مدحت بشاي
ونحن نحتفل بعيد الكتاب فى دورته الــ51، أرى أن رفع سعر التذكرة إلى 5 جنيهات أمر مقبول، وتشجيع زيادة دخل مؤسساتنا الثقافية بالشكل المناسب للصرف على تقديم خدمات ثقافية هامة عبر كل مؤسسات الوزارة لكل فئات الشعب أمر مطلوب، بالإضافة لدعم وتشجيع الصناعات الثقافية.
مع دخول عالمنا إلى العصر الذى أصبح يسمى عصر مجتمع المعرفة ازدادت قيمة الإنتاج الثقافى وأهميته، وأصبحت الصناعات الثقافية عنصرًا أساسيًا من عناصر حساب قوة الدول والشعوب، قوتها المعنوية والمادية أيضا. ويرتبط مفهوم الصناعات الثقافية ببعض الأنشطة الفكرية والإبداعية للإنسان أى بالمعنى الضيق للثقافة، فللثقافة معناها العام الذى يتفق عليه السسيولوجيون والأنثروبولوجيون باعتبارها استجابة الإنسان لإشباع حاجاته من خلال نماذج معيشية أو نماذج للفكر والعمل ابتدعها الإنسان فى سبيل البحث عن إشباع هذه الحاجات المعيشية، وهى نماذج مكتسبة يصل إليها الإنسان إما بالتفكير والعقل كاستجابة للوسط الذى يعيش فيه، أو عن طريق النقل من المجتمعات الأخرى.
وهو ما يؤكد عليه المفكر د. عماد الدين أبو غازى وزير الثقافة الأسبق.. يقول: «تتميز الثقافة بأنها اختراع أو اكتشاف إنسانى ينتقل من جيل إلى جيل مع القابلية للإضافة والتعديل والتغير. أما الثقافة بمعناها الضيق فيقصد بها الأنشطة الفكرية الإبداعية والفنية التى يمارسها الإنسان، أى أن هذا المعنى ينصرف إلى الآداب والفنون بشكل أساسى ثم إلى بعض أشكال الإنتاج الفكرى. ويرتبط مفهوم الصناعات الثقافية بهذا المعنى الأخير للثقافة....».
ولا شك أن تعبير «الصناعات الثقافية» أصبح مصطلحاً فنياً مهنيا ذا معنى خاص يختلف عن صناعة الثقافة، أى صناعة الإنتاج الثقافى. ففى حين تعنى هذه الصناعة المنتجات الثقافية المصنوعة: كالكتاب، واللوحة، والبرنامج التليفزيونى، وقطعة النحت، فإن الصناعات الثقافية تعنى العمل التجارى والاقتصادى والمهنى القائم على الإنتاج الثقافى، الشركات ورأس المال والقدرات التقنية والبشرية والمؤسسات والكليات.
وتحدد اليونسكو مصطلح الصناعات الثقافية بأنه ينطبق على تلك الصناعات التى تجمع بين ابتكار المضامين وإنتاجها والمتاجرة بها، وهى ذات طبيعة ثقافية غير ملموسة (غير قابلة للتغيير)، مضامينها محمية بقانون حقوق المؤلف، ويمكن أن تأخذ شكل البضاعة أو الخدمات. وعموماً يشمل مفهوم «الصناعات الثقافية» الطباعة والنشر والوسائط المتعددة والوسائل السمعية والبصرية، والمنتجات الفوتوغرافية والسينمائية وكذلك الحرف والتصميم. وفى بعض البلدان يشمل هذا المفهوم المعمار، الفنون البصرية والأدائية والرياضة، وتصنيع الأدوات الموسيقية أو الإعلان والسياحة الثقافية.
وهنا نعود لفكرة أهمية السعى لتحول آليات العمل الثقافى إلى صناعة تنمى الاقتصاد العام وتدعم فكرة نشر العمل التنويرى واتساع دوائر من ينتفعون ويتلقون منتجه، فالولايات المتحدة تصدر من السينما أكثر من ثلاثين مليار دولار تقريبا ووفق احصائيات قديمة نسبياً، فكيف نجعل من الكتاب والقصة والرواية واللوحات الفنية والتشكيلية والتصاميم المعمارية سلعا وصادرات وطنية للتصدير؟.. وبالفعل كان الإنتاج السينمائى المصرى يمثل فى عائده المورد التالى للدخل بعد القطن المصرى، أرى أن هذا هو التحدى الذى يجب أن يشغل أهل الثقافة والتنوير ومن يسعون لتطوير الخطاب الثقافى والدينى.
medhatbeshay9@gmail.com
نقلا عن الوفد