الأقباط متحدون - العقاب‮ ‬الجماعى‮ ‬للأقباط‮ ‬برعاية‮ ‬رسمية‮!!‬
أخر تحديث ١٩:٥٦ | الأحد ٢٦ فبراير ٢٠١٢ | ١٨ أمشير ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٨٢ السنة السابعة
إغلاق تصغير

العقاب‮ ‬الجماعى‮ ‬للأقباط‮ ‬برعاية‮ ‬رسمية‮!!‬

بقلم : يوسف سيدهم
 
فى مشهد كارثى يعكس استمرار مسلسل سقوط الدولة وغياب القانون، زفت الصحف والأنباء الأسبوع الماضى نبأ النهاية السعيدة لأزمة قرية شربات التابعة لمركز العامرية بمحافظة الإسكندرية.. احتفت الأنباء بنجاح لجنة تقصى الحقائق التى شكلها مجلس الشعب فى إخماد نار الفتنة الطائفية - وأرجو ملاحظة أن كل مصيبة يكون فيها المعتدى مسلماً والمعتدى عليه قبطىاً يطلق عليها المسئولون والإعلام فتنة طائفية- فقد تعهد الشيخ شريف الهوارى شيخ الدعوة السلفية بالعامرية بإعادة الأسر القبطية التى جرى إبعادها قسراً وقهراً عن القرية بأحكام عرفية صادرة‮ ‬عن‮ ‬مجلس‮ ‬عرفى‮ ‬إلى‭ ‬منازلها‮ ‬مرة‮ ‬أخرى‮.‬
 
تنفس الجميع الصعداء وكاد الإعلام أن يزغرد فرحاً واختالت لجنة تقصى الحقائق الموفدة من مجلس الشعب زهواً بنجاحها الباهر، فها هو الشيخ شريف الهوارى يتفضل ويقبل إعادة الأسر القبطية إلى ديارها التى أخرجت منها عنوة وبلا ذنب جنته سوى أنها مسيحية الديانة وهى ذات ديانة شاب مسيحى منفلت تربطه علاقة مشبوهة بسيدة مسلمة.. إذاً يتوجب عقاب المسيحيين القاطنين القرية على هذه الجريمة الأخلاقية.. لديهم عدم وجود صلة بينهم وبين الشاب القبطى -بالرغم من أن حتى وجود صلة لا يعد مبرراً للتنكيل بأبرياء- فاشتراكهم فى الديانة مع المجرم يجعلهم‮ ‬عرضة‮ ‬للعقاب‮ ‬الجماعى‮ ‬ويجعل‮ ‬من‮ ‬أمنهم‮ ‬وحياتهم‮ ‬وممتلكاتهم‮ ‬سلعاً‮ ‬مستباحة‮ ‬بالتهديد‮ ‬والترويع‮ ‬والسلب‮ ‬والنهب‮ ‬والحرق‮  ‬والاغتصاب‮!!!‬
 
وأرجو ألا تسألونى عن القانون وعن السلطة وعن دورهما فى التدخل الفورى للقبض على المخطئ وتقديمه للعدالة، أو عن واجب السلطة فى حماية المواطنين المصريين الآمنين الأبرياء الذين لم يخالفوا القانون من تهديدهم والاعتداء عليهم.. لأن هذه السلطة ضلت الطريق، فياليتها كانت غائبة من مسرح الأحداث، لكنها للأسف الشديد كانت حاضرة ومشاركة وراعية لفصول المسرحية الهزلية التى جرت فى رحاب المجلس العرفى الذى اغتصب منها -فى حضورها- صولجان القانون ونصب من نفسه خصماً وحكماً وقرر إنزال العقاب الجماعى بالأسر القبطية بإبعادها قسراً عن القرية‮ ‬وبيع‮ ‬ممتلكاتها‮!!!‬
 
هذا السيناريو الكريه ليس جديداً على واقعنا الكئيب المتردى، لكن المأساة أن المصريين -والأقباط على وجه الخصوص- اعتقدوا أن ثورة 25يناير ستضع حداً لسائر أوجه الفساد السياسى والأمنى الذى كان سائداً قبل الثورة، فالمجالس العرفية التى كانت تنظمها وترعاها المجالس المحلية والسطات الأمنية قبل الثورة وكان يتم فيها مساواة الضحية القبطية بالجانى المسلم وإجبار الضحية على قبول الصلح القسرى وإفلات الجانى من العقاب، تلك المجلس بكل ما كانت تحمله من بطش ومهانة وإذلال لم تمح من ذاكرة الأقباط، لكن ما لم يتصوروه أن تستمر بعد الثورة‮ ‬مع‮ ‬تبادل‮ ‬طفيف‮ ‬للأدوار،‮ ‬فالآن‮ ‬يقيم‮ ‬تلك‮ ‬المجالس‮ ‬حكام‮ ‬الأقاليم‮ ‬الجدد‮ ‬من‮ ‬شيوخ‮ ‬السلفيين‮ ‬ويرعاها‮ ‬ويباركها‮ ‬ويحضرها‮ ‬ممثلو‮ ‬السلطة‮ ‬الرسمية‮ ‬والأمنية‮!!!‬
 
أبشروا.. فقد انتهت ملحمة قرية شربات، وصدر العفو السلفى عن الأسر القبطية وجاء الإنعام عليها بالعودة إلى ديارها.. لا يهم ما تعرضت له تلك الأسر من هلع وترويع عندما حاصرها الغوغاء فى خضم انفلات الأحداث صارخين بحتمية اقتحام منازلها واغتصاب نسائها وبناتها ذوداً عن شرف الإسلام وانتقاماً من علاقة مشبوهة بين قبطى ومسلمة.. لا يهم المحنة الرهيبة التى عاشتها كل أسرة من تلك الأسر عندما هرعت إلى أسطح منازلها طلباً للنجاة واضطر أفرادها إلى القفز إلى أسطح المنازل المجاورة -وحمداً لله أن المنازل فى القرية متلاصقة مما أتاح لها الهرب- حيث تلقفها أصحاب القلوب الرحيمة من الجيران المسلمين الذين احتضنوها واستضافوها ووفروا لها الحماية فى منازلهم.. كل ما يهم أن العفو صدر وعفا الله عما سلف وليذهب الجناة والمعتدون لحال سبيلهم آمنين مطمئنين أنهم لن يقدموا للعدالة إزاء جرائمهم.. ولا عزاء‭ ‬للقانون‮ ‬ولا‮ ‬يبحث‮ ‬أحد‮ ‬عن‮ ‬الدولة‮ ‬وهيبتها‮!!!‬
 
منظمات حقوق الإنسان وحدها التى عايشت تلك الأحداث البشعة وعبرت عن رفضها الصارخ لتراجع دور الدولة وغياب القانون فى إدارة الأزمة، واحتجت فى بياناتها على تنازل السلطات الرسمية والأمنية عن مسئولياتها باشتراكها المعيب فى الجلسات العرفية ومباركتها قرارات هذه المجالس التى تنزل القصاص الظالم بالأبرياء وتفرض أحكاماً عرفية غير قانونية  من طرف واحد.. وشددت هذه المنظمات على ضرورة إجراء تحقيق قضائى وبرلمانى عاجل للكشف عن ملابسات جريمة قرية شربات بكل أبعادها ومعاقبة المتورطين فيها سواء من الغوغاء أو المجرمين أو المسئولين السياسيين‮ ‬والأمنيين‮.‬
 
أما عن الأقباط ومدى شعورهم بالأمن والأمان فى وطنهم، ومقدار الرعب الذى يتملكهم من المجهول الذى يتربص بهم، وسيف القصاص الذى ينقض عليهم دون ذنب أو جريرة، فهذه مسألة باتت تهدد كيانهم وسلامهم تصرخ فى وجه السلطات التى تدعى أنها تمثل الدولة!!!

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter