الأقباط متحدون - الاختيار
أخر تحديث ٠٥:٤٣ | السبت ٢١ ابريل ٢٠١٢ | ١٣برموده ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٣٧ السنة السابعة
إغلاق تصغير

الاختيار


بقلم: ماجد سوس

تزامن إختيار رئيس جديد لشعب مصر مع اختيار رئيس جديد لشعب الله ومع أي اختيارات مماثلة مرت بها البشرية منذ بدء الخليقة نجد أن مشكلة  الأصلح هي المسألة المعضلة و المزمنه على مر العصور والأزمنة و منذ بداية التاريخ و الله يختلف مع الإنسان في نظرته للأصلح و الأنسب .  حينما اختار الله لنا الحياة ،اختار آدم الموت حينما نظر الى شجرة لأنها كانت شهية المنظر،  حين اختار الشعب شاول القوي و اختار الله داود الصغير الضعيف، حين أختار ابينا يعقوب ابنه البكر بينما الله يختار يوسف ليكون ملكا على مصر ويهوذا ليأتي من نسله . حين اختار  الله موسى ثقيل اللسان ليجعله كليم الله  . حينما اختار صيادي السمك ليدينوا اصحاب السفن الكبيرة . حينما اختار المذدرى وغير الموجود ليخزي بهم الحكماء و الفقهاء .
     حين اختار الله اسكافي ( مصلح أحذية) ليكون البابا الأول للكرسي المرقسي ، و الذي أحبه شعبه جدا واطلقوا عليه لقب بابا وبابا هي في الأصل كلمة قبطية تنطق " بي آبا " وتعني الأب ، و بابا الإسكندرية هو أسقف الإسكندرية تثبَّت هذا بقرار من المجمع المسكوني الأول بنيقية عام 325 م. البند رقم 5 [1] وهو رئيس المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية أعلى سلطة في الكنيسة الإسكندرية.

 انتخاب البابا المعمول بها حالياً يكون وفقا للائحة 1957 و التي حاول الكثيرون تعديلها في عهد قداسة البابا و بعد انتقاله رفض المجمع المقدس تعديلها بقولهم انها اللائحة التي أتت بإثنين من أعظم بطاركة الكنيسة وهم البابا كيرلس السادس والبابا شنوده الثالث .
تقول‏ ‏اللائحة‏ ‏الحالية في مادتها الثانية أنه: يشترط فيمن يرشح للكرسى البطريركى :
أ ـ أن يكون مصرياً قبطياً ارثوذكسياً .
ب ـ أن يكون من طغمة الرهبنة المتبتلين الذين لم يسبق لهم الزواج سواء كان مطراناً أو اسقفاً أو راهباً ، وأن تتوافر فيه جميع الشروط المقررة فى القوانين والقواعد والتقاليد الكنسية .
ج ـ أن يكون قد بلغ من العمر أربعين سنة ميلادية على الأقل عند خلو الكرسى البطريركى ، وأن يكون قد قضى فى الرهبنة عند التاريخ المذكور مدة لا تقل عن 15 عاماً
                   كما كان قبل انتخاب البابا كيرلس السادس هكذا يكون اليوم نفس الخلافات و الإعتراضات التي طرأت على الساحه بدأت تطفو عل السطح . فريق يرفض أن يكون اختيار البابا من طغمة الاساقفه و يتمسكون بأن يكون البابا راهبا – ليس أسقفاً -  قبل رسامته مثل قداسة البابا كيرلس  والذي كان راهبا متوحدا وآخرون لا يشترطون هذا و يقبلون فكرة ان يتقدم اسقف الإيبارشية لمنصب البابا البطريرك و هو ما حدث بالفعل مع اربعة بطاركة من قبل في التاريخ و هناك من يأخذ الفكرة الوسطية بجواز ان يكون اسقفا على ان يكون من الاساقفة العموميين كما حدث مع مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث الذي كان أسقفا عاما للتعليم ..و اشتد الصراع بين الفئات الثلاثة وبدأت حرب و ان بدت هادئة غير معلنة – حتى الآن -  لكنها ظهرت بوضوح على صفحات الجرائد و لا سيما على شبكة الانترنت كلا بحجته و اسانيده .

     فمن يؤيد فكرة ان يكون البابا من الرهبان فقط ، يستند الى منشور نسب للمتنيح القمص بيشوي كامل ، وزع في الاسكندرية في الماضي قبل انتخاب البابا كيرلس السادس يوضح مدى الاهمال الذي حدث في الابارشيات التي تركها آبائها الاساقفة عندما اعتلوا كرسي البابوية     
 وهناك من الفريق الآخر من استند لحديث أجراه مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث مع الصحفى جابر القرموطى (برنامج مانشيت) أكتوبر 2009: "الكاثوليك كل بطاركتهم بلا استثناء كانوا مطارنه.. الأرثوذكس على نوعين: أرثوذكس غربيين وأرثوذكس شرقيين . الأرثوذكس الشرقيين زى السريان والأرمن والأحباش، وما إلى ذلك كل دول بطاركتهم كانوا مطارنه أو أساقفه بلا استثناء الأرثوذكس الغربيون مثل الروس والرومان والبلغار واليونان كلهم بلا استثناء كانوا أساقفه.. بعد ما قلناه من إتجاهات كل الكنائس العالمية فهل نقول إن كل الكنائس العالميه أخطأت حينما اختارت المطارنه يكونوا بطاركه أو أن وضع كل الرئاسات الكنسية فى العالم خاطئ؟ مستحيل طبعاً!.. أو أنه كلهم خالفوا قوانين الكنيسة؟ طبعاً مستحيل".
فالنظرة التاريخية لهذا الأمر فى كنيستنا القبطية سنجد أن الغالب فى الآباء البطاركة أن يكونوا من طغمة الرهبان ولكن إذا وصل للكرسى أسقف عام أو أسقف إيبارشية لن تكون السابقة الأولى فى تاريخ كنيستنا القبطية..

البطاركة الذين كانوا مطارنة لإيبارشيات فى تاريخ كنيستنا هم: البابا بطرس الجاولى 109 كان مطراناً لأثيوبيا –– البابا يؤانس 113 كان مطران للبحيره – البابا مكاريوس 114 كان مطران لأسيوط – البابا يوساب 115 كان مطران لجرجا.. كما يتلاحظ أنه عند ترشيح قداسة البابا شنوده للبطريركية كان معه من بين المرشحين للكرسى مطارنة وأساقفة إيبارشيات..كالمتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف .
- البطاركة الذين كانوا أساقفة عموميين: البابا كيرلس الرابع أبو الإصلاح 110 تمت رسامته مطران عام لمصر للتحايل على رفض الخيوى لرسامته بطريرك ثم تم تنصيبه بطريرك بعدها بفترة – البابا شنوده الثالث 117 كان أسقف عام للتعليم..
الإشكالية الأخرتى في رأي البعض تدور حول التساؤل : هل كل الشعب من حقه أن ينتخب البطريرك أم مجموعة منتقاة أم المجمع المقدس فقط؟
تنص المادة الثامنة من اللائحة على ضرورة أن يعد بديوان البطريركية جدول لقيد أسماء الناخبين ، ويشترط فى الناخب أن يكون مصرياً قبطياً ارثوذكسياً ، وأن يكون معروفاً بصادق إيمانه واتصاله المستمر بالكنيسة ، وألاَّ يكون قد سبق الحكم عليه فى جناية أو جنحة ماسة بالشرف.بالإضافة إلى ما تقدم فإنه يشترط فيمن يقيد بجدول الناخبين من الأراخنة:

أ ـ أن يكون قد بلغ من العمر خمسة وثلاثون سنة ميلادية على الأقل فى تاريخ خلو الكرسى البطريركى
ب ـ أن يكون حاصلاً على شهادة دراسية عالية أو أن يكون موظفاً حالياً أو سابقاً فى الحكومة المصرية والهيئات ولا يقل مرتبه عن أربعمائة وثمانون جنيهاً سنوياً ، أو موظفاً بأحد المصارف أو الشركات أو المحال التجارية أو ما يماثلها ولا يقل مرتبه عن ستمائة جنيه سنوياً ، أو يكون ممن يدفعون ضرائب لا تقل عن مائة جنيه سنوياً ويشترط فى الحالة الأخيرة أن يكون الناخب ممن يجيدون القراءة والكتابة
ج ـ أن يتم اختياره بمعرفة إحدى الجهات الموكول اليها ذلك فى المادة التالية وبالطريقة التى تحددها لجنة الترشيح
في المادة التاسعة يحدد الفئات التي تختار من الناخبين فتنص على أنه: تقوم بتحرير جدول الناخبين لجنة تؤلف من ثلاثة من رجال الدين وإثنين من أعضاء المجلس الملِّى العام أو نوابه الحاليين أو السابقين ، ويختار القائمقام البطريرك أعضاء اللجنة وتكون رئاستها لأعلى رجال الدين من أعضائها رتبة أو لأقدمهم رسامة وتقوم هذه اللجنة طبقاً للبيانات الكتابية التى تتلقاها بقيد اسماء الناخبين من الفئات الأتية
المطارنة والأساقفة ورؤساء الأديرة ووكلائها وأمنائها
أعضاء المجلس الروحى بالقاهرة ووكلاء المطرانيات ووكلاء الشريعة فى المدن والبنادر
أربعة وعشرون كاهناً من كهنة القاهرة وسبعة من كهنة الإسكندرية
الوزراء الأقباط الحاليين والسابقين ، وأعضاء مجلس الأمة الحاليين من الأقباط
أعضاء ونواب المجلس الملِّى العام الحاليين والسابقين
إثنين وسبعين من أراخنة مدينة القاهرة ، وأربعة وعشرين من أراخنة مدينة الإسكندرية تختارهم لجنة الترشيح
إثنى عشر من أراخنة كل ابروشية فى الجهات الأخرى تختارهم لجنة برياسة مطران أو اسقف الأبروشية وعضوية خمسة من الأراخنة الذين يختارهم المطران أو الأسقف المذكور لهذا الغرض
أصحاب الصحف ورؤساء تحريرها ومحررى الصحف اليومية من الأقباط بشرط أن يكونوا أعضاء فى نقابة الصحفيين
وتقيد أسماء الناخبين من الفئات الخمس الأولى بناء على بيانات من القائمقام البطريرك
كما تقيد أسماء الناخبيين من الفئة السادسة بناء على بيانات لجنة الترشيح
ومن الفئة السابعة بناء على بيانات المطران أو الأسقف حسب الأحوال
ومن الفئة الثامنة بناء على بيانات نقابة الصحفيين

ويحصل القيد بدون رسم ، ويجب أن يتم خلال شهرين من تاريخ خلو الكرسى البطريركى
وهناك من يرى ضرورة أن يختار الشعب كله راعيه ولكن في النظرة المتأنية الهادئة الفاحصة للأمور و لا سيما ما نراه في الإنتخابات التي تدور خارج الكنيسة أنه اذا تركت الإنتخابات لكل فئات الشعب سيحدث تحزبات و تشنجات وربما تشويه من أنصار كل مرشح للآخر وسيخرج الأمر من العمل الروحي المبني على ثقة الشعب في اختيار الله الى تجريح في رجال الله قد يصل الى اتهامات باطلة بالتزوير مثلا و التي ستعطي الفرصة للشيطان ليمزق الكنيسة وفي هذا الصدد قال قداسة البابا شنوده فى عظته بتاريخ 28-10-2009 "البعض افتكر أن الديمقراطية معناها كل الشعب ينتخب الرتب الكنسية الكبيرة.. رتبة رؤساء الكنائس لا تترك لعامة الشعب الذين لا يعرفون ما هى اختصاصات القائد الدينى فاختيار البطريرك المفروض أن يكون من القاده الناضجين. تصوروا مثلاً الكنيسة الكاثوليكية وهى أكثر الكنائس عدداً، الكنيسة دى لا يختار البابا إلا الكرادلة فقط.. نقول ديمقراطية؟؟.. ليه هما بينتخبوا لجنة شعبية.. أن يكون الأمر فى عمومية الناس دول سهل التأثير عليهم وقيادتهم وتوجيههم وده منقبلوش".

يقول الأنبا بفنوتيوس أسقف سمالوط فى كتابه "حتمية النهوض بالعمل الكنسى" أن القائمين بالترشيح والناخبين أنفسهم هم من زمرة الإكليروس وهم بدروهم القادرون على اختيار شريكهم فى الخدمة السرائرية بطريركاً عليهم، إذ أن إقحام عامة الشعب فى هذا الأمر لم تمدحه أقوال الآباء السابقين لما قد ينتج عنه من تدخل العصبيات والأهواء ثم أن أفراد الشعب تغيب عنه ضوابط الأهلية لهذا المنصب الخطير والكبير وكذا الصلاحيات المطلوب فيه، فلم يشترك الشعب من واقع أحكام الإنجيل فى اختيار ثانى عشر الرسل متياس بدلاً من يهوذا الساقط ( أع 1 : 15-25 )".
نحن نثق يا أحبائي أن الإختيار سيكون لله لأن اختيار رئيس الكنيسة المنظورة هو مسئولية الله نفسه لذا فلانخشى  او نضطرب او نخاف الا اذا تقاعسنا في دورنا و مسئوليتنا الوحيدة في ان نطرح الامر بلجاجة امام الله بالصلاه والدموع  والطلبه ليكون البابا الجديد حسب قلب الله . التاريخ يوضح أن هناك من البطاركة من كانوا من الشمامسة او الخدام او الاراخنه  بل وحتى من العلمانيين أو بالطبع من الاساقفه او من الرهبان جميعهم كان بينهم عامل مشترك ، من اختارهم الروح القدس كانوا عظماء اما من اختاروا انفسهم او اختيروا حسب معايير الناس ، تعبوا و اتعبوا الكنيسة. لذا فلندع الله يختار ما هو الصالح لنا ولزماننا.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع