الأقباط متحدون - بابا مش تصادمي بنكهة الشيكولا
أخر تحديث ٢١:١٧ | الجمعة ٢٣ مارس ٢٠١٢ | ١٤ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٠٨ السنة السابعة
إغلاق تصغير

بابا مش تصادمي بنكهة الشيكولا

بقلم: أماني موسى

 اللي خلف مماتش واللي ألف كمان مماتش واللي أنجز وأثمر بحياته برضه مماتش.... فالموت يصغر أمام العظماء ولا يستطيع محو أثرهم. فالعظماء لا يرحلون بل تبقى ذكراهم وأعمالهم تُخلّدهم وتُخلّد أثرهم.

وقد جمع قداسة البابا شنوده بين كل هذا فهو الأب لملايين من الأقباط والمصريين وهو البابا المثقف الواعي ذو العقل الراجح والعلم الواسع خلف ورائه تراث ضخم من الكتب، وأيضًا صاحب سرعة البديهة وروح الدعابة. فهو الشاعر والكاتب والفيلسوف والصحفي بنقابة الصحفيين والناشط الوطني المنتمي لحزب الوفد وهو ضابط الجيش أيضًا.
 
بكل الأحوال أتفقنا أو أختلفنا حوله وحول مواقفه وآرائه إنما هو علاّمة وأيضًا شخصية كاريزمتية فريدة، تكرارها يخضع للصدفة وليس بكثير الحدوث.
ووسط زحمة من المشاعر لوداعه ما بين حزن حقيقي لفراقه وبين حزن محبك مصطنع أمام الكاميرات وبين مشاعر فرح وشماته لرحيله ودموع حقيقية من مودعين بسطاء لم يلتقوه بحياتهم عن قرب إنما وجدوا فيه الأب والرمز والضهر والأمان وبفقدانه شعروا بظهورهم تتعرى وأمانهم يهرب منهم.... وسط صخب هذه المشاعر الكثيرة والمتناقضة، ظهرت أيضًا مشاعر التخوف والتوجس من جموع مثقفي الأقباط والسياسيين حول البابا القادم ومَن هو؟ وعن دوره الذي لم يعد قاصرًا على رعاية شعبه روحيًا داخل أسوار الكنيسة وحسب بل سياسيًا أيضًا، وعن اختياره وهل سيكون للمجلس بشكل أو بآخر دور في أختيار البطريرك القادم؟ 
 
وراحت تصريحات السياسيين تنعي رحيل البابا شنوده ليس لفقدانه فقط وإنما نعي مقترن بتخوف واضح من ألا يكون البابا القادم بنفس حكمة البابا الراحل، -ولا أدري هنا المعنى الحقيقي للحكمة التي يقصدونها بتصريحاتهم؟- هل الحكمة في رعاية شعبه روحيًا وقيادتهم دينيًا أم الحكمة في الصبر والاحتمال لِما يحدث لأبنائه من أعمال عنف وقتل وسحل وحرق ومحاولة أحتواء غضبهم وعدم تصعيد الموقف وما شابه؟
وأخذوا يشددوا ويؤكدوا على ضرورة أختيار –بابا ليس تصادمي-، كما شددوا أيضًا على أختيار رئيس توافقي؟!! كأنهم في سوبر ماركت ورايحين يشتروا واحد بابا مش تصادمي بنكهة الشيكولا!!!
 
وإلى الآن لم يعلم أحد تفسير منطقي ولغوي صحيح لمصطلح رئيس توافقي، وكذا الحال بالنسبة إليَّ –على الأقل- بالنسبة لمصطلح بابا ليس تصادمي، فلا معنى لها في قواميس ومعاجم اللغة ولكن فيما يبدو إن لها معنى واضح في قواميسهم السياسية العفنة.
بابا ليس تصادمي تحمل معنى تخوفهم وتوجسهم من ضرورة مجيء بابا بحكمة البابا شنوده، أي يكون له حكمة احتمال آلام شعبه وأيضًا أحتواء غضبهم الجارف بعد كل تفجير كما في القديسين، أو حرق كنائس كما إمبابة وغيرها، أو هدم كنيسة كما في صول وأطفيح، أو قتلهم والتمثيل بجثثهم كما في الكشح ونجع حمادي وغيرها، أو دهسهم تحت المدرعات كما في ماسبيرو.
 
بالمختصر المفيد يرفع عنهم عناء الصدام مع السلطة والقيادات ويتحمل الضرب وشعبه في صمت و"حكمة"!!
وإحقاقًا للحق لولا حكمته فعلاً –والتي كانت لا تروق لكثيرين آنذاك- لكانت مصر تحيا جحيم حرب أهلية بين مصريين ومصريين، فهو كان حائط صد ضد غضب الأقباط، فلم يدخلوا في حروب مع شركاء الوطن من المسلمين بعد حوادث العنف ضدهم ولا في صدام مع القيادات والسلطة إثر تراخيهم –وإن جاز التعبير تواطئهم- في كل حوادث الأعتداء ضد الأقباط وأخرها المشاركة العلنية في تلك الحوادث كما ماسبيرو وكان رد فعله الصمت والصلاة ودعوة الشعب لصيام مدة ثلاثة أيام وترك الأمر بيد الله ليرد حق المظلوم.
 
وأخيرًا أحب أن أبشركم يا سادة يا مش كرام... أيًا ما كان البابا القادم فهو لن يكون في كاريزما البابا شنوده ولا يملك ما ملكه البابا شنوده من رصيد ومخزون حب في قلوب الأقباط كان يلجم به غضبهم ويُمسك بزمام الأمور، إضافةً إلى خروج المارد القبطي من قمقم الكنيسة وظهور حركات قبطية سياسية عدة ونمو وعي شباب الأقباط وانخراطهم في العمل السياسي، فلا تتوقعوا بغبائكم بابا ليس تصادمي كما الرئيس التوافقي بل أعملوا بما يرضي الله واعدلوا بين المصريين، فلم يعد هناك مزيد من الطاقة لاحتمال ضربات موجعة في ظل غياب كامل للقانون وعنجهية وفظاظة المعتدين وبالنهاية كل واحد يبوس التاني في بقه وأبوك عند أخوك وأستنونا في الحلقة الجاية من مسلسل الطائفية الكريه.
أتقوا الله في مصر وشعبها وأعدلوا يا بتوع "شرع الله".

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter