محمد حسين يونس
((عظيمة يا مصر يا ارض النعم ..يا مهد الحضارة يا بحر الكـرم)).
بقدر ما بكيت (حبا و حماسا و تقديرا ).. و أنا استمع لهذة الاغنية من وديع الصافي و نحن نحتفل بعبور أبطالنا لخط بارليف فقد كانت أول تعبير خارجي يمس قلوبنا بشدة و يعزف علي أوتار العواطف المشدودة المبهورة بروعة الحدث ..
بقدر ما بكيت بالامس و أنا أستمع من خلال فيديو وضعه أحد الاصدقاء علي صفحته لمغني إسرائيلي يعزف العود وهو يقول ((نيلك دا سكر، جوك معطـــر،بـــدرك منور بين الأمــم )).فلقد شعرت بأنه ندابة تعدد مأثر المرحوم بإذن الله بعد أن نزعت عنه أجهزة الانعاش و الابقاء علي الحياة التي عاش مربوطا بها يعاني من مرض عضال منذ ربع قرن
بدأ التدهور في بلدى مع ما سمي بلجنة السياسات التي رأسها جمال مبارك ..لقد تعلم علي أيدى أقطاب الليبرالية الجديدة في الاقتصاد و بدأ الخطوات الاولي لرحلة العذاب ..بعد أن سلمة والدة المقود ليدير الدولة من البورصة هو و عصبته ويفرغ جيوب صغار المضاربين بملاعيبها
في ذلك الزمن حول عام 1994 كانت ديون مصر بعد حرب تحرير الكويت وخفض (47 ملياردولار ) منها قد أصبحت لا تزيد عن (24مليار دولار)
لماذا لم نتعلم الدرس...وما الذى ضاعفها اربع مرات خلال 25 سنة من التجارب المؤسفة و أوصلها إلي 108.7 مليار دولار في نهاية يونيو 2019، بزيادة نحو 16.1 مليار دولار أو 17.3% مقارنة بنهاية يونيو 2018.
السيد وزير المالية يقول أننا إستدنا 2.5 ترليون جنية خلال سبع سنوات والترليون لمن لا يعلم (عبارة عن مليون مليون .. أو الف مليار .. أو واحد و أمامة 12 صفر) أين ذهبت هذه الاموال المهولة التي ندفع فوائد و أقساط لها في موازنة 2019 -2020، نحو 971 مليار جنيه، مقابل 817 مليار جنيه في العام الماضي ..تستهلك كل حصيلة الضرائب و الجمارك و تجعلنا نعيش في فاقة و مذلة قد تمتد لعقد أخر و يزيد
ما الذى جعل مصر أرض النعم لطبقة معينة من السكان لا تزيد عن 2% تستطيع شراء منزل في الساحل قيمتة 111 مليون جنية ..و تبني الحكومة من أجلها المدن و الكمباوندات وتزود ها بأكبر المساجد و الكنائس المزينه بأفخر المكونات ..و تشق لها الطرق و الكبارى و الانفاق مزيلة ما يعترضها من منازل و منشئات تخص الخلق دون السماح لسكانها حتي بالمناقشة .
وما الذى جعل باقي أفراد الشعب يصارعون من أجل دفع قيمة فواتير الكهرباء و المياة و مصاريف المدارس و العلاج و ضرائب القيمة المضافة علي كل نشاط يقومون به حتي لو كان مكالمة تليفونية .
ما الذى جعل مهد الحضارة تتزيل الدول في جودة التعليم و الخدمات الصحية .. وتتسول الطعام .. و تعجز عن الحياة النظيفة بدون قمامة و تلوث وهوام و حشرات و عشوائيات
ما الذى جعل بحر الكرم ضنينة علي أغلب أبناءها و سخية بهبل علي فئات بعينها من الغرباء المغامرين و صيادى الفرص و من يحضرون مؤتمرات الشباب و الدورات الرياضية أولهؤلاء المقاولون الذين يشقون الطرق و يقيمون الكبارى و ناطحات السحاب .
هل لا زال نيلها سكر و كل من هب ودب يرمي صرفة الصحي و بوله و برازة بالمجرى دون تحفظ .. و دون محاسبة
هل جوها معطر برائحة العوادم و التراب بحيث أصبحت عاصمتها أكثر مدن العالم تلوثا
ثم هل لازال بدرها منور بين الامم أم أصبح تابعا مختفيا .. في ذيل المجرة الامريكية المتلألئة.
ما الذى جعل مصر العظيمة أمة محتاجة و مسكينة .. خلال ربع قرن من إحتلال صيادى الفرص الذين أطلقهم صندوق الدين و البنك الدولي علينا ..لإمتصاص دمنا و نحن سعداء نبتسم .. و بنقول ((كمان )).
الديكتاتورية المختفية ..التي كانت تضع (ميك أب) ديموقراطي في لجنة سياسات جمال مبارك .. خلعت (الماسكات) و لم تعد تهتم بأن تبدوعلي غير حقيقتها بعد أن إنتهي الحكم للمجلس العسكرى .. و أصبحت لا تقبل إلا الضبط و الربط و تنفيذ الاوامر دون نقاش ... تصدر التعليمات فتتغير الاكوان حولنا .. وتبني مدن جديدة و تقام إحتفالات و تعقد مؤتمرات وتوقع الإتفاقات .. و تفرض ضرائب و رسوم و تعديلات في اللوائح و القوانين لا يعلم عنها البرلمان إلا بعد تنفيذها أوعند التصديق عليها بأثر رجعي أو عندما يتكلم وزير المالية عن الديون الخارجية و الداخلية وهم صم بكم لا يفقهون .
المعلومة أصبحت غير متاحة إلا في المطبخ الضيق لذلك نعيش (كشعب مفعول به نتلقي القرارات ) و نتصيد الاخبار و الاسباب ونعجب من الإنجازات لا ندرى من الذى مول وكيف يمول كل هذا البذخ وهذه (الهلمة ) ونتساءل هل لها علاقة بالديون التي تتراكم بمتوالية هندسية(( نكمل حديثنا باكر )).