محمد حسين يونس
من أكثر الروايات التي أثرت في تكويني النفسي و الثقافي .. تلك التي بعنوان ( الجذور ) حيث يقص ( كونتا كينتي ) تاريخ أسرته من أسر الجدود بإفريقيا .. و ترحيلهم إلي أمريكا في ظروف غير إنسانية .. ثم بيعهم في سوق النخاسة .. ليعملوا عبيدا في حقول قطن الجنوب ..
المهر المنطلق في غابات إفريقيا الذى لا يهمه أى مخاطر .. و ضع حول عنقة طوقا .. و ربط بسلسلة ليتحول تدريجيا إلي حيوان اليف .. يسعي لتجنب الكرباج و العقاب .. و عندما يحاول الهروب من مصيرة يقابل بما لم يتوقعة من إذلال .. و كسر للإنسانية و ترويض .
الاطواق المستجدة و السلاسل المقيدة غير المنظورة .. أصبحت في المجتمعات الحديثة
جنون الإقتناء والحصول علي لقمة العيش المغموسة في الذل .. و الإنكسار
عندما أنظر لعيون كونتا كينتي .. أجد أنها تحمل نفس نظرات جموع المتحركين في شوارع و ميادين المدن المعاصرة .. نفس الخوف من المجهول .. نفس الرعب من المفاجئات .. نفس السكون الذى يخفي عاصفة من الغضب .. تنفجر فجأة في خناقات شوارع سخيفة . نفس عيون أسود السيرك و حدائق الحيوان المنكسرة التي تنتظر طعامها
لقد تم ترويضنا عبر الاف السنين .. لتتوقف الفهود و النمور الهادرة عن القنص و الحركة بحرية و تقبع في أقفاصها .. تأمل أن تنال وجبة الغذاء .
المجتمعات التي نعيش فيها .. إستطاعت أن تجعل منا نسخا .. من أقنان و عبيد عصور موغلة في القدم .. و إن كان يحدث هذا بحرية و إرادة منا فالحياة خارج الجيتو .. حلم كابوسي يخاف من تجربته الجميع.