توصل باحث أثري إلى اكتشاف جديد، أثناء قيامه بإعادة فحص لوح طيني تم العثور عليه في العراق منذ عدة عقود، حيث نجح في تمييز نقش لم يلاحظه أحد من قبل.
 
يبلغ عمر اللوح الطيني أكثر من 2700 سنة، وعثر عليه في أنقاض مدينة "آشور" الأثرية بشمال العراق، منذ عشرات السنين، ضمن مجموعة أخرى من الألواح، وفحصه عدد كبير من العلماء، وقد تمكن العلماء من فهم النص المكتوب على اللوح، الذي يعود لطبيب تحت التمرين، كان يصف أعراض وطريقة علاج مريض بالصرع، وفقاً لما نشرته صحيفة "Daily Mail" الإنجليزية.
 
النقس المرسوم على اللوح الطيني يحمل شكل شيطان، بقرون وذيل طويل ولسان ثعباني مشقوق، وتدل النصوص المكتوبة في نفس اللوح والتي تتعلق بمرض الصرع أن الرسم يصف الشيطان الذي كان الآشوريون يعتقدون أن يتلبس أجساد البشر ليصيبهم بالصرع.
 
ارتبطت الأمراض العصبية والعقلية عند العديد من الحضارات القديمة بغضب الآلهة والمس الشيطاني والأعمال السحرية، وقد حظيت حالات مرض الصرع بالذات بسمعة سيئة لدى القدماء، بوصفها دليلا دامغا على تلبس الشياطين جسم المصاب.
 
تختلف الأعراض باختلاف نوعية الصرع ودرجته، حيث إن الصرع هو مصطلح عام يطلق على مجموعة من الأمراض والاضطرابات العصبية، إلا أن الأعراض العامة للحالات الشديدة للصرع تتضمن التشنجات، وانقلاب كرة العين، بحيث تصبح العينان بيضاء اللون، وفقدان الوعي، الهذيان أو التحدث والتصرف بشكل غير عقلاني، مشاكل في الذاكرة، وهي كلها أعراض طالما ارتبطت بالمس الشيطاني لدى غالبية شعوب وثقافات العالم.
 
قال دكتور "ترويلس بانك أربول"، الباحث بجامعة "كوبنهاجن" الدانماركية، أن اللوح الطيني والنصوص والرسوم التي يحملها له قيمة كبيرة، فهو يمكن وصفه بأنه أقدم نص مكتشف مكتوب فيه أعراض مرضية وعلاج بطريقة علمية، وهو بالتالي أقدم وثيقة طبية تعتمد على الطرق العلمية في التاريخ.
 
 
يزيد من قيمة اللوح الطيني أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها العثور على نقش لشيطان الصرع، فغالبية النقوش الأخرى التي عثر عليها سابقاً كانت تصف الطرق المستخدمة في العلاج، والذي يتكون غالبا من خليط من الأدوية العشبية والطقوس الدينية.
 
التعاليم العلمية للآشوريين، بما فيها دروس الطب، انتقلت إلى أوروبا عبر الحضارة الإغريقية، التي قامت في اليونان بعد انهيار الحضارة الرومانية، ويعتقد البعض أن النصوص العلمية الآشورية والبابلية قد تكون ساهمت بشكل كبير في التقدم الطبي للإغريق، وأن الطريقة المتبعة في تشخيص وعلاج المرض في النص المنقوش على اللوح لا تختلف كثيراً عن تعاليم "أبقراط"، العالم الإغريقي الكبير، الذي يلقب بأبي الطب.