الأقباط متحدون - دستور .... يا سيادنا !!!
أخر تحديث ٠٥:٤٠ | الخميس ١٢ ابريل ٢٠١٢ | ٤ برموده ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٢٨ السنة السابعة
إغلاق تصغير

دستور .... يا سيادنا !!!


بقلم : حليم اسكندر
 
مصر ليست تونس !!  كلنا او معظمنا علي الاقل يتذكر تلك العبارة الشهيرة التي رددها النظام السابق إبان انطلاق احداث 25 يناير الماضي، هي عبارة أراد بها النظام السابق التأكيد علي قوته وهيمنته وسطوته وسيطرته وامتلاكه لزمام الامور. ورغم ذلك وتحت وطأة الاحتجاجات وشدتها وتناميها واضطرادها وانتشارها في كل محافظات مصر وارتفاع سقف المطالب وأخطاء النظام السابق في تقدير الموقف وتباطؤه في اتخاذ القرارات تم اسقاط النظام او لنقل اسقاط رأس النظام لكي نكون اكثر دقة وتحديداً. 
 
وبكل اسف اقول : أثبتت الايام بالفعل ان مصر ليست تونس !!  وكم كنت أتمني ان نكون مثل تونس تلك الدوله الصغيره من حيث المساحه وتعداد السكان والغنيه والكبيره بثقافة ووعي ابنائها الذين اختاروا الطريق الصحيح والترتيب المنطقي للامور وانحازوا للعقل والمنطق وطبائع الامور وما جري عليه العرف في كل بقاع العالم المتحضر بضرورة أن يكون " الدستور أولاً " !! فلا يعقل أن يتم وضع العربة أمام الحصان او أن يتم بناء مبني ما قبل أن نضع له الاساسات اولاً !!
 
 ولكن في مصر" أم الدنيا " حدث العكس !!! ذلك بسبب تغليب المصالح الخاصه عن الصالح العام و" تديين " استفتاء 19 مارس " المعروف بغزوة الصناديق "  هذا الاستفتاء الذي يعد السبب الرئيسي فيما نعانيه من مشاكل وما نحياه من جدل الان!!
 
ونحن نعيش الان في معضلة تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور وتلك المشكله هي ناتج طبيعي لاستفتاء 19 مارس سالف الذكر، وقد تم تشكيل تلك اللجنه بواقع 50% من داخل البرلمان ، 50 % من خارج البرلمان وجاء ذلك باتفاق حزبي الحرية والعدالة "الجناح السياسي للاخوان المسلمين" وحزب النور " السلفي " واللذين يشكلان الاغلبية العددية داخل البرلمان الحالي، وهو في رأيي تشكيل معيب ، فليس من المنطق ان يضع البرلمان دستوراً ينظمه ويحدد شكله وطبيعته وسلطاته ومدته وكيفية تشكيله وطرق حله وغيرها من الاشكاليات القانونيه الأخري.
 
بعض التعريفات المتعارف عليها للدستور
-مجموعة المبادئ الأساسية المنظمة لسلطات الدولة والمبينة لحقوق كل من الحكام والمحكومين فيها بدون التدخل في المعتقدات الدينية أو الفكرية. 
 
-هو موجز الإطارات التي تعمل الدولة بمقتضاها في مختلف الأمور المرتبطة بالشئون الداخلية والخارجية.
 
-مجموعة الأحكام التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها، وسلطاتها، وطريقة توزيع هذه السلطات، وبيان اختصاصاتها، وبيان حقوق المواطنين وواجباتهم.
 
-هو أساس البنيان القانوني في الدولة و لا يجوز أن يخالفه أي قانون آخر.
 
-هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة (بسيطة أم مركبة) ونظام الحكم فيها  (ملكي أم جمهوري) وشكل الحكومة (رئاسية أم برلمانية أم مختلطه) وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التي بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة.
 
ويشمل اختصاصات السلطات الثلاث (السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية) وتلتزم به كل القوانين الأدنى مرتبة في الهرم التشريعي ، بحيث تكون القوانين واللوائح غير شرعية إذا خالفت قاعدة دستورية واردة في الوثيقة الدستورية.
 
