الأقباط متحدون - الكذب على مدار العام وليس في أول أبريل
أخر تحديث ٠٩:٣٠ | السبت ٣١ مارس ٢٠١٢ | ٢٢ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧١٦ السنة السابعة
إغلاق تصغير

الكذب على مدار العام وليس في أول أبريل

بقلم- ألبير ثابت

اتفقت شعوب العالم باختلاف ثقافاتهم وألوانهم ومعتقداتهم بجعل الأول من شهر أبريل يوم الكذب أو يطلق عليها خدعة أبريل، ويتم استخدامها من قبل المداعبة والمزاح، ومن باب الضحك، ليكون يومًا كل سنة للترويج والممازحة لتلطيف الأجواء المشحونة دومًا بالتوتر في حياتنا اليومية التي تضغط على أعصابنا. أما الآن فمسلسل الكذب والخداع مستمر دون انقطاع على مدار أيام السنة، لا فرق بين أبريل أو يوليو أو أغسطس، فكله عند الكذابين "أبريل"، بل تزايد وانتشر في زماننا بشكل ملموس وعلى مختلف المستويات كأنه طوق نجاة لمعظم الناس، بل يجعلهم يستأهلونه في قضاء مصالحهم وتحقيق منافعهم في حياتهم الاجتماعية.
 
فالأكاذيب تحيط بنا الآن من كل جانب، وتأتينا من كل حدب وصوب، بل يجتاح الأجواء حاليًا كم هائل من الأكاذيب سواء على مستوى العلاقات الشخصية أو في مجال الدراسة أو العمل أو المجتمع المحيط بنا حتى في برامج الفضائيات أو الصحف والمواقع الإلكترونية وغيرها.
 
أما عن الكذب السياسي فحدث ولا حرج، فهو مصيبة أخرى في حياتنا، فقد مارسها الكثيرون من رموز النظام السابق بفن واحتراف، فخدعونا على مدار عقود من الزمن، وكانت النتيجة سرقة الوطن وانحداره في كافة الخدمات، ومازالت تلك الظاهرة ملازمة لبعض القيادات والرموز في السلطة الحالية.. وانتقلت تلك العدوى القبيحة حتى لبعض مرشحي الرئاسة في "مصر"، فتجد أحد المرشحين يصرح بأنه عندما يتولى الرئاسة سيجعل سعر صرف الجنيه المصري موازيًا لسعر صرف الدولار خلال عامين!! كيف يتم ذلك؟ لست أدرى!. ومرشَّح آخر شهرته "ظاظا" إدَّعى بأنه تم تأييده من قبل رسول الله ليكون رئيسا لـ"مصر" وأنه قادر على زيادة رواتب الموظفين إلى 2000 جنيه كحد أدني و5000 جنيه كحد أقصى.. وغيرهم من باقي المرشحين الكذابين وفاكهانية الكلام، لدرجة أن ينتابك حالة من الصداع والإحساس بالفزع من أساليب الكذب والخداع.
 
ومن النماذج المخادعة والمسلية قيام عضو برلماني بإجراء عملية تجميل في مناخيره، وإدَّعى كذبًا بأن البلطجية اعتدوا عليه وضربوه وسرقوا منه 100 ألف جنيه، وقام بإزعاج السلطات الأمنية لعدة أيام متواصلة (كان العضو يريد أن تكون تقاطيع مناخيره حلوة ومسمسمة أو مناخير أرنبيه زي شباب الثورة لأنه بات شخصية عامة بعد دخوله البرلمان وبالتالي ستكون كاميرات التلفزيون موجهة طوال الجلسة إلى السادة الأعضاء).
 
لقد بات الكذب والخداع واقعًا يوميًا وموقفًا متكررًا في حياتنا اليومية، فعلى مستوى الحياة اليومية نجد الأزواج يكذبون على زوجاتهم والعكس، كما أن البائعين يكذبون على الزبائن من أجل تسويق بضائعهم الراكدة، والموظفون قد يكذبون من أجل الحصول على رضا رؤسائهم أو من أجل التزويغ من العمل، والمسؤولين بدورهم يكذبون على المواطنين، وأصحاب المؤسسات والشركات يكذبون على مرؤوسيهم في موضوع الترقيات والعلاوات وما شابه ذلك، والمرشحون في الانتخابات البرلمانية يكذبون على أهالي دوائرهم لكسب أصواتهم، والشباب يستحوذون على قلوب الفتيات بالكذب والخداع والكلام المعسول. والمثير فعلاً أن هناك الكثيرين من الناس يبررون الكذب على أنه كذب أبيض وغير مؤذٍ وأنه نوع من المبالغة لتحقيق منفعة شخصية، وأنه يساعد في المحافظة على الأسرة وغيرها من الأقوال المعتادة.
 
أما عن دول الغرب، فقد اختاروا يومًا واحدًا طوال العام هو الأول من أبريل للكذب بغرض المداعبة والتسلية، حتى أطلق الشعب الإنجليزي عليه (يوم المغفلين)، لكننا في المنطقة العربية نحتاج يومًا سنويًا للصدق لا يكذب فيه الحكام والمسؤولون أو المحكومون، وكفانا من الموروثات الخائبة التي جلبت علينا المصائب بأن الكذب ملح الرجال وسكر النساء، و لا نعلم من أين أتت تلك العبارة؟!!. فمنذ أيام دار حوار بيني وبين مدير في مؤسسة مرموقة عن أساليب التسويق في المؤسسة، فأكَّد لي من خلال حديثه أن الكذب أحيانًا ضروري لاستمرار عملنا في المؤسسة، بل ملازمة في حياتنا الاجتماعية، فمن يقول الصدق الآن يُعاقب ومن يكذب يغفرون له!!.
 
عمومًا، لماذا لا نعبر عن مشاعرنا ونقول ما يجول في خاطرنا دون كذب، لا أبريل ولا أبيض ولا أسود؟! فشهر أبريل هو شهر الربيع في بلادنا، فلماذا نشوهه بالكذب والتضليل؟.. فمن أقوال القديس "يوحنا السلمي" الرائعة "الكذب يطفئ المحبة، واليمين الكاذبة إنكار لله. الطفل لا يعرف الكذب، وكذلك النفس المنزهه عن الشر. من امتلك مخافة الرب تغرب عن الكذب، حاويًا في داخله قاضيًا".

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter