بقلم- حنان عمار
حكت لى امرأة عجوز ، قصة عن التوفيق لم أنساها إلى يومنا هذا ؛ كانت تلك المرأة جاره لنا ، تزوج أبناؤها وتعيش بمفردها ، فقد كنا نحن الأطفال نذهب إليها تطوعاً لقضاء احتياجتها من الخارج ، وكان هذا حباً فيها ، وتوفيق من الله لم يحالف الكثيرات منهن على نفس ظروفها ؛ فكانت المرأة الصالحة تكافئنا بأن تحكى لنا قصة مليئة بالحكم وتجارب مرت على أناس أخرين ، تبعث فى النفس الحائرة الراحة والطمـأنينة ؛ فقالت : كان فيه رجل فقيراً لا يجد طعامه هو وزوجته ، لم ينجب اطفالاً ؛ وفى ذات ليلة بينما الرجل يجلس حزيناً مهموماً ، دخلت عليهما الدنيا وهى تمسك بيدها ثلاثة أشياء ، قائلة له : سأعطيك ثلاثة المال والولد والوفاق ، ثم سأعود إليك بعد خمسة عشرة عاماً ، كى أرى كيف حالكما ؛ تواصل المرأة العجوز قصتها قائلة : تبدل حال الرجل من الضيق الى الرخاء ، فأصبح أغنى رجل اشترى طحونه وارأضى ورزقه الله من الأولاد بسبعةً ، يعيش مع زوجته فى سعادة ، ومرت الخمسة عشرة عاماً ؛ وفى ذات ليلة دخلت عليهما الدنيا قائلة : كيف كان حالكم طيلة الخمسة عشرة عاما ً ؟
فقالوا: الحمد لله ربنا أنعم علينا بالمال والولد والتوفيق ؛ فقالت لهما الدنيا : ولكن اليوم جئت لأخذ منكما شيئين وأترك لكما شيئاً واحدا ً ، وعليكما الأختيار حتى المساء القادم ، وخرجت الدنيا وظل الرجل وزوجته يفكرون فيما يختارون بين المال والاولاد والوفاق ؛ وجآءت الليله التاليه وقد دخلت عليهما الدنيا لكى تأخذ شيئين من ثلاثة بعد أن أخذ الزوجين قررهما فيما يختارون ، قال الرجل : لقد أخترنا الوفاق ، لأن المال والولد بدونه شقاء لا يحتمل ، لذلك لخترنا التوفيق ، فقالت لهما الدنيا وهى مسرورة لقد فوزتما بكل شىء، وتركت لهما المال والولد والوفاق.
قد يسأل القارىء ما الأستفادة من هذه القصة ؟ أقولك يا سيدى القارىء العزيز ، أنظر كيف يتعامل أهل الفتاة مع الخاطب ، من تكبيلة بالشبكة والمهر والشقة وفرح خمس نجوم والجدل حول القائمة بالمنقولات الزوجية ، يتذكرون هذه النقاط المادية ، ويغفل عنهم أن السعادة الحقيقية فى الوفاق ؛ هل يجد الأب السعادة المال واولأده عاقين له ؟ ، هل يشعر الموظف بالسعادة فى ظل العداء بين زملاؤه ؟ هل المشهد السيىء للقوى السياسية بمصر ، وهم يتسارعون على السلطة بضرب بعضهما البعض دون وفاق وعمل على مصلحة الوطن لا مصلحة شخصية ؛ هل يعجبك هذا التناحر والانسحابات من اللجنة التاسيسة لوضع الدستور ، دستور الولاده القيصرية ) ما جعل المواطن فى حيرة فاقد الثقة فى الجميع نعم الوفاق نعمة من حظى وستمسك بها فهو الفائز بسعادة الدنيا والأخرة ،