الأقباط متحدون - الحرية المزيفة ...!
أخر تحديث ٠٢:٤٧ | السبت ١٠ مارس ٢٠١٢ | ١ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٩٥ السنة السابعة
إغلاق تصغير

الحرية المزيفة ...!

بقلم: نوري إيشوع

الذي دفعني إلى كتابة هذا المقال, هو سؤالٌ طرحه علي إبني الذي لا يتجاوز العاشرة من عمره، بعد إن رأى تمثال الحرية في نيويورك، و هو يشاهد التلفاز،  قائلاً :  بابا ما هذا النفاق و الكيل بمكيالين لدولة يرتفع فوق أراضيها أكبر تمثال للحرية! و هي أكبر دولة تصّدر القتل تحت هذه التسمية التي هي بعيدة كل البعد عن سياساتها، الداخلية منها و الخارجية.
دولة عظمى,  كالولايات المتحدة الأمريكية, تنادي بالحرية وتتغنى بتمثالها و تريد نشر الديمقراطية في دول العالم و هي التي غزت و أفرغت ألاف الأطنان من أسلحتها الفتاكة على أراضي تلك الدول فدمرت بناها التحتية و قتلت الألاف من أبناؤها تحت شعارها المزيف.
 
دولة تستحق بجدارة حمل إسم عالم اليوم، عالم، عدوه اللدود الأمن و الأمان, كابوسه المرعب العدالة و المساواة، تقشعر أبدانه من الأستقرار و التعايش السلمي تحت خيمة الوطن على إختلاف العقيدة و اللون و الجنس و العرق! تدك مضاجعه الوحدة و التضامن، يقوض أركانه أزيز أسلحته المزعج الذي لم يعد يحتمل تخزينه في ملاجئ مغلقة و هو متشوق لإطلاق سراحه ليثبت للعالم مدى فعاليته التدميرية، أسلحته التي أشتاقت الى خرق الصدور و تدمير الدول و قتل الشعوب.  دولة تعشق الظلم و الإضطهاد و تحمي ممارسيه كما يحصل في مصر و العراق و نيجيريا، ترعى الإرهاب و تحارب به دول آمنة، كما يحصل في إفغانستان و ليبيا التي فتحت معسكرات الموت فوق أراضيها لتدريب سوريين و ليبيين و مرتزقة من مختلف الجنسيات و إرسالهم الى سوريا لنشر الموت و الفوضى بين مواطنيها و سرقة البسمة عن أفواه أطفالها و قتل شعبها الآمن.
 
ثورة تونس التي رعت على أراضيها لقاء أعداء سوريا و أعداء الإنسانية و أحزابها كحزب الإئتلاف يطالب باضافة مادة للدستور التونسي بجواز الجمع بين الزوجة و الجارية و يعتبرون تلك العلاقة حلال شرعاً، تونس التي بدأت تشد الخناق على المرأة و منعها من ممارسة حقوقها التي حافظت عليها لعشرات السنوات! دولة عظمى، أمريكا دولة الحرية الإسمية تقمع على أراضيها المظاهرات السلمية ضد البطالة و تشد الخناق على الأحرار في العالم،  أسقطت أنظمة, كنظام حسني مبارك في مصر, و قلدت السلفيين و المتطرفيين زمام السلطة, فزاد عدد الفتيات القبطيات المخطوفات, و زادت محاولات الإعتداء على المقدسات الدينية للأقباط، ناهيكم عن الأتجاه نحو إعلانها دولة إسلامية, أحكامها الشريعة الإسلامية, بقطع يد السارق، و تكون المرأة وسيلة لإشباع حاجة الرجل و تربية الاولاد و الخدمة البيتية و كان آخر نتائج هذه الديمقراطية, قيام أحد أعضاء البرلمان برفع الآذان أثناء الجلسة!
 
 نتيجة هذه السياسة العدوانية  التي تمارسها أمريكا، فقد العالم الأمل في الحياة المستقرة، فقدنا كبشر الأحساس بالعلاقة الإنسانية التي من المفروض ان تجمعنا، حتى أوروبا بلاد الحرية كما كانت تدعى، خلعت هذا الثوب الطاهر و جرفها تيار إمريكا الى القتل و أتباع سياسة اللاعدالة، سياسة اللامساوة، سياسة تجويع الشعوب و تجريب آلاتها الحربية على الأبرياء العزل.
ان الذي يثير الدهشة و الإستغراب، ظهور بعض أعضاء ما يسمون أنفسهم بمجلس إسطنبول على شاشات التلفزة ومن على منابر دول تاريخها أسود في العدوانية و الخيانة، دول باعت نفسها لأعداء الإنسانية، هولاء يتغنون بنشر الديمقراطية و إطلاق الحريات. أقول لهم : من هي الدولة التي سوف تكون مثالكم الأسمى بنشر الديمقراطية و الحرية في سورية؟
 
هل هي إمريكا، التي تتغنون بانها دولة الديمقراطية و الحريات؟ و هي التي قسمت العالم الى معسكرات، و دمرت بلدان و شتت شعوب و قتلت آلاف الألأبرياء, أم هي تركيا، وريثة الدولة العثمانية؟ التي أرتكبت أكبر مجزرة في التاريخ بقتل ملايين الأرمن و مئات الآلاف من السريان و المسيحيين أبان الحرب العالمية الأولى (الفرمان) لا لجرائم أرتكبوها بل إنهم لم يؤمنوا بما كان يؤمن به المارد العثماني، تركيا التي حكمتكم أربعمائة و خمسة و عشرين سنة (أربعة قرون و ربع القرن)، و أعدمت آلاف من الثوار بوضعهم على الخازوق, تركيا التي تستولي حتى تاريخ هذه الساعة على أراضي ومقدسات غير المسلمين و تمارس بحقهم أفظع جرائم التفرقة الدينية و العنصرية، تركيا التي لا تحرك ساكنا و هي ترى بأم عينها تعديات الكيان الإسرائيلي على الأقصى و محاولاته بتهويد القدس، تركيا التي تربطها علاقة قوية جداُ و معاهدات عسكرية مع هذا المحتل.
 
أم ديمقراطية السعودية، التي تمنع ممارسة غير المسلمين لشعائرهم الدينية,  السعودية التي تحكم بالموت على كل من لا يعلن الولاء للسلطة الحاكمة, السعودية التي تجبر الناس بالعصا للذهاب الى الصلاة، السعودية التي أعلنت تسليحكم لقتلِ أخوة لكم و تدمير وطنكم، السعودية، الدولة الوحيدة في العالم التي تنفذ حكم الإعدام بقطع الرأس بالسيف! أم قطر التي فتحت شواطئها لآلة الحرب الأمريكية، قطر التي منها إنطلق الطيران الأمريكي بشن حربه على العراق و أغرقته بآلاف الأطنان من قنابل الموت، و هل تتوقعون من الذي غدر بوالده أن يكون ديمقراطياً و وفياً لكم؟ هل أبني الذي لا يتجاوز العاشرة هو أكثر ذكاءً منكم؟ بالطبع هو كذلك! الى متى تحتفظون بغشاوة الغباء و الخيانة على عيونكم؟ الى متى تبقى بصائركم عمياء و بصيرتكم تعلوها غيمة الديمقراطية المزيفة و الحرية التمثالية المحرفة؟ فإذا كان هؤلاء مثلكم الأعلى و كانت تلك ديمقراطيتكم و حريتكم؟ فخذوها و انعموا بثمارها التي تفوح منها رائحة الموت،  و أتركوا لنا ديمقراطيتنا و حريتنا!

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter