لا أستطيع أن أضع يدك على منتصر بذاته في مؤتمر برلين، لكن أكثر من حقق المكاسب هو المشير حفتر إذ استمر في المواقع التي وصل لها قبل المؤتمر، وأنه أفقد غريمه أردوغان وهو الغريم المباشر له لو تعلمون اعتراف دولي بالمساندة التركية لحكومة السراج، وهو ما جعله يستمر في إرسال رجاله الإرهابيين في الخفاء وليس علناً، ولم تحظى بالتالي اتفاقيته مع طرابلس باعتراف دولي يؤمن له القدرة على الهيمنة على حقول الغاز في البحر المتوسط، ومن ثمة فنحن بصدد انتصار للمشير حفتر ولمن ساندوا شرعية قضيته، بل ربما وعدالتها أيضا، صحة موقف المشير حفتر تأتي من أن أحداً لم يطالبه بالتراجع عن مواقعه العسكرية التي وصل لها، إلا أنني لا أستطيع التغافل أيضاً عن أنهم لم يقرروا معاودة مده بالسلاح علناً لمواصلة أعماله العسكرية لتحرير ليبيا أو قل الباقي منها من براثن الإرهابيين المسيطرين عليها. ومن ثمة، فنحن أمام منتصر هو المشير حفتر ومن أيدوه ومن دعموه ومن روجوا له.
رأينا الدول الغربية تتحاشى التعامل مع أردوغان أو التعاطي أو التجاوب مع ما يروجه، لكنهم لم يستطيعوا أن يكونوا متشددين في مواقفهم معه لانهم يعلمون مدى دمويته، وما يستطيع فعله معهم من فتح صنابير الإرهاب وترحيل مرتزقته للتخفي في ثوب اللاجئين ليعيثوا في أوربا فساداً بل يكفيه أن يترك اللاجئين حقا ليتضورا جوعاً في بلاده أو يفتح لهم المجال للقفز على الجزء الأوروبي من بلاده ومنه لأوروبا نفسها، وهنا تكمن الفاجعة للأوروبيين، كما أنه حليف لهم في حلف الناتو. ومن ثمة، كل هذا وضعوه في الاعتبار، وهم يتركوه يعود خاسراً أمام عدالة قضية حفتر وقدرات الدعاية المؤيدة له لإقناع العالم بحماقة المؤيد للجماعات المسلحة في طرابلس وخطورة انتصار هؤلاء الآخارين على الجيش الليبي الوطني.
آخر القول، إن حفتر ورائه مصر ومعها الكثير من البلاد التي تعلم هول الإرهاب وما يروجه من خراب ودمار وكره للإنسانية والبشرية بل خطورته على الحضارة الإنسانية، وما تسعى له الجماعات المسلحة في طرابلس، هو نقل للصراع الدائر في سوريا لأرض ليبيا ذات حدود مع مصر برغم إنكار وزير الدفاع التركي لهذه الحقيقة الجغرافية الواقعة التي لا مفر منها، وكله في سبيل إيذاء مصر والضرر بها، وعرقلة جهود قادتها من المضي قدماً نحو التنمية وجذب الاستثمار وبالمرة تقسيم النفط الليبي والانتفاع منه، والاستفادة بجزء من ثورات الغاز فيما يقع بشرق البحر المتوسط.
المختصر المفيد مبروك لمصر ولحفتر.