قام بعرض الكتاب
ماجد كامل
صدر حديثا عن المركز القومي للترجمة كتاب "لبيب حبشي حياة عالم مصريات وإرثه " للباحثة جيل كامل ؛وهي محررة صفحة التراث الثقافي في جريدة ال AL Ahram Weekly ؛ وقام بترجمة الكتاب إلي اللغة العربية إبراهيم سلامة إبراهيم ؛والكتاب يعرض لحياة عالم المصريات الراحل لبيب حبشي (1906-1984) . ولقد ولد لبيب حبشي في عام 1906 بقرية سلامون محافظة الدقهلية ؛ وتدرج في مراحل التعليم المختلفة من مدرسة ابتدائية خاصة بالمنصورة إلي المدرسة المارونية بالقاهرة ؛ويذكر لبيب حبشي في مذكراته عن المدرسة المارونية فيقول عنها "كان مستوي المدرسة عاليا والمدرسون يحرصون علي النظام وكان الإهمال يعاقب عليه بدنيا . كنا ندرس قواعد اللغتين الفرنسية والإنجليزية ؛وقد علمني الرهبان أنني أستطيع تحقيق هدفي إذا شرعت في العمل من أجل ذلك ؛واكتسبت العادة الطيبة عادة قراءة الكتب التي لم تكن مقررة ؛فلقد كانت المدرسة المارونية هي المسئولة عن تنمية شخصيتي " وكان من بين مدرسيه في المارونية عزيز سوريال عطية الذي أصبح فيما بعد مديرا لمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة يوتا ؛ويذكر عنه لبيب حبشي أنه كان بهي الطلعة ؛ويتمتع بكفاءة غير عادية .
وفي المرحلة الجامعية التحق بقسم المصريات بالجامعة المصرية الذي أعتبره هدية من السماء ؛ وفي الجامعة درس الهيروغليفية علي يد العالم الروسي "فلاديمير جولنشيف "؛كما درس فقه االلغة الهيروغليفية علي يد العالم الفرنسي "تشارلز كوننتز "؛ودرس اليونانية واللاتينية علي يد بول جيرارد ؛والفرنسية علي يد "هنري جريجوار عميد كلية الآداب البلجيكي ؛ والانجليزية علي يد ايفلين هوايت ؛والعبرية علي يد العالم المصري "علي العناني " ؛والقبطية والديموطيقية علي يد العالم المصري الطبيب الدكتور جورجي صبحي . ولقد تخرج حبشي من الجامعة المصرية عام 1928 ؛وهو نفس العام الذي أزيح فيه الستار عن تمثال "نهضة مصر " الذي أبدعه مثال مصر العظيم "محمود مختار" ويذكر لبيب حبشي في الكتاب المعاناة القاسية التي شاهدها لكي يعين في هيئة الآثار فيقول "شعرت بالدهشة لأن تقديراتي كانت جيدة جدا وكنت متأكدا أن دوري سيأتي كنت صبورا ؛ وبعد أن تم تعيين بعض من تخرجوا بعدي مثل عبد المحسن بكير وأحمد بدوي أدركت أن هناك خطأ وذهبت لكي أعرفه ؛وعندما قدمت احتجاجا للمسئولين عن التعيين في مصلحة الآثار أحيلت شكواي إلي أستاذ في الجامعة ؛قال أن اختياره للخريجين كان يعتمد علي حسن أخلاقهم ؛وهكذا يكون قد أتهمني بسوء الخلق " وبعد انتظار عامين تم تعيينه مفتشا بمصلحة الآثار بأسوان؛وما لبث أن رقي منصب كبير مفتشي آثار مصر العليا في عام 1946 ؛ ولقد قام بعمل حفائر في جزيرة فيلة وقبة الهواء خلال ذلك العام ؛ ولقد خصصت المؤلفة الفصل السابع من الكتاب بعنوان "لبيب حبشي وأحمد فخري " حيث قامت بعقد مقارنة بين الأثريين الكبيرين ؛فأحمد فخري من عائلة كبار ملاك الأراضي في الفيوم ؛ بينما لبيب حبشي من أبناء الطبقة الوسطي ؛ بعد التخرج حصل أحمد فخري علي منحة للدراسة في برلين ؛ بينما انتظر لبيب حبشي تعيينه كمقتش آثار ؛ كليهما كانا قصيري القامة ومتقاربين في الميول ؛ بينما كان فخري يوجد عنده تواصل جيد مع الناس ؛ كان حبشي خجولا جدا ؛
وفي النهاية كان كليهما من أغزر الباحثين إنتاجا وكلاهما فتحا مجالات جديدة للبحث الأثري ؛فلقد أكتشف فخري معظم صحاري مصر ؛وتنقل كثيرا من مريوط ومرسي مطروح شمالا إلي واحة سيوة علي الحدود الليبية ؛ ومن منطقة وسط سينا إلي الواحات البحرية ؛بينما كشف حبشي عن معبد المحارب القديم "حاكائيب" ومعناه القلب الطاهر أو الشجاع الذي حمي حدود مصر الجنوبية.وفي الفصل الثامن تشرح المؤلفة حالة الآثار المصرية بعد ثورة يولية ؛ فلقد تمصرت "مصلحة الآثار المصرية " وصار مصطفي عامر ( 1896-1973 ) أول رئيس مصري لها ؛ وهو العالم الذي أهتم بدراسة مواقع ما قبل الأسرات في المعادي ؛ وكان من أولي الخطوات التي أتخذتها هيئة الآثار نزع ملكية الأراضي من الطبقات الغنية وتحويلها إلي الدولة ؛ وبدأ جيل جديد من الأثريين يتكون ؛مثل عبد المنعم أبو بكر الذي حصل علي الدكتوراة من جامعة برلين ؛ وجرجس متي الذي تخصص في الهيراطيقية والديموطيقية ؛ وأحمد بدوي الذي صار مديرا لمركز التوثيق عام 1956 ؛ ومحرم كمال الذي تقلد عدة مناصب إدارية بالمتحف المصري ومركز التوثيق . وفي هذه الفترة عمل لبيب حبشي بالأقصر خلال الفترة من عامي 1954 و1958 .وكلف بمصاحبة بعض المشاهير خلال زيارتهم للنوبة ؛ نذكر من بينهم سلطان اليمن ؛والرئيس الإندونيسي سوكارنو ؛كما اصطحب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خلال زيارته للنوبة .وجاء الفصل التالي من الكتاب بعنوان "إنقاذ النوبة " فلقد تم إنقاذ ما يقرب من 23 معبدا من بينهم معبد الملكة حتشبسوت ؛وأسهمت أكثر من 20 دولة في عمليات الإنقاذ ؛ وأقامت قرابة ثلاثين بعثة لأعمال الحفر ؛
وفي سنة 1960 وقع الاختيار علي مشروع مقدم من أحدي الشركات ؛ وكانت الفكرة الأساسية للمشروع تتركزفي نشر المعبدين بالمناشير في أبو سمبل ونقلها إلي مناطق أمنة ؛ثم إعادة بناء المعبدين بإرتفاع 64 مترا فوق موقعهما الأصلي وأجريت دراسات علي صخور الأساس للتأكد من أنها تستطيع أن تتحمل وزن المعابد الهائل . وفي الكتاب قامت المؤلفة بسرد المناصب وجوائز التكريم التي حصل عليها الدكتور حبشي ؛فلقد انتخب عضوا في المعهد الألماني للآثار عام 1953 ؛ كما اختير عضوا شرفيا للمعهد المصري بجامعة تشارلز في براغ عام 1956 ؛ وفي عام 1966 منحته جامعة نيويورك درجة الدكتوراة الفخرية ؛ وفي عام 1970 اختير عضوا شرفيا بالمركز الأمريكي للأبحاث بالقاهرة (ARCE ) وفي عام 1973 حصل علي وسام الاستحقاق الإيطالي ؛ ووسام الاستحقاق النمساوي عام 1980 ؛ وفي عام 1981 حصل علي وسام الصليب الأكبر من ألمانيا تقديرا لإصدراته المتميزة التي أصدرها له المعهد الألماني للآثار ؛وفي السنة نفسها حصل علي صليب الشرف للعلوم والفنون من الحكومة النمساوية تقديرا لإنجازاته العلمية ؛كما اختير عضوا شرفيا بالجمعية الفرنسية للمصريات عام 1983 . أما عن مؤلفاته فلقد كتب كتاب " في صحراء العرب والأديرة الشرقية " بالتعاون مع زكي تاوضروس ؛وكتب كتابا عن تل بسطة نال عنه جائزة الدولة التقديرية ؛وكتب بالإنجليزية كتابين هامين أولهما "المسلات المصرية " وقد ترجم فيما بعد إلي اللغات الفرنسية والإيطالية واليابانية والعربية ؛ أما الكتاب الآخر فعنوانه "16 دراسة عن النوبة " كما كتب مايزيد عن 180 مقالا نشرا في الدوريات المختلفة ؛ وفي الفصل الأخير من الكتاب وهو بعنوان "النهاية " حيث توفي في 18 فبراير 1984 ؛ ودفن حثمانه في دير المحارب في الأقصر حسب وصيته .