ على هذه المكاسب. لن تتغير حالياً منظومة الأحوال الشخصية...، كل أحكام الشريعة الإسلامية تؤدي إلى الحفاظ على حقوق المرأة.، لا يوجد إقصاء للمرأة))
و كاد أن يضيع قرن من الكفاح . إن الميزات التي تعتبرها الأخت هدى .. هي نفسها ما يناضل ضدها التيار الليبرالي .. ((الذي يرى أن حقوق المرأة مسلوبة ويجب النضال من أجل المساواة مع الرجل والحرية من أسر نفوذه ))، وهذا ما أدخل غالبية النساء والناشطات النسويات وأعضاء المجلس القومي للمرأة ...في مواجهات عنيفة مع النائبات الإسلاميات
إن الرعب الذى أصاب سيدات مصر من توجهات الأخوات المسلمات .. صاحبته أنباء قادمة من العراق و سوريا عن ما يفعله الدواعش في النساء .. و كيف يتحولن لسبايا .. يبعن في أسواق النخاسة يتبادلهن من يدفع ثمنهن .. و لم تكف طمأنتهن بأن تركيا بلد يحكمها الأخوان .. و مع ذلك حرية المرأة مكفولة .. لقد طافت كل كوابيس الحياة بعقول نساء المدن في مصر .. و تصورن أن جماعات الأمر بالمعروف السعودية ستتعقبهن .. و تفرض عليهن النقاب و الحجاب .. و الطرحة و البرقع .. و بدأ التنافس بين عقلية البيكيني وتوجهات البوركيني .. و التعريض بالثاني بأخذ الصور للشواطيء كما يراها أبو إسماعيل .
إن المصريات اللائي عملن في منظمات تحرير المراة كُنّ يأملن أن يصدر عن النائبات الإسلاميّات إنجازٌ يتناسب مع مطالب النساء بعد 25 يناير و لكن خاب الظن ..و اشتد الصراع لدرجة أدخلت (الإسلاميّات) في عزلة مقابل باقي الفئات النسائيّة الناشطة.
لقد أصبحت هناك كتلتان رئيستان، الأولى تجمع تحت مظلتها غالبية الفئات من النساء الناشطات مما ساعد على وحدة الحراك في مواجهة الكتلة الثانية التي جمعت غالبية الإسلاميات.
قالت نيرفانا سامي من كتلة الليبراليات : ((الأخوات المسلمات هم أخوات لبعض بس مش أخوات ليّ.. بالشكل ده أنا ما ليش أخوات، أنا شخصية حرّة، أخواتي هم اللي كانوا معايَ بالميدان، أخواتي هم الأحرار...)).
و لم يستطع حزب العدالة و الحرية أن يقنع سيدات القرن الحادى و العشرين بمفاهيم القرن التاسع عشر .. فرحل تاركا مخاوف و جروح لم تندمل حتي اليوم .
في الخرسانة عندما تنفصل مكوناتها .. يحدث ما نسمية( (segregation أى الركام ينفصل عن الرمل و كلاهما ينفصل عن السمنت.. فلا تعمل كخرسانة .. هذا هو ما حدث لحركة تحرير المرأة بعد سنة حكم الأخوان .. الاخوات المسلمات في جانب برابعة .. و السلفيات غير راضيات .. و نساء المدينة في جانب العسكر .. و الناشطات النسويات غير متفقات ..و الجميع يلعن الجميع .. و يقوم بمظاهرات .. و مؤتمرات .. و إحتجاجات .. يدعي فيها أنه الجانب الصحيح المعبر عن المرأة المصرية .
تدخل القوات المسلحة .. بدون أن تظهر إنتماءها .. جمع أغلب العناصر(عدا الأخوات ) في مظاهرات التفويض التي طلبها السيسي من المصريين .. لقد كان تغلب السيدات و الأنسات علي المشهد .. دلالة ليست علي المحبة .. بقدر ما كانت خوفا من مصير سيدات الموصل و سوريا اللائي إفترستهن داعش.
و تبقي مطالب سيدات و أنسات المدن قائمة بعد أن أنضجتها الأحداث ..تهدف إلي إيجاد حلول سياسية تصب في مصلحة الوطن والمواطن.
- إنّ المرأة المصرية بإقبالها القوي على صناديق الاقتراع كناخبة شكلت بحق كتلة تصويتية، وأصبحت محطّ اهتمام مختلف الفئات السياسية لكسب أصواتها، فقد ارتفعت نسبة المشاركة النسائية في انتخابات الرئاسة لعام 2012 بحسب المركز المصري لبحوث الرأي العام "البصيرة" ((إلى 83 %، وبهذا يصبح دور النساء واضحاً في تقرير المصير السياسيّ للبلد رغم الجهل السائد بين بعضهن، حيث تُقدّر نِسَب الأميّة في صفوف النساء عام 2006 بـ 37 % وترتفع نسبة الأميّة لدى النساء المعيلات لتصل إلى 86.3 % من النساء في الريف و70 % من النساء في الحضَر ما يجعل من الأولوية تأهيلها وتوعيتها)) .
- إن الظروف التي تعيشها مصر لا تحتمل مطالب الجمعيّات النسويّة التي تنادي بحقوق المرأة وحريتها، فالنساء هنّ مواطنات داخل الدولة، لهذا وجب إصلاح الدولة أولاً لكي يحصد المواطن رجلاً كان أم امرأة نتائج هذا الإصلاح.
- إنّ المطالبة بحقوق النساء في الحرية والمساواة في ظل الأزمات التي يعيشها الوطن سيعرّض المجتمع إلى مواجهات بين التقليديين والليبراليين من الممكن أن تقسم وحدة الصفوف التي يحتاجها الوطن لتحقيق الديمقراطية والعدل، مطالب الثورة الأساسية.
تعرضت حركة تحرير المراة على مدار السنوات الماضية لتحديات كثيرة تأثراً بالأزمات السياسيّة والاجتماعيّة التي مرّت، وما تزال تمر بها مصر.
و يبدو أنه كي يتغير موقف المراة يجب أن يتعدل سلوكيات الرجال .. لقد حصلت علي القوانين .. و أثبتت تواجدها علي كل الأصعدة .. و لكنها لم تحظ بعد بمعاملة موازية من الرجل .. و قد يكون الأقرب (أب ، أخ ، زوج ، رئيس عمل) مما أدى إلى انحسار أنشطتها وفعالياتها وبطء التغيير و ـ رغم هذاـ نلاحظ جيلاً جديداً من الشابات مصمماً على المضي في طريقه رغم ما نراة في البرلمان من قوانين و إقتراحات بقوانين .. تعيد نساؤنا للرعب من جماعات السعودية أو إيران و مراقبة الأزياء .
والعقبات الإجتماعية الهائلة أمام تحقيق تغيير حقيقي على صعيد قضايا المرأة يلبي أهداف 25 يناير 2011.و
إن ما يدور اليوم من نضج في المطالب و التوجهات الشبابية تحول ..وبداية.. لتغيير جذري في حياة نساء مصر (( نتابعة غدا ونختتم الحديث )) .