فرانسوا باسيلي
يروج البعض في الفيسبوك، أن جورج فلويد كان "صاحب سوابق" حيازة مخدرات وغيرها، وكأنهم بهذا قد أفحموا الملايين التي خرجت في مدن أمريكا والعالم قائلين لهم أن غضبهم ليس مبرراً، فالرجل لم يكن ملاكاً.
فلنفترض حسن النية في أصحاب هذا الموقف ونوضح لهم التالي:
لم يقل أحد أن جورج فلويد بطل، ولا قال أحد أنه قديس أم ملاك
.
من هو جورج فلويد إذن؟
جورج فلويد هو ضحية للعنصرية البشعة والقتل الوحشي علي يد رجل بوليس يمثل القانون والعدالة راح يقتل رجلا لمدة أكثر من 8 دقائق بدم بارد وهو يضع يده في جيبه وركبته علي رقبة ضحيته، ثم تركوا هذا القاتل يذهب إلي بيته لينام في سريره، بينما نام جورج فلويد في ثلاجة الموتي.
يستغربون لماذا يرسم الناس لوحات وجداريات لجورج فلويد، ولماذا كتبوا القصائد عنه، ولماذا يرفعون إسمه وصوره في المسيرات.
السبب أن جورج فلويد قد تجاوز حالة الإنسان وارتفع ليتقمص حالة الرمز الإنساني.
لقد صار أكبر من مجرد شخص، صار أكبر من موته، صار قضية، وصار تعبيراً عن قضية إنسانية قديمة حديثة خالدة، هي قضية ظلم الإنسان لأخيه الإنسان.
لو كان جورج فلويد أبيض البشرة، لغضبنا وغضب الناس لحادثة قلته البشعة كل الغضب.
ولكن لأن جورج فلويد رجل أسود البشرة، ولأنه من السود الأمريكان بالذات، ولأن رجلا مثله تماما قتلوه من أربع سنوات وهو يصرخ بنفس العبارة، "لا استطيع التنفس" ولم يسجن الضابط الذي قلته يوماً واحداً، أصبحت القضية إمتداداً لقضية السود الأمريكان منذ أن أحضروهم مخطوفين من إفريقيا منذ 400 سنة ليباعوا في مزادات بيع العبيد في شوارع أمريكا.
ولتعرف أن العنصريين ما زالوا موجودين في أمريكا فبالأمس فقط أزيلت بعض التماثيل لمن كانوا يحاربون ضد ابراهام لنكلن، يحاربون دفاعاً عن الإبقاء علي نظام العبودية في أمريكا، هؤلاء لهم تماثيل في بعض ولايات الجنوب إلي اليوم، ويزال بعضها تدريجياً رغم مقاومة العنصريين لذلك، تحت إدعاء أن هؤلاء أبطال كانوا يدافعون عن حق ولايات الجنوب في الأبقاء علي العبيد لديهم.
إذن فعمل الرسوم لوجه جورج فلويد علي جدارية أو كتابة قصيدة أو رفع إسمه في اليفط في المسيرات أو إطلاق إسمه علي شارع، كل هذه هي للإبقاء علي ذكري ضحية أصبح رمزاً لضحايا العنصرية والوحشية في كل مكان، فلا يصح أن ننسي ما حدث ولا الأسباب الخلفية له، حتي يمكن للناس تحفيز المسؤولين علي القيام بتصحيح الخلل في مسيرة الحضارة الإنسانية.
هذه هي طبيعة الشعوب الحية التي ترفض الظلم، ولكن حتي هذه الشعوب ستجد فيها من لا يعرفون تاريخ العنصرية والعبودية، وستجد فيها من يعرفون لكنهم لا يهتمون، وستجد فيها من يعرفون ومع ذلك يلومون الضحية، وبذلك يشجعون إستمرار الظلم والقهر.
لهم أقول: لا تقفوا في معسكر القتلة.
