الأقباط متحدون - صولجان الحقيقة المطلقة
أخر تحديث ١٩:٣٠ | السبت ١٨ فبراير ٢٠١٢ | ١٠ أمشير ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٧٤ السنة السابعة
إغلاق تصغير

صولجان الحقيقة المطلقة

بقلم: ميرفت عياد
يُحكى أن في سالف العصر والأوان، أن تولى شئون إحدى الممالك ملك ظن في نفسه الصلاح والعدل، وأنه المالك الأعظم لصولجان الحقيقة المطلقة؛ فقرَّر أن يقوم بعمل تعداد وفرز لأهل المملكة حتى يتم حصر المخالف معه في العقيدة والمذهب والرؤية والاتجاة السياسي.
 
واكتشف هذا الملك، بعد عملية الفرز، أن معظم أفراد المملكة مختلفون معه، سواء في الرؤية السياسية أو الفكر أو العقيدة أو المذهب الديني، وهنا استشاط غيظًا وقرَّر أن يقوم بالتصفية الجسدية لكل هؤلاء المخالفين.
 
وفجأة، جاءه خاطر، وهو كيف سأقضي على كل هؤلاء المواطنين؟ منْ سيخدم المملكة ومن سيرعى شئونها؟! ومن أين سآتي بالصانع والفلاح والعامل وغيرهم لإدارة مصالح تلك المملكة؟ وكيف لبضعة أفراد يتفقون معي في الرؤى سيحققون الازدهار لمملكتي؟. وهنا انتاب الملك الهمام "واللي هو لا همام ولا حاجة" الإجهاد من كثرة التفكير، وخلد إلى النوم.
 
وأثناء النوم، جاءه حلم عجيب، فوجد أحد الأشخاص لابسًا ثيابًا بيضاء ووجهه يشع نورًا، يتحدث إليه قائلاً: من ولاك ملكًا على نفوس وعقول وقلوب البشر؟ كيف ترفض الاختلاف وهو أحد سنن الطبيعة؟ أتجهل أن الله قادر لو أراد أن يجعل جميع البشر نسخة متشابهة؟ فما أسهل الاستنساخ وايجاد نموذج واحد من البشر في الشكل والمضمون، ولكن أراد الله أن يكون لكل إنسان ما يميِّزه من حيث الشكل والجوهر والموهبة والعمل، حتى أن بصمات أصابع الإنسان لا مثيل لها لدى أي إنسان آخر.. احذر أيها الملك من رفضك للقوانين الإلهية العادلة، وأن تضع بدلاً منها قانونًا ظالمًا سينقلب على رأسك.
 
وهنا استيقظ الملك مستوعبًا الدرس، وأمر بإحضار جميع أهل المملكة ليقص عليهم ما حدث، معلنًا أن المملكة وطن للجميع، وأن قانون العدل والحرية والمساواة وعدم التمييز هو القانون الساري في المملكة، وذلك إيمانًا منه بأن التنوع هو مصدر للثراء والرخاء. وهنا هتف أهل المملكة بحياة الملك، معلنين بذل قصارى الجهد من أجل إعلاء شأن مملكتهم وسط الأمم. 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter