محمد حسين يونس
من حسن حظي أنني إتخذت هذا القرار مبكرا بعد وفاة عبد الحليم حافظ 1977 .. فلقد فقدت الرغبة في الإستماع إلي الأغنية العربية .. في بعض الأحيان كنت أستمع لوردة أو فايزة أو علي الحجار أو مدحت صالح .... و لكن يحدث هذا بالصدفة .. أو بسبب أن لحنا يعلق في ذهني فأظل لفترة أردده ..
ثم بدأت تدريجيا أفقد المعرفة بالمطربين و المطربات الشبان إلا إذا غني أحدهم أغنية لأم كلثوم أو عبد الوهاب .
لقد توقف إستمتاعي بالأغنية العربية .. عند ..كلاسيكيات فيروز و شادية و ليلي مراد .. و يمكن عبد الغني السيد و عبد المطلب و كارم محمود .
ثم حبست نفسي طوعا في قوقعة ما قبل السبعينيات لا أخرج منها إلا لماما .. و بالتدريج أصبحت الأغنيات الجديدة و مطربيها غير معروفين لدى إلا بالأسماء ( لبعضهم ) بسبب الحديث عنهم في أجهزة الإعلام و السوشيال ميديا و لم يغريني هذا لسماع أحداهن أو أحدهم .. حتي بعد أن تحولت (لولاكي ) إلي وباء عاصف
لذك كان غريبا علي كل هذه الضجة حول تشجيع أو منع أنواع معينة من الموسيقي المستجدة .. التي لا أسمعها .. و لا أعرف أصحابها .. و لا أستطيع المقارنة .. أو تقديم الفتاوى .بعد أن جعلتني زعابيب العاصفة الأخيرة .. كالأطرش في زفة بلدى أسكندراني شديدة الضجة .
لم يكن إنعزالي عن الموسيقي العربية و الأغاني بسبب سوء كلماتها أو الحانها .. بقدر ما كان رفض لعالم ما بعد الثمانينيات بكل إنتاجة السوقي الإنفتاحي ..لقد إمتد(الرفض) للقصة والرواية .. و المسرح و السينما .. و برامج التلفزيون ..و كرة القدم ...فلقد كان هناك عالم مستجد ركيك بغيض يولد مواكبا زمن غير مناسب لي ..
و النتيجة أن كل هذه الفنون خلال ثلاثة أو أربعة عقود تبدلت و إبتعدت عن رومانسيات عالم ستينيات القرن الماضى الخلابة ..و لم أعد أستثيغها و أتجنبها متجاهلا .
لم يعد لي رغبة في القراءة بلغة العرب فالمطابع التجارية الطابع لا تنتج إلا الغثاثة .. فإستبدلتها بالرواية المكتوبة بالإنجليزية ..
و لم أعد أشاهد أفلام الأعياد و المواسم السوقية.. أشاهد فقط أفلام أجنبية من قنوات الدش الفضائية .. و أسمع أغاني غير مصرية .. لانسلخ بالكامل بعيدا عن مجتمع ينحط بنا سلوكيا و فكريا نعيش فيه و هو يأسن بسرعة ..,.منتظرين التغيير .
الفن إنعكاس لقدرات المجتمع و ثقافته .. و هذا هو مجتمعكم كما أوجدتموه ستجدونه علي نفس الدرجة في السينما و المسرح و التلفزيون و الأفراح .. و الإحتفالات .. و الصحافة و معرض الكتاب ..و ملاعب الكرة فهنيئا لكم ما صنعتم .و الحمد للة علي نعمة الإغتراب الثقافي التي أعيشها .