هل صحيح ان الدستور تضعه الاغلبيه؟
*يعد الدستور بمثابة عقد اجتماعي بين جميع المواطنين بالدوله وهو يعد بمثابة توافق وطني عام ، ومن ثم يجب أن يكون معبراً عن جميع المواطنين دون استثناء ، فلا يعقل ان يحكمني عقد دون ان اكون طرفاً فيه او موقعاً عليه او مرتضياً لشروطه واحكامه واركانه !!  لذا لابد ان يكون الدستور توافقياً ويلزم ان تكون اللجنه التأسيسيه المكلفة بصياغة الدستور معبرة عن الشعب بكافة اطيافه والوانه السياسيه ، بحيث لو وجدت فئه ما من فئات المجتمع مهما كان تعداد افرادها قليلاً ولم تشملها تلك اللجنة التأسيسيه اصبحت تلك اللجنه معيبه ومطعوناً في شرعيتها !
 
*الدستور يختلف عن القوانين العاديه لانه هو ابو القوانين، فهو القانون الاسمي والاعلي في البلاد والذي يأتي علي رأس الهرم التشريعي ، بحيث لا يجوز اصدار اية قوانين مخالفه لأي نص أو مبدأ ورد بالدستور والا طعن بعدم دستوريتها وتم ابطالها!
 
*ايها السادة الكرام فكرة الاغلبية لايجوز تطبيقها في اعداد الدساتير والتي تتميز بطبيعة خاصه جداً بحيث لا يجوز ان تحكمها فكرة الاغلبية العدديه ، الاغلبية شئ نسبي ومتغير فأغلبية اليوم قد تصبح أقلية الغد ، فهل يعني ذلك أن كل اغلبية ستأتي ستضع دستوراً جديداً يتم تفصيله علي مقاسها وخصيصاً لها ؟
 
*الدستور لا يوضع لفصيل بعينه أو لأغلبيه معينه و انما يجب أن يعبر عن كل طوائف المجتمع، الدستور لابد ان يراعي فيه ابعاد التنوع الفكري والثقافي والمهني والديني والعرقي والاجتماعي بصرف النظر عن الاغلبيه الحاكمه. بل لابد ان يكون احد الاهداف الاساسية للدستورالنص علي حماية واحترام حقوق الاقليات.
 
*لا يجب أن تنفرد جماعه او حزب او طائفه بعينها بكتابة مواد الدستور، بل يجب  إشراك كافة فقهاء القانون وعلي الاخص الفقهاء الدستوريين والقضاه والنقابات المهنية والعماليه والاحزاب السياسية واهل المدن والريف والبدو واهل النوبة والمصريين بالخارج.
 
*الاغلبية التي يتمتع بها الاسلاميون الأن : لا تعطيهم الحق في تقرير مصير مصربالكامل ولعقود قادمه ، بينما من حقهم التخطيط لاربع او خمس سنوات قادمة ، فالديمقراطية لاتعني الاستحواذ والهيمنة والسيطرة ، بل هي العمل الجاد والسعي نحو  ضمان حقوق وحريات الجميع دون استثناء ، حقوق وحريات الاقلية والاغلبية علي السواء.
 
*لجنة صياغة الدستور يجب ان تكون مستقلة تماماً عن البرلمان، اي يكون جميع أعضائها من خارج البرلمان  ويتم اختيارهم بعناية تامة  ووفق معايير محددة وبتوافق شعبي وتضم كبار العلماء والخبراء حتي نخرج بدستور عصري يلبي تطلعات الشعب بكل اطيافه وتنوعاته ،

هل تعلم عزيزي القارئ ان : تركيا استعانت بالفقيه الدستوري المصري الدكتور ابراهيم درويش في كتابة دستورها ؟

 هل تعلم ايضاَ ان :  اللجنه التأسيسية المشكلة لوضع دستور مصر خلت من اسم هذا الفقيه والعالم الدستوري الكبير وغيره من الفقهاء والكفاءات والخبرات العالمية والدوليه ؟ !!!!

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع