الأقباط متحدون - رمانة الميزان
أخر تحديث ١٩:٥٧ | السبت ٢٤ مارس ٢٠١٢ | ١٥ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٠٩ السنة السابعة
إغلاق تصغير

رمانة الميزان

بقلم- ميرفت عياد
لا أعرف عزيزي القارئ في بداية حديثي معك أن أعزيك أم أعزي نفسي لرحيل قداسة البابا "شنودة الثالث" بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذي يمثل رحيله فاجعة لـ"مصر" أدمت قلوب المصريين جميعًا، خاصةً في هذا التوقيت الصعب الذي تحبو فيه "مصر" نحو المستقبل أم نحو المجهول لا أعلم بالضبط..

فهذا الرجل كان بمثابة رمانة الميزان في كثير من القضايا، لا أقول القبطية بل الوطنية؛ لأنني في الحقيقة سئمت من تلك المفردات المؤسفة "القضية القبطية.. الأقباط.. الفتنة الطائفية"؛ لأنها مصطلحات غريبة عن طبيعة المجتمع المصري الذي يظهر معدنه الأصلي والحقيقي في المواقف بعفوية وتلقائية..

يظهر أحفاد الفراعنة الذين بنوا أهرامات مجدهم ويختفي من المشهد رجال الدول البترولية الذين أتوا بفكرهم القفر لينزعوا من أرض هذا الوطن أهم ثماره، وهي المحبة والألفة والتسامح والعيش المشترك بين أبنائه.

وأقدِّم لأي قارئ متشكك في ما أقول بعض المواقف التي حدثت في تلك الأيام الأليمة التي عايشناها جميعًا، حيث قامت إحدى السيدات المحجبات في "العباسية" بإنزال العديد من زجاجات المياه لأخواتها الواقفين حدادًا وحزنًا على رحيل هذا الرمز الديني والوطني الذي قلما يجود به الزمان، فقد ظلت هذه السيدة طيلة ساعات طويلة تسقي هذا الشعب المكلوب برغبة صادقة في تخفيف آلامه.

وفي ظل اتصال الكثيرين بي من الإخوة المسلمين، إتصل بي نجار بسيط كان أجرى لي بعض الإصلاحات في منزلي ليعزيني، وبعفوية صادقة قال لي: "أنا باتصل أعزيك.. إحنا كمان حزنانيين قوي.. ده مش أبوكم ده أبونا احنا كمان اللي مات."

الحقيقة إن الكلمات لا يسعها كتب ومجلدات للحديث عن قداسة البابا الحبر الأعظم.. ذهبي الفم والقلم.. معلم الأجيال.. بابا العرب.. وفي نفس الوقت الكلمات تقف عاجزة عن التعبير عن مدى الخزي الذي أحسست به لمن لم يحترموا هيبة الموت، غير مدركين أنهم لا يملكون من أمرهم شيئًا.. ولا يملكون أنفاسهم في الثواني القادمة.. لهؤلاء أقول كما قال أحد الشعراء قديمًا: "إن الموت هو حالهم وسيكون حالي.. اسئل نفسك ياعبد هل للموت اعددت؟؟.."


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter