محمد حسين يونس
الإنسان هو الكائن الوحيد ( في حدود معرفتنا ) القادر علي الإدراك.. وذلك بسبب عاملين .. أحدهما أنه يستطيع بواسطة اللغة (منطوقة أو مكتوبة ) تخزين المعلومة (أى التجربة ) ثم إستعادتها .. و العامل الأخر هو أن المسافات التي يستطيع أن يقطعها تفوق بمراحل ما تقوم به كائنات أقوى و أسرع..
حجم إستيعاب التواجد داخل العالم لدى البشر يرتبط بهذين العاملين .. تطور اللغة .. و قدرتها علي تجسيد الخيال و التعامل مع القضايا و المسائل النظرية الأكثر تعقيدا سواء الفلسفية أو الرياضية أو المنطقية .. و تبادل هذه الخبرة مع الأخرين و توريثها لأجيال تالية ... ثم قدرته علي الإرتياد و الإستكشاف و الترحال .. بإستخدام أدوات و الأت تجعلة يجول اليوم في الفضاء ..
رحلة البشر مع الوعي و الحركة هي التي أنسنتهم و ميزتهم عن باقي الموجودات .
المعرفة المبنية علي المنطق و التجربة و الفروض و تصحيح الفروض .. هي العلم .. و أما إستيعاب العالم .. و فهمة .. و معرفة كيف يعمل للتكامل معه .. فهي الثقافة ..
المثقف العصرى كما أشار إليه سلامة موسى فى كتابه " فن الحب والحياة " عام 1947 نقلا عن من سماه الأستاذ دوبريه ( في الغالب ميشال دوبريه رئيس وزراء فرنسا في ذلك الزمن) .. هو من يمتلك خبرات و معلومات تتصل بست نقاط بيانها كالأتي :
اولا : أن يتعرف علي شكل الكون الذى نعيش فيه و التركيب الطبيعي له أى يدرس نظريات ولادته منذ 13,7 مليار سنة.. ويلم بعلوم الفلك الحديثة ..و نظريات جيولوجيا تكوين الارض.. والدراسات الرياضية الحاسبة لحركة الكواكب و الأفلاك ..و القوانين الحاكمة للطبيعة ( كالجاذبية و الحرارة و المغناطيسية و الاندماج او الانشطار النووى ) .. كذلك كيمياء المواد والعناصر التي تتألف منها الارض و الشمس و النجوم ((فهي جميعها سواء فيما يخص تكوينها)) .
في زماننا أصبح الأمر أكثر سهولة فتوجد عدة أفلام بهذا الخصوص علي (ناشيونال جيوغرافيك ) كما يتوفر معلومات مبسطة لكنها صحيحة مكتوبه في (إنسكلوبيديا ) الشباب بلغة انجليزية سهلة .. و لمن يسعدة الحظ و يدخل متحف أنثروبولجي مثل ( متروبوليتان ) سيشاهد أفلاما تحكي قصة نشأة الكون خلال مليارات السنين .. و لا أعرف إذا كانت علي يوتيوب أم لا .. و لكن أعتقد .. أنها لابد أن تكون موجودة علي سلسلة ( بلانيت إيرث ) .
الإنسان لم يعد في حاجة للتبحر في النظريات العلمية .. بقدر ما هو في حاجة لمشاهدة الأفلام التي جاءت بها مركبات الفضاء ليعرف أن الأرض كروية .... و أن البحر ليس أزرق فالمياة لا لون لها و إنما هي مثل السماء إنكسارات ضوئية
الشرط الثانى : أن يتعرف علي الفصيل الذى جئنا منه ( نحن البشر) من بين فصائل الوف الكائنات التي تنتمي الي المملكة الحيوانية.. بكلمة اخرى دراسة تطور الأحياء خلال الألف مليون سنة الماضية ، تاريخ عظيم حافل ((إذا درسته إزددت إنسانية))
وهذا أيضا لم يعد حكرا علي العلماء .. فالكتب المبسطة تشرح و تفسر و تحلل .. مستخدمة لغة العصر عن ال دى إن إيه ( الحمض النووي الريبوزي).. و في هذا المجال أيضا سنجد عدة أفلام في المكتبة العلمية تحكي القصة .. منذ أن لوثت النباتات الطافية علي سطح الماء البيئة المحيطة بإفراز ( الأوكسجين ) حتي لوث الإنسان نفس المناخ بإفراز ثاني أكسيد الكربون و الغازات السامة من صناعاته .
الإهتمام بالبيئة .. و تأثير كل من الموجودات علي الأخرى .. ومحاولة إنقاذ الكائنات و النباتات القابلة للإنقراض.. و الخوف من رفع درجة حرارة الكوكب و ذوبان جبال الثلج .. أمور تربط من يدرسها بهذا الكوكب الأزرق الذى هو بيتنا ... حتي الأن... و تعلي من شعور المسئولية لضمان سلامته .
الشرط الثالث :دراسة الحركات الكبرى في التاريخ البشرى مثل إكتشاف المصريين للزراعة و التقويم و إيجاد الحكومة و الدين وإختراع المطبعة و الالات ( من البخارية حتي المدارة ذاتيا ) وإكتشاف مكونات الذرة
(و الان، تطور وسائل الاتصال و الكومبيوتر و التكوين الجيني للاحياء والرياضيات الحديثة المتصلة بالابعاد متناهية الكبرأوالصغر ) وكل ما وجه تاريخ البشر او زاد من سرعة التقدم او فتح ميادين جديدة للفهم والاستكشاف..
ول ديورانت في موسوعته قصة الحضارة التي أصبحت - بفضل سلسلة القراءة للجميع .. و موسوعية فكر سمير سرحان - بين أيدينا باللغة العربية .. حكي كيف تطورت حياة البشر .. خلال الفين أو ثلاثة الاف سنة
الإلمام بما جاء بهذه الثروة المعلوماتية قد تستغرق السنين في قراءتها .. و لكنها في النهاية و بإسلوب بسيط أخاذ .. تجعل ان ما حدث خلال القرون الماضية جزء لا يمكن تجاهل تأثيرة علي واقعنا المعاصر .
جواهر لال نهرو .. الهندى .. كتب من أجل تعليم إبنته أنديرا غاندى كتابا موسوعيا أخر .. ترجم للعربية تحت عنوان ( لمحات من تاريخ العالم ).. و فيه يحكي ببساطة مذهلة .. أحداث الماضي كما تعلمها في كمبريدج.
(الحرب العالمية الثانية من وجهة نظر السوفيت ) .. مرجع ثالث .. يربطنا بعالمنا المعاصر ..
ثم تتوه بين الاف الكتب و المراجع التي تحكي ماذا حدث بعد 1945 .. حتي اليوم .. فالتاريخ الأقرب هو الأكثر غموضا .
لن يكتمل هذا الجزء إلا بكتابين .. أحدهما لجمال حمدان .. ( عبقرية المكان ) .. و الأخر كتبة الغزاة الفرنسيون .. وصفا لمصر .. و قاموا فيه بجهد فائق .. بتقديم لوحات كانها صور ملتقطة بكاميرات عن الحياة بها .
بقي أن الأفلام و المسلسلات التاريخية و الدينية الموجودة في السوق و التي تبثها أجهزة الإعلام .. ليست حقائق .. إنها وجهات نظر أخذت في الإعتبار إتجاهات أصحاب التمويل فإحذر إعتبارها علوما أو تاريخا . (( نكمل حديثنا غدا )).