الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠١٢ -
٠٠:
١٢ ص +03:00 EEST
القس : أيمن لويس
كنا نعلم كمسيحيين علم اليقين أن البرلمان القادم أسلامى الصبغة والاغلبية ، وأنة يميل ناحية الاخوان ، كما قلنا أثناء أحداث كنيسة صول ، إن المجلس أطلق السلفيين لنقبل سماحة الاخوان !! ، ومنذ أن منح المخلوع السلطة للمجلس العسكرى ، وبدا واضحاً أن هذا المجلس يفتقد ويفتقر للحرفية السياسية التى تلزمه أن يكون على مسافة واحدة من كافة التيارات والفئات ، كما كانت كل تصرفاته وقراراتة واضحة انها ضد الثوريين وبخاصة الليبراليين كما تأكد ان موقفه من الاقباط خاصة ،أكثر تشددا وبغضا من ممارسات المخلوع نفسه . إن لجنة طارق البشرى للتعديلات الدستورية التى عينها المجلس عوضا عن لجنة يحيى الجمل كانت هى لجنة وضع خارطة الطريق لتمكين التيارات الاسلامية المتشددة التى تعامل معها العسكر بمبداء أغنية كاظم الساهر أدلل علىَّ ، فكانت موقعة الصناديق التى أنتجها وأخرجها المجلس العسكرى لتكون الفرشة وجس النبض والدعاية لدفع الشارع لقبول دولة عسكرية بمرجعية أسلاميية أى أن يكون حكم مصر مقسماً بين التيارات الاسلامي والسلطة العسكرية ، هكذا يتم تقسيم الكعكة ليلتهم كل جانب الجزء الذى يرضيه ولو بصفة مبدئية .
وما نقوله ليس مجرد كلام مرسل فبمراجعة المواقف والقرارات منذ بداية المرحلة الانتقالية نجد أن المجلس رفض الاستجابة لآى من مطالب المجتمع المدنى غير الاسلامى فى حين كان مدعما ومتوافقا مع كل رغبات التيارات الاسلامية ! وفق رؤيا وخطة وأتفاق . فقد تم رفض الدستور قبل الانتخابات كما تم رفض وضع أى مبادىء دستورية وفق قوانين حقوق الانسان الدولية كما تم رفض ان تكون الانتخابات بالقائمة النسبية ، ثم الموافقة على تكوين أحزاب على أساس دينى ثم كانت الانتخابات وما حدث بها من تجاوزات رهيبة لمساندة التيارات الاسلامية فضحها الاعلام ، بما يجعلها تفقد شرعيتها لتكون معبرة عن كل فئات الشعب ، مع العلم أن نجاح الاسلاميين لم يكن يحتاج لأى دعم حيث تم أسلمة المجتمع وتكريس النعرة الطائفية منذ عقود .
يافرحة ما تمت ، كان نفسنا نفرح بالثورة ، لكن خدها العسكر وطار ، كانت الاحلام كبيرة أن ترى مصر نور الحرية والعدالة ، لكن ها هى تدخل النفق المظلم نفق القمع والتخلف والظلم ، إن تصريح اللواء عبد المنعم كاطو "أنتوا خايفين على ولد صايع لابد أن يوضع فى أفران هتلر" ؟!!!! يقصد على الشباب الثورى الذى يقتل !! هو خير تصريح يقدم تفسير وتوضيح وشرح عن منطق ونظرة المجلس الحاكم لمن يطلب من الشعب المصرى الحرية والديمقراطية ، هكذا يرى أن هذا هو مكان هولاء . كما يجب القائهم على كومة الزبالة بعد قتلهم ومن لم يقتل بعد فهو لايستحق إلا كل مهنة ومزلة بل والتبول علية كما شاهدنا عبر شاشات التلفزيون ، هكذا من وجهة نظرهم تدار الاوطان ؟!! .
إذاً نحن فى مجتمع لا يعرف الديمقراطية ولا يلتزم بأى قواعد ادبية أو أخلاقية أو قانونية ، فما تم فى الانتخابات ليس هو ما يعرف بالديمقراطية التى نعرفها والتى تمارسها الشعوب المتقدمة المتحضرة ، ونحن المسيحيين لانرفض الديمقراطية وما تأتى بة الصناديق الانتخابية عندما تكون وفق الية تمارس فى مناخ يهيىء ويسمح بممارستها حسب القواعد المتعارف عليها دولياً من شفافية ونزاهة وحيادية ، فالديمقراطية هى ممارسة سياسية من خلال برامج ومعايير وليس على أسس طائفية وليس لفرق تستخدمها كوسيلة للحصول على ما تريد وهى لا تؤمن بها بل ترى أنها كفر وأنها من بدع الاقوام الكافرة ؟!! ومن سما فمن المؤكد أن هذه الاغلبية التى فازت لا ولن تحترم ما يعرف بالعقد الاجتماعى الذى تقدرة وتحترمه قواعد الممارسة الديمقراطية بل وسوف لا تلتزم بمبادىء وقيم الديمقراطية ومن أهمها المساواة والعدل بمعنى مراعاة حقوق كافة التيارات الاخرى والاقليات وهو ما كان يتحقق بما طالب به المتخصصين فى الشأن السياسى بالبداء بالدستور وليس بالانتخابات .
فى وسط هذا الزخم ، يجب أن نسأل أنفسنا نحن المسيحيين أين نحن على هذة الخارطة ؟ وما هى السيناريوهات التى تنتظرنا ؟ وما هو فى أستطاعتنا ان نفعلة ؟ . فى الحقيقه أننا فى مأزق وفى مشكلة حقيقية ، فها هى الصناديق أفرزت من يبغضوننا ليكونوا هم أصحاب القرار فى السلطة التشريعية ، تساندهم سلطة تنفيذية قمعية تستسهل سفك الدماء وتسترخص أرواح البشر بدءاً من موقعة الجمل حتى أحداث مجلس الوزراء فى 18/12 الماضى ، ومن المرجح أن يكون الرئيس المنتخب ايضاَ من الاسلاميين لأن الشارع لا يعرف أى ثقافة سياسية بل كل توجهاتة تخضع للنزعة الدينية الطائفية لذا سيكون الصراع بين من يحمل الولاء للعسكر من بين الاخوان والسلفيين والاول هو المرجح ، وحيال هذا الموقف نعيش صراع بين منطق الايمان وواقع العيان ، وبعين الايمان نثق بأن الله لن يترك شعبه ، لكن العيان يقول أن القادم صعب وسوف يكون هناك ضيق شديد وأضطهاد مفضوح ومن هنا فالاتكال على الرب يجب ألا يقودنا الى التواكل الذى يجعلنا نعيش فى غيبوبة منفصلين عن مواجهة الواقع ، فالرب يأمرنا أعملوا وأنا أعمل معكم ، فعلى القيادات المسيحية العلمانية التى يشغلها شعب الرب بمصر وليس التواجد السياسى على الساحة أو الطموح فى المناصب أن تتقارب وتتواصل وأن تعقد المؤتمرات للتباحث وللنقاش وأن يكون هناك توصيات ولجان تنفيذية ، وأن يحدث هذا اليوم وليس غداً .
ومن جهه أخرى علينا أن ندرك أن الضيق والاضطهاد سوف يجعل كثيرين من المسيحيين الاسميين سوف يرتدون عن الايمان وأخرين سوف يتنكرون لهويتهم المسيحية وهناك من يهمة ان يكون مع الفريق الاقوى وسوف نرى من يؤمن بالفلسفة النفعية ومنطق المصالح ، وهناك البسطاء الفقراء والاميين الذين سوف ترهبهم البلطجة والممارسات الهمجية أنها مسؤلية روحية كبيرة وشاقة وعلى الكنيسة أن تكون مهيئة لها ، إن كانت بلادنا تجتاز مرحلة الانتخابات السياسية فالمسيحيون سوف يجتازون أيضاً مرحلة الانتخاب الروحى ويقدم لنا سفر القضاة الاصحاح السابع تفاصيل هذة العملية ويقدم لنا الوحى ثلاث نماذج من المنتسبين لشعب الرب ، فيقول الرب لجدعون "ناد من كان خائفاً ومرتعداً فليرجع وينصرف"ع3 ، وأيضاً يشير العهد الجديد يوحنا أنة بعد الاعلان عن الصليب"من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ، ولم يعودوا يمشون معه"(يو66:6) فسوف يخاف كثيرون لأسباب كثيرة ، ثم فريق أقل سوف يختبئون فى المغاير وسوف يهاجرون كما حدث أيام أيليا وعوبديا (1مل18) وسوف يكون غاية طموحهم الاحتفاظ بعقيدتهم فى الخفاء ، أما الفريق الثالث الاخير وهم أقلية جدأً ، هم من سوف يتحملون كل العبء فى خوض الحرب الروحية من أجل شعب الرب .
وفى الاخير يبقى لنا أهم شئ الاعتصام الروحى والصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتنا لدى الله .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